تحذير لمرتادي المناطق الطبيعية.. هذا "السلوك العشوائي" قد يتحول إلى كارثة في لحظة

تدخلت فرق الدفاع المدني في منطقة الباحة مساء اليوم بسرعة كبيرة بعد تلقي بلاغ عن اندلاع حريق في منطقة جبلية بمحافظة بلجرشي، حيث تمكنت من احتواء الحريق ومنع انتشاره إلى مناطق مأهولة، في عملية وُصفت بالاحترافية والفعالة، ساهمت في الحد من أضراره دون وقوع أي خسائر بشرية.
وبحسب ما أفادت به المديرية العامة للدفاع المدني، فإن الحريق اندلع في منطقة تكثر فيها الأشجار والأعشاب الجافة، ما ساعد على انتشار ألسنة اللهب بسرعة بفعل الرياح، قبل أن تتمكن الفرق الميدانية من تطويق النيران، والسيطرة عليها بشكل كامل بعد ساعات من العمل المتواصل.
إقرأ ايضاً:في هذا الموعد .. خط جديد لمترو الرياض يقلب مشهد النقل في العاصمةوزارة الزراعة تطلق جولة رقابية مشددة.. حملة مفاجئة لفحص المحاصيل في وادي قديد
وأوضح الدفاع المدني أن البلاغ ورد في توقيت حساس من اليوم، حيث تم رصد أعمدة الدخان تتصاعد في منطقة وعرة التضاريس، مما تطلب تدخلًا سريعًا ومكثفًا من عدة وحدات دعم وإنقاذ، تم استنفارها من مراكز متعددة لتسريع عمليات الإخماد، والحيلولة دون تمدد الحريق إلى مواقع سكنية أو مرافق حيوية قريبة.
وقد أكد المتحدث الرسمي باسم الدفاع المدني أن العمليات تمت بنجاح، ولم تُسجل أي إصابات بشرية، مشيرًا إلى أن السلامة العامة كانت الهدف الأول منذ لحظة ورود البلاغ وحتى إعلان الانتهاء من عملية الإخماد، وسط تنسيق متكامل مع الجهات المختصة في المنطقة لضمان تأمين الموقع.
وشهد موقع الحريق انتشارًا مكثفًا لآليات الإطفاء والفرق الأرضية، مدعومة بمعدات متقدمة للسيطرة على النيران، خاصة في ظل التحديات التي فرضتها الطبيعة الجغرافية للمنطقة، والتي تميزت بانحدارات شديدة وغابات كثيفة، ما تطلب جهدًا ميدانيًا مضاعفًا من عناصر الدفاع المدني.
ويُعد هذا الحادث هو الأحدث في سلسلة من حرائق الغابات والمناطق الطبيعية التي تشهدها المملكة بين الحين والآخر، خاصة خلال فترات الصيف، حيث ترتفع درجات الحرارة وتتراجع معدلات الرطوبة، مما يجعل الأعشاب والأشجار أكثر قابلية للاشتعال، ويزيد من احتمالية اندلاع حرائق عفوية.
وسبق لمنطقة الباحة أن شهدت حوادث مماثلة في الأعوام الماضية، إلا أن الجاهزية العالية التي باتت تتمتع بها فرق الدفاع المدني، إلى جانب التحديث المستمر في المعدات والآليات، ساهم في تقليص الآثار المحتملة لمثل هذه الحوادث، وتسريع عملية التدخل والاحتواء في مراحلها الأولى.
وفي هذا السياق، دعا الدفاع المدني المواطنين إلى ضرورة الإبلاغ الفوري عن أي مؤشرات لحريق أو تصاعد دخان، وعدم التردد في التواصل مع الجهات المختصة، مشددًا على أهمية الوعي المجتمعي في مثل هذه الحالات، وضرورة التعاون من الجميع للحفاظ على البيئة وسلامة الأرواح والممتلكات.
ومن جهة أخرى، ناشدت الجهات المختصة بعدم إشعال النار في المناطق الطبيعية أو الجبلية بغرض الطهي أو التخييم دون اتباع وسائل السلامة، محذّرة من أن الإهمال أو التصرفات العشوائية قد تتحول في لحظة إلى كارثة يصعب احتواؤها، خاصة في الأماكن المفتوحة أو شديدة الجفاف.
وقد لاقت سرعة الاستجابة من فرق الدفاع المدني إشادة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر المواطنون والمقيمون في محافظة بلجرشي عن ارتياحهم لعدم تسجيل أي إصابات، وشكروا الجهات الأمنية والفرق المشاركة على تفانيهم وسرعة تدخلهم في احتواء الحريق.
ويرى مراقبون أن تكثيف الجهود الوقائية، بما في ذلك مراقبة المناطق المعرضة للاشتعال، وتوعية مرتادي الأماكن الطبيعية بأهمية الالتزام بتعليمات السلامة، يمثلان عاملين حاسمين في الحد من حوادث الحرائق الموسمية، والتي غالبًا ما تكون ناتجة عن عوامل بشرية أكثر من كونها طبيعية.
وتستعد مديريات الدفاع المدني في مختلف مناطق المملكة بشكل استباقي مع بداية كل صيف، من خلال خطط طوارئ وتجهيزات فنية، بالإضافة إلى تدريبات ميدانية منتظمة تهدف إلى ضمان جهوزية الفرق في التعامل مع جميع السيناريوهات المحتملة، سواء كانت حرائق غابات أو منشآت أو سكنية.
ويأتي هذا التحرك ضمن رؤية شاملة تستهدف رفع مستوى السلامة العامة، وتعزيز الوعي البيئي لدى الأفراد والمجتمع، بما يواكب تطلعات المملكة في الحد من المخاطر الطبيعية، ويعكس كفاءة واستجابة الأجهزة المعنية في حماية الإنسان والبيئة والممتلكات.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه الجهات المعنية انتهاء أعمال الإطفاء بشكل كامل، تستمر عمليات التبريد في موقع الحريق لضمان عدم اشتعال النيران مجددًا بفعل الرياح أو الحرارة، كما يجري تقييم الأضرار البيئية الناتجة عن الحريق، والعمل على إعادة تأهيل الموقع من خلال حملات تشجير مستقبلية.
وأعاد الحادث التذكير بأهمية التحلي بالمسؤولية المجتمعية، خاصة من قبل المتنزهين والرحالة، الذين يرتادون المناطق الطبيعية بكثافة في عطلات الصيف، إذ أن اتخاذ أبسط تدابير السلامة يمكن أن يكون سببًا في منع حريق كبير أو كارثة بيئية قد تؤثر على النظم الطبيعية للمنطقة.
وفي هذا السياق، شددت وزارة الداخلية على ضرورة الالتزام بالتعليمات الصادرة بشأن منع إشعال النار أو التدخين في الغابات والمتنزهات العامة، كما دعت إلى الاستفادة من الحملات التوعوية التي تطلقها باستمرار بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية والأهلية، بهدف تعزيز ثقافة السلامة والوقاية لدى الجميع.