في أضخم عملية هيكلة.. "التعليم" تقرر إلغاء 31 إدارة و138 مكتب تعليم.. فما هو السبب؟

في خطوة تعكس الرؤية الطموحة للمملكة نحو مستقبل تعليمي أكثر تطورًا، تواصل وزارة التعليم تحركاتها لتجسيد مبادرة "تمكين المدرسة"، بوصفها تحولًا مؤسسيًا جوهريًا يستهدف تعزيز الاستقلالية والحوكمة والكفاءة التشغيلية في المنظومة التعليمية.
ويأتي هذا التحول في صميم مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تضع تنمية الإنسان في قلب أولوياتها، عبر تمكين المدرسة لتصبح مركز اتخاذ القرار التربوي والتعليمي، لا مجرد منفّذ لتوجيهات مركزية.
إقرأ ايضاً:حتى بوجود "رونالدو".. النصر يفشل في تحقيق البطولات.. والإدارة تبدأ "عملية التغيير" بهذا القرارالتقارير الطبية تحسم الأمر.. هل يشارك تمبكتي في مباراة باتشوكا الحاسمة؟
وتسير وزارة التعليم، بالشراكة مع إدارات التعليم، نحو مرحلة جديدة من تفويض الصلاحيات وتحرير قدرات المدارس، بما ينعكس مباشرة على جودة التعليم وتحسين نواتج التعلّم لدى الطلاب.
وتُعد مبادرة "تمكين المدرسة" من أبرز التحولات النوعية، حيث تهدف إلى خلق نموذج مؤسسي متطور، يُعيد توزيع الأدوار، ويمنح صناع القرار في الميدان قدرة أكبر على الاستجابة لاحتياجات مدارسهم وطلابهم.
وقد اعتمدت الوزارة حزمة من القرارات الجريئة ضمن هذا التوجه، من بينها تفويض صلاحيات واسعة لمديري التعليم، تشمل إصدار قرارات إغلاق المدارس وإنهاء التكليفات، مما يمنح الإدارات قدرة أكبر على اتخاذ قرارات عاجلة وفاعلة.
وفي إطار تعزيز الحوكمة، أُقرَّ العمل على تقليص عدد إدارات التعليم إلى 16 إدارة فقط، مع إلغاء 31 إدارة تعليم بمحافظات و138 مكتب تعليم، في خطوة تهدف إلى رفع الكفاءة وتقليل التكرار الإداري.
وانطلقت خطة التحول المؤسسي عبر أربع مراحل متسلسلة، بدأت بـ"مرحلة التجهيز للأنظمة"، التي اكتملت في غضون 70 يومًا، لتدخل فعليًا حيز التنفيذ مع مطلع يناير 2025، وفق جدول زمني مدروس.
وتمت صياغة خطة التحول بما يراعي خصوصية كل منطقة تعليمية، ويُحدد بشكل دقيق أدوار كل جهة معنية، مما يضمن مرونة التنفيذ مع المحافظة على وحدة الرؤية والأهداف.
ويعكس هذا التحول قناعة الوزارة بأن المدرسة ليست مجرد مبنى للتعليم، بل كيان مؤسسي متكامل، قادر على التخطيط والتنفيذ والتقويم متى ما أُتيح له هامش كافٍ من الحرية الإدارية والدعم المؤسسي.
كما يهدف هذا التمكين إلى تطوير المهارات القيادية للكوادر التربوية، وتوفير بيئة عمل أكثر جاذبية ومحفّزة، تنعكس إيجابًا على الأداء التعليمي والمناخ المدرسي.
وتحرص الوزارة على تعزيز شراكة أولياء الأمور في العملية التعليمية، بوصفهم شركاء في صناعة نجاح المدرسة، لا متلقين سلبيين لنتائجها، وهو ما يجسد فلسفة التعليم الحديث.
ويُشكل رفع كفاءة الإنفاق أحد أركان التحول، حيث تذهب الموارد مباشرة إلى المدارس، وفق أولويات مدروسة، بعيدًا عن التعقيدات البيروقراطية والهياكل الإدارية المتعددة.
ويرى الخبراء أن تمكين المدرسة يشكل رهانًا حقيقيًا على النهوض بالتعليم من القاعدة، عبر تركيز الجهود على موقع الأثر المباشر، وهو المدرسة والمعلم والطالب.
وتواصل وزارة التعليم العمل على بناء نموذج وطني متميز، يتكامل مع التوجهات العالمية في التعليم، ويُترجم تطلعات القيادة نحو مجتمع معرفي مبدع ومنتج.
ومع تصاعد التحولات، يبقى تمكين المدرسة حجر الزاوية في صناعة تعليم رائد، ينقل المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة في جودة التعليم، ويصنع فارقًا حقيقيًا في مستقبل الأجيال.