ظاهرة فلكية نادرة في سماء المملكة في هذا الوقت.. "مشهد سماوي لا يُفوت"

تشهد سماء المملكة، فجر يوم الاثنين، عرضًا فلكيًا نادرًا يجمع بين الجمال والغموض، حيث يلتقي هلال القمر المتناقص بعنقود النجوم الشهير "الثريا"، أو ما يُعرف في الموروث العربي بـ"الشقيقات السبع" في مشهد لا يُفوّت.
ويكتسب هذا الحدث بُعدًا بصريًا ساحرًا، إذ لا يكتفي القمر بالمرور بجوار الثريا، بل يتجاوزها ليحجب بعضًا من نجومها المتلألئة في ظاهرة نادرة تُعرف علميًا بـ"الاحتجاب"، حيث تختفي النجوم واحدة تلو الأخرى خلف حافة القمر، في استعراض كوني مهيب.
إقرأ ايضاً:"عرض لا يرفض".. صندوق الاستثمارات يتحرك بشكل سريع لحسم انتقال ميسي إلى الدوري السعودي"الإنسانية أولاً".. مشهد لافت في الحدود السعودية يروي قصة التعامل مع الحجاج الإيرانيين بعد أداء المناسك
رئيس الجمعية الفلكية بجدة، المهندس ماجد أبو زاهرة، أوضح أن هذا اللقاء السماوي النادر سيكون مرئيًا بالعين المجردة في مختلف مناطق المملكة، ما بين الساعة الرابعة والربع والخامسة صباحًا، بشرط توفر أفق شرقي مكشوف وخالٍ من التلوث الضوئي.
وأشار إلى أن القمر سيظهر في الأفق كهلال نحيل يتلألأ في الضوء الباهت للفجر، بينما تتناثر بالقرب منه مجموعة من النجوم الزرقاء التي تبدو كعنقود مضيء يطفو بهدوء على خلفية السماء الصامتة، في لوحة طبيعية تأسر الأعين.
ويُعد هذا النوع من الظواهر نادرًا في توقيته وتفاصيله، حيث لا يتكرر كثيرًا أن يتلاقى القمر والثريا بهذا القرب وفي هذا التوقيت تحديدًا، ما يضفي على المشهد قيمة فلكية وجمالية فريدة تستحق المشاهدة والتوثيق.
ومن اللافت أن الاحتجاب لن يحدث مرة واحدة، بل سيبدو كعرض تدريجي تختفي فيه نجوم الثريا تباعًا خلف القمر، ثم تظهر مجددًا من الجهة الأخرى بعد مرور القمر أمامها، ليصبح المشهد بمثابة "خسوف جزئي للنجوم" لا تراه العين إلا نادرًا.
وستكون هذه الظاهرة مرئية أيضًا في عدد من الدول العربية، من شمال إفريقيا إلى المشرق العربي، لكن بتفاوت طفيف في التوقيت، وفقًا لاختلاف خطوط الطول والموقع الجغرافي لكل دولة.
وينصح الفلكيون بمراقبة السماء من أماكن مفتوحة وبعيدة عن إضاءة المدن، حيث تكون الرؤية أوضح والنجوم أكثر سطوعًا، كما يُمكن ملاحظة "ضوء الأرض"، وهو وهج خافت يضيء الجزء المظلم من القمر، ويضفي عمقًا بصريًا للمشهد.
الثريا، التي طالما تغنّى بها الشعراء واحتفى بها الرواة، ليست مجرد زينة في سماء الليل، بل هي عنقود نجمي حقيقي يضم ما يزيد عن ألف نجم، بينما يمكن للعين المجردة أن ترى سبعة منها فقط، في ليالٍ صافية وخالية من السحب.
وتُصنف الثريا ضمن أقدم التشكيلات النجمية التي عرفها الإنسان، إذ ذُكرت في الأساطير الإغريقية والأدب العربي، وكانت تُستخدم قديمًا في الملاحة وتحديد المواسم الزراعية من خلال ظهورها في فصول محددة.
ويؤكد علماء الفلك أن مثل هذه الأحداث تفتح نافذة نادرة على جمال الكون، وتقرّب العامة من فهم الظواهر السماوية بطريقة بصرية سهلة ومُبهرة، دون الحاجة إلى أدوات معقدة أو تلسكوبات متقدمة.
ويُتوقع أن يجذب هذا اللقاء النادر اهتمام الهواة والمصورين الفلكيين، خاصةً من هواة التصوير الليلي، الذين يحرصون على توثيق هذه اللحظات الفريدة ونشرها في منصات التواصل الاجتماعي.
ويعد ظهور القمر بجانب الثريا رمزًا للتناغم الكوني، حيث تتقاطع مسارات الأجرام السماوية في لحظة زمنية محسوبة بدقة، تُظهر مدى انضباط هذا الكون الواسع وتفاصيله الساحرة.
هذا اللقاء الفلكي لا يضيف فقط إلى دفتر الظواهر السماوية التي تشهدها المملكة، بل يعكس أيضًا شغف المجتمع العلمي المحلي برصد هذه الظواهر ومشاركتها مع الجمهور بأسلوب بسيط وعلمي في آنٍ معًا.
ومع انقضاء هذه اللحظات الفريدة، يبقى الأثر البصري والروحي لمثل هذه المشاهد محفورًا في الذاكرة، كتذكير خفي بأن فوق هذا العالم ضوءًا أبديًا لا ينطفئ، وأن في السماء دائمًا ما يُدهشنا.