مفاجآت مذهلة .. ظاهرة فلكية نادرة تعبر قلب السعودية وتضعها في موقع عالمي بارز

سجلت المملكة العربية السعودية مرور مدار السرطان داخل أراضيها على امتداد يبلغ قرابة 1380 كيلومتراً، في ظاهرة جغرافية فلكية لافتة تلفت أنظار المهتمين بالعلوم والبيئة والمناخ، حيث أكد أستاذ المناخ الدكتور عبدالله المسند أن هذا الامتداد الكبير يضع المملكة في المرتبة الرابعة عالميًا من حيث طول الخط داخل أراضيها بعد الهند والصين والجزائر.
ويُعد مدار السرطان واحدًا من أهم الخطوط العرضية على سطح الأرض، ويمثل الحد الأقصى الذي تتعامد عليه أشعة الشمس بشكل مباشر شمال خط الاستواء، مرة واحدة في العام، وتحديدًا في يوم 21 يونيو، وهي الظاهرة التي تُعرف عالميًا باسم "الانقلاب الصيفي"، والتي تحمل أهمية فلكية ومناخية كبيرة.
إقرأ ايضاً:في 3 خطوات فقط.. اكتشف الطريقة المبسطة للوصول إلى سجل دفعاتك الكامل في الضمان الاجتماعيتحذير لمستفيدي الضمان.. امتلاك هذا العدد من السيارات قد يوقف دعمك بشكل كامل
وهذا الخط العرضي الذي يقع على دائرة 23.4 درجة شمالًا، لا يُعد مجرد تقسيم جغرافي، بل يشكّل أحد المفاتيح الرئيسة لفهم الكثير من الظواهر المناخية على كوكب الأرض، إلى جانب خط الاستواء ومدار الجدي والدائرتين القطبيتين الشمالية والجنوبية، ما يجعله محط اهتمام الجغرافيين والفلكيين.
ويمر مدار السرطان داخل المملكة عبر عدد من المواقع والمناطق الجغرافية المتنوعة، ما يعكس تنوع تضاريس المملكة وثراءها البيئي، حيث يمر من شمال يبرين، والحلوة، وحوطة بني تميم، وجنوب الحريق، ونعام، وجنوب الرين، وحلبان، والخاصرة، وجنوب مهد الذهب، وشمال السويرقية، إلى جانب جنوب اليتمة ومناطق بدر والرايس.
وأكد الدكتور عبدالله المسند أن هذا الامتداد الواسع للمدار داخل الأراضي السعودية يمنح المملكة فرصة علمية وسياحية فريدة، إذا ما تم استثمارها بالشكل المناسب، سواء من خلال توثيق هذه النقاط جغرافيًا، أو عبر إنشاء معالم تعليمية ولوحات توعوية على الطرق العامة.
وأشار إلى أن عددًا من الدول التي يمر عبرها هذا المدار، مثل الهند والصين، تبادر إلى وضع علامات واضحة في الأماكن التي يعبرها، بهدف تعزيز الوعي الجغرافي لدى المواطنين والزوار، إلى جانب دعم الأنشطة السياحية المرتبطة بالعلوم والطبيعة، وهو ما يمكن أن تستفيد منه السعودية أيضًا في ظل التوسع الكبير في قطاع السياحة المحلي.
ولفت المسند إلى أن ربط الجغرافيا بالفلك والسياحة والمعرفة، بات اتجاهًا معتمدًا في العديد من دول العالم، لما لذلك من أثر في رفع مستوى الوعي المجتمعي، وتحقيق قيمة مضافة في المجال السياحي، خصوصًا في المواقع الطبيعية والنائية التي تتقاطع مع هذه الظواهر.
ودعا الجهات المعنية في المملكة، مثل وزارة النقل، ووزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، ووزارة السياحة، وهيئة المساحة الجيولوجية، إلى التعاون من أجل وضع تصور شامل لإنشاء معالم تعليمية دائمة في الأماكن التي يعبرها مدار السرطان، بما يسهم في ترسيخ هذه الظاهرة كعنصر علمي وثقافي حاضر.
كما أشاد ببعض المبادرات المحلية السابقة التي بدأت بالفعل في مناطق مثل حوطة بني تميم، والتي عملت على إبراز نقاط تقاطع المدار مع الطرق عبر لوحات ومجسمات رمزية، داعيًا إلى توسيع نطاق هذه المبادرات لتشمل كافة المناطق التي يمر بها المدار.
ويأتي هذا الطرح في وقت تتزايد فيه الجهود السعودية نحو تعزيز المحتوى المحلي في مجالات المعرفة والعلوم، ضمن رؤية المملكة 2030، التي تولي اهتمامًا كبيرًا بتنمية الفكر العلمي، وتحفيز الوعي البيئي والمجتمعي، وإبراز عناصر التميز الطبيعي والجغرافي للمملكة.
ومن الناحية الفلكية، فإن مرور مدار السرطان يتزامن سنويًا مع تعامد الشمس عليه خلال يوم 21 يونيو، حيث تشهد تلك الفترة أطول نهار في العام في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، مما يجعل الظاهرة أيضًا مناسبة لرصد مجموعة من التغيرات المناخية المرتبطة بتوزيع الحرارة والضوء.
ويدعو المتخصصون إلى عدم الاكتفاء بتفسير مدار السرطان على أنه مجرد خط على الخرائط، بل التعامل معه كمعلم طبيعي حي يربط بين السماء والأرض، ويستحق أن يُعرّف بشكل أوسع داخل المناهج الدراسية والبرامج التثقيفية العامة، نظراً لقيمته العلمية والتثقيفية.
وتسهم مثل هذه المبادرات في خلق علاقة إيجابية بين الإنسان وبيئته، وتدفع إلى الاهتمام بمكونات الجغرافيا المحلية، لا سيما لدى فئة الشباب والطلاب، الذين يمكن لهم الاستفادة من زيارات ميدانية إلى المواقع التي يمر بها المدار، وربطها بالدروس النظرية التي يتلقونها في المدارس والجامعات.
وتشير تقارير علمية إلى أن خطوط العرض الكبرى، مثل مدار السرطان، تلعب دورًا كبيرًا في رسم الحدود المناخية، مثل المناطق الصحراوية أو المدارية أو الاستوائية، حيث تساعد على تفسير اختلاف درجات الحرارة، وأنماط الرياح، وتوزيع الغطاء النباتي، وكلها عناصر مهمة في فهم النظم البيئية.
وتزداد أهمية هذه المعلومات في ظل التحديات المناخية التي يواجهها العالم حاليًا، حيث باتت البيانات الجغرافية والفلكية من الأدوات الأساسية لتخطيط استخدام الأراضي، وإدارة الموارد الطبيعية، ومراقبة التغيرات البيئية، ما يعزز من ضرورة دمجها في الخطط التنموية الشاملة.
ويأمل المختصون في أن يتحول هذا الامتداد الفلكي داخل المملكة إلى نقطة جذب سياحي وتعليمي، عبر مشروعات توثيقية ومجسمات تعريفية، ومراكز معلوماتية متنقلة أو دائمة، تعمل على تثقيف الزوار وتعريفهم بقيمة الموقع من حيث الزمن والمكان والظاهرة.