هل خطط إجازتك الصيفية في خطر؟ تصعيد إقليمي مفاجئ يدفع مئات العائلات لإلغاء حجوزاتها

أدت الضربات العسكرية الأمريكية التي استهدفت مواقع في إيران فجر الأحد إلى إرباك واسع في قطاعي السياحة والطيران داخل السعودية وعدد من الدول الخليجية، حيث سارعت وكالات السفر إلى التعامل مع موجة جماعية من الاتصالات التي تركزت على إلغاء أو تأجيل خطط السفر الصيفية، في ظل التوتر الإقليمي المتصاعد، وقد انعكست هذه التطورات فورًا على قرارات كثير من المسافرين الذين أبدوا تخوفهم من السفر عبر مناطق قريبة من بؤر التوتر أو من المرور فوق أجواء مجاورة لإيران.
وأكد مسؤولون في وكالات سفر في مدن سعودية كبرى مثل الرياض وجدة والخبر أن الساعات الأولى من صباح الأحد شهدت تدفقًا لافتًا للاتصالات من العملاء، حيث تراوحت ردود الفعل بين طلبات إلغاء فورية للرحلات، أو تأجيلها إلى إشعار آخر، مع التماس استرداد كامل أو جزئي لقيمة الحجوزات، وقال أحد مديري الوكالات إن الوضع تغير تمامًا في غضون ساعات قليلة، بعد أن تصدّرت أخبار الهجوم عناوين وسائل الإعلام المحلية والعالمية.
إقرأ ايضاً:هل سئمت من تكاليف الإيجار؟ "أمانة جازان" تطلق حلاً مبتكراً يحرر أصحاب الأعمال من قيود المحلاتالسجن 15 عاماً وغرامة مليون ريال.. "الداخلية" تطلق تحذيراً شديد اللهجة لمن يقوم بهذا الفعل
وأشار إلى أن شركته تلقت خلال وقت قصير أكثر من 120 اتصالًا من عملاء غالبيتهم كانوا قد حجزوا للسفر خلال عطلة نهاية الأسبوع أو في بدايات الأسبوع المقبل، وهو ما اضطر الوكالة إلى استنفار كامل موظفيها من أجل تنظيم عمليات الإلغاء والتأجيل، وأضاف أن الوجهات الأكثر تضررًا كانت تركيا، وجورجيا، وأذربيجان، وبعض دول أوروبا الشرقية، وهي المناطق التي تمر غالبًا رحلاتها في أجواء قريبة من مسرح التوترات.
وفي السياق ذاته، كشف مسؤول الحجوزات الخارجية في إحدى وكالات السفر بجدة عن ارتفاع كبير في الاستفسارات حول وجهات بديلة، حيث فضّل العديد من العائلات التي كانت تخطط لقضاء عطلاتها الصيفية في الخارج، التراجع عن وجهات كانت تُعتبر في السابق آمنة، وأوضح أن الدول التي بدأت تبرز كخيارات مفضلة حاليًا شملت الإمارات ومصر وتايلند وإندونيسيا، في ظل شعور عام بأنها بعيدة نسبيًا عن مناطق الخطر المحتملة.
وقال إن الكثير من العملاء أبدوا استعدادهم لتغيير وجهاتهم حتى وإن ترتب على ذلك خسارة جزء من تكلفة الحجز، مؤكدًا أن حالة من الحذر تسود الأجواء، لا سيما في أوساط العائلات التي تراعي عوامل السلامة قبل أي شيء آخر، ولفت إلى أن الحجوزات الجماعية التي تشمل أسرًا أو مجموعات سياحية كانت الأكثر إلغاءً، بعكس الرحلات الفردية التي لم تتأثر بنفس الوتيرة.
من جهتها، بدأت شركات الطيران الخليجية في التنسيق مع الهيئات الجوية المختصة لمراجعة مسارات الطيران، والتأكد من تجنب الأجواء التي قد تشهد تهديدات أمنية محتملة أو تأثرًا بالتصعيد العسكري، وأوضح مصدر في شركة طيران خليجية كبرى أن فرق الطوارئ المعنية بسلامة الرحلات دخلت في اجتماعات مستمرة لتقييم الوضع أولاً بأول، ومراجعة الخيارات المتاحة لتقليل المخاطر.
وأشار إلى أن بعض شركات الطيران اتخذت قرارات فورية بتعديل مسارات الرحلات إلى وجهات محددة، مؤكدًا أن أي قرار يتعلق بتغيير المسار الجوي يُتخذ بناءً على توصيات الجهات الرقابية الدولية والتقديرات الأمنية الصادرة عن السلطات المحلية، وقال إن الأولوية القصوى تظل دائمًا لسلامة الركاب وأطقم الطيران.
ويرى خبراء في قطاعي السياحة والطيران أن مثل هذه التطورات الجيوسياسية تؤثر بشكل مباشر وسريع على حركة السفر، لاسيما خلال مواسم الإجازات، وأكدوا أن تصاعد التوتر في مناطق حيوية قد يُعيد ترتيب أولويات شركات السياحة، مع مراجعة استراتيجيات التسويق، والتركيز على وجهات داخلية أو دول آمنة تحظى بثقة المسافرين.
وأوضحوا أن المرونة في سياسات الإلغاء والتعديل أصبحت ضرورة في ظل هذا الواقع، حيث تسعى الشركات إلى الحفاظ على ولاء عملائها من خلال تقديم خيارات بديلة، أو تسهيلات تساعد على امتصاص أثر الإلغاء الجماعي، مشيرين إلى أن تعامل الشركات مع مثل هذه الأزمات يُعد اختبارًا حقيقيًا لاحترافيتها واستجابتها السريعة.
ويُرجح أن يترك هذا الحادث أثرًا طويل المدى على خطط الصيف، إذ عادة ما تُحجز الرحلات في هذه الفترة بشكل مكثف مع بداية موسم الإجازات، ويُخشى أن يدفع القلق المتصاعد المسافرين إلى التريث، أو الإحجام عن السفر مؤقتًا إلى حين اتضاح الصورة السياسية والعسكرية في المنطقة.
كما حذر المراقبون من احتمال أن تتأثر شركات الطيران بانخفاض الطلب على السفر، خاصة على الخطوط التي تمر عبر الأجواء القريبة من مناطق النزاع، وقد يتطلب ذلك تخفيض عدد الرحلات، أو إعادة توزيع الطائرات على وجهات مختلفة أكثر طلبًا، بما يضمن تشغيلًا اقتصاديًا فعّالًا.
في المقابل، تُبدي بعض شركات السفر استعدادها لتقديم عروض ترويجية لوجهات بديلة آمنة، في محاولة لإنعاش الحجوزات وتحفيز المسافرين على اتخاذ قراراتهم سريعًا، ويأمل القائمون على القطاع أن تكون هذه الأزمة مؤقتة، وألا تؤدي إلى خسائر كبيرة في موسم الصيف الذي يُعد من أهم الفترات التشغيلية في العام.
ويترقب المسافرون القادمون من السعودية ودول الخليج أي تطورات جديدة على الساحة الإقليمية، في ظل أنباء عن احتمالات ردود فعل إيرانية قد تُعقّد الوضع أكثر، وتُتابع الجهات الرسمية تطورات الوضع عن كثب، وسط تأكيدات بأن الأمن والسلامة يحتلان رأس أولويات جميع الخطط التشغيلية في المرحلة المقبلة.