انخفاض غير متوقع في معادلات الحرارة بجدة ... من أعلى حرارة عام 2010 إلى انخفاض لافت في 2025 ميلاديًا

تزامنًا مع بدء فصل الصيف رسميًا في المملكة العربية السعودية، تعود إلى الأذهان واقعة مناخية استثنائية شهدتها محافظة جدة في مثل هذا اليوم، الثاني والعشرين من يونيو عام 2010، حين سُجّلت فيها أعلى درجة حرارة تم رصدها على وجه الأرض في ذلك التاريخ، والتي بلغت 52 درجة مئوية، أي ما يعادل 125.6 درجة فهرنهايت، في واحدة من أشد موجات الحر التي عرفتها المدينة الساحلية عبر تاريخها.
تلك الدرجة القياسية تجاوزت الرقم المسجل قبلها بثلاثة أيام فقط في محافظة الأحساء، التي شهدت حينها ارتفاعًا شديدًا في الحرارة وصل إلى 51 درجة مئوية، قبل أن تتفوق جدة على ذلك الرقم، لتحتل صدارة الترتيب المناخي القاسي في المنطقة.
إقرأ ايضاً:"الفرصة المجانية" تنتهي قريباً.. قرار جديد يلزم جميع خدمات التوصيل بالمملكة بهذا الإجراء قبل 1 يوليولنزع فتيل الأزمة.. السعودية تعرض "وساطة عربية" وتدعو لعقد محادثات عاجلة.. فهل تنجح؟
وقد كانت تلك الفترة من عام 2010 محط اهتمام خبراء الأرصاد والباحثين في المناخ، نظرًا للتطرف غير المسبوق في درجات الحرارة وتزامنه مع أنظمة ضغط جوي ساهمت في احتجاز الحرارة وتفاقم أثرها في المناطق الساحلية على وجه الخصوص.
جدة، بوابة مكة المكرمة والميناء الحيوي على البحر الأحمر، والتي يسكنها أكثر من أربعة ملايين نسمة، لطالما عرفت بصيفها الرطب ودرجات الحرارة المرتفعة نتيجة لوقوعها على الساحل.
ومع ذلك لم يكن صيف 2010 مجرد امتداد لأعوام سابقة، بل خرج عن المألوف تمامًا، حيث عاش السكان أيامًا استثنائية في شدة الحرارة وارتفاع معدلات الرطوبة، مما أدى إلى ضغط كبير على منظومات الكهرباء والخدمات الصحية في تلك الفترة.
وبعد مرور خمسة عشر عامًا على ذلك اليوم التاريخي، تسجّل جدة في 22 يونيو 2025 مفارقة مناخية لافتة، فبحسب بيانات المركز الوطني للأرصاد، من المتوقع أن تسجّل المدينة اليوم درجة حرارة عظمى لا تتجاوز 40 درجة مئوية.
بينما تصل الصغرى إلى 27 درجة مئوية، في مؤشر واضح على تراجع مستوى الحرارة مقارنة بما تم تسجيله عام 2010، ما يثير تساؤلات عديدة حول أسباب هذا التفاوت المناخي بين عامين تفصل بينهما فترة زمنية غير طويلة بمقاييس التغير المناخي.
ويرى خبراء الطقس أن الانخفاض النسبي في درجات الحرارة هذا العام قد يكون مرتبطًا بعدة عوامل مناخية، من بينها تغير أنماط الرياح، وتبدلات في امتداد المرتفعات الجوية شبه المدارية، إلى جانب تأثر المنطقة بتذبذبات في درجات حرارة سطح البحر الأحمر، مما يساهم في تلطيف نسبي للأجواء رغم بقاء درجات الحرارة ضمن معدلات صيفية مرتفعة.
كما يُرجّح بعض المختصين أن تكون التغيرات المناخية العالمية قد بدأت تُحدث تباينات غير تقليدية في موجات الحر ضمن نفس المنطقة الجغرافية، وهو ما قد يفسّر التفاوت بين صيفي 2010 و2025.
وفي ظل هذه المؤشرات، يبقى رصد الظواهر المناخية وتحليلها بشكل علمي أداة ضرورية لفهم اتجاهات الطقس المستقبلية، خاصة في منطقة كالجزيرة العربية، التي تعد من أكثر مناطق العالم تعرضًا لموجات الحر والجفاف في العقود المقبلة.
في المجمل، وبينما يتذكر سكان جدة يوم 22 يونيو 2010 كأحد أكثر أيام المدينة سخونة وتطرفًا مناخيًا، يمر عليهم اليوم ذاته في عام 2025 بدرجات حرارة لا تزال مرتفعة، لكنها أقل حدة، ما يعكس طبيعة المناخ المتقلبة، ويؤكد أهمية الاستعداد لتغيرات جوية قد تكون مفاجئة مهما بدت بعيدة الحدوث في اللحظة الراهنة.