مفاجأة كبرى .. فلكية جدة تحدد التوقيت الدقيق لانطلاقة الصيف الحقيقي لعام 2025

شهدت سماء المملكة العربية السعودية وعدد من دول النصف الشمالي للكرة الأرضية فجر الجمعة ظاهرة فلكية هامة تمثل نقطة تحوّل في الدورة السنوية للأرض حول الشمس، إذ يصادف ذلك موعد الانقلاب الصيفي الذي يحدث تحديدًا في الساعة 05:42 صباحًا بتوقيت مكة المكرمة، معلنًا بداية فصل الصيف فلكيًا لهذا العام.
وفي هذه اللحظة الدقيقة، ستكون الشمس عمودية تمامًا على مدار السرطان الذي يقع عند دائرة عرض 23.5 درجة شمالًا، وهو ما يجعل أشعتها تسقط بشكل مباشر على هذه المنطقة، وتؤدي إلى أقصر ظلال خلال العام وأطول نهار، ما يميز هذا اليوم عن بقية أيام السنة في نصف الكرة الشمالي.
إقرأ ايضاً:"إنزاغي في ورطة".. إصابة ميتروفيتش تربك حسابات الهلال قبل مواجهة سالزبورغ الحاسمة!خبر عاجل.. الدفاع المدني يُعلن السيطرة على حريق ضخم في الباحة و"لا إصابات"
وأوضح رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة أن ظاهرة الانقلاب الصيفي تعد نقطة تحول موسمية في حركة الأرض حول الشمس، وهي تحدث عندما تصل الشمس في حركتها الظاهرية إلى أقصى ميل لها شمالًا، ويصاحبها تغيرات واضحة في طول النهار والليل، إذ يعد هذا اليوم هو الأطول في ساعات الإضاءة الشمسية خلال السنة.
وفي هذا اليوم تشرق الشمس من أقصى الشمال الشرقي وتغرب في أقصى الشمال الغربي، وهذا يؤدي إلى أن يكون مسارها في السماء أطول من أي يوم آخر، حيث تمر بأعلى قوس لها في السماء، ما يجعل موقعها في أقصى ارتفاع خلال السنة، خصوصًا في المناطق الواقعة شمال خط الاستواء.
ويشرح أبو زاهرة أن ميل محور الأرض بزاوية قدرها 23.5 درجة نحو الشمس في هذا الوقت من السنة، يؤدي إلى تسليط ضوء الشمس بشكل مباشر على نصف الكرة الشمالي، في مقابل إمالة النصف الجنوبي بعيدًا عن الشمس، ما يجعل ليل نصف الكرة الجنوبي هو الأطول في المقابل، وتبدأ فيه رحلة الشتاء.
وتستمر فترة فصل الصيف فلكيًا هذا العام لمدة 93 يومًا و15 ساعة و37 دقيقة، لينتهي مع موعد الاعتدال الخريفي الذي يحدث في شهر سبتمبر، وتبدأ فيه ساعات الليل والنهار بالتساوي مجددًا، قبل أن تتغير ملامح الفصول مجددًا في الدورة السنوية.
ومن الناحية الفلكية، يختلف توقيت بداية الصيف عن ما تعتمده الجهات المناخية، إذ يُعرف الصيف في علم الأرصاد الجوية بأنه الفترة الممتدة من الأول من يونيو وحتى نهاية أغسطس، بينما في علم الفلك يُحدد بدايته بلحظة وصول الشمس إلى أقصى ارتفاع لها في السماء كما يحدث يوم الانقلاب الصيفي.
ويُشير الخبراء إلى أن الانقلاب الصيفي لا يحدث في نفس اليوم كل عام، بل يتراوح بين 20 و22 يونيو، ويعود ذلك إلى الفارق بين السنة التقويمية التي تتكون من 365 يومًا والسنة المدارية التي تبلغ حوالي 365.2422 يومًا، بالإضافة إلى التأثيرات الناتجة عن جاذبية القمر والكواكب الأخرى والتذبذب في دوران الأرض.
ويتم تعويض هذا الاختلاف عبر ما يُعرف بالسنة الكبيسة التي تُضاف إليها يوم كل أربع سنوات، للحفاظ على التوازن بين التقويم المدني والدورة الفلكية للأرض، وهو ما يجعل توقيت الانقلاب الصيفي مرنًا قليلاً بحسب توزيع السنوات والتغيرات الفلكية.
ومع أن هذا اليوم هو الأطول من حيث عدد ساعات الضوء، إلا أنه لا يُعد اليوم الأشد حرارة خلال السنة، إذ إن درجات الحرارة لا تبلغ ذروتها مباشرة بعد الانقلاب الصيفي، بل تتأخر عدة أسابيع بسبب ما يُعرف بالتأخر الموسمي الناتج عن تفاعل اليابسة والمحيطات والغلاف الجوي مع الطاقة الشمسية.
ويأخذ سطح الأرض والمحيطات وقتًا في امتصاص وتخزين الحرارة، ثم تبدأ لاحقًا بإطلاق هذه الطاقة تدريجيًا، لذلك عادة ما تُسجل أعلى درجات الحرارة في شهري يوليو أو أغسطس، وليس في يوم الانقلاب الصيفي ذاته، رغم زيادة عدد ساعات الشمس.
ومن المثير للاهتمام أن مراقبة هذا الحدث الفلكي لا تقتصر فقط على العلماء والفلكيين، بل يهتم به المزارعون، والمصممون المعماريون، وعشاق السماء، حيث يرتبط الانقلاب الصيفي بالتقويمات الزراعية وببداية مواسم الحصاد في كثير من الدول.
وكذلك يشكل هذا التوقيت فرصة لعشاق الرصد الفلكي لمتابعة ظواهر متعلقة بتغير ميل الشمس وظلال الأشياء، حيث تظهر في بعض المناطق آثار العمودية التامة لأشعة الشمس على الأرض، ما يسبب اختفاء الظلال بشكل مؤقت في منتصف النهار، وهي ظاهرة مثيرة بصريًا وفلكيًا.
وبحسب توقعات الجمعية الفلكية بجدة، فإن هذا الانقلاب سيكون واضحًا بشكل خاص في المناطق الصحراوية، حيث لا تعيق الأبنية أو الأشجار المرتفعة حركة الشمس وظلالها، ما يسمح برصد الظاهرة بوضوح ويُسهم في دراسة الظلال ومسارات الشمس بشكل مباشر.
ولم تقتصر الأهمية الفلكية لهذا الحدث على الشق العلمي فقط، بل إن العديد من الثقافات القديمة ربطت هذه الظاهرة بمعتقدات دينية وأعياد موسمية، ولا تزال آثار هذه الاحتفالات باقية في بعض المجتمعات حتى اليوم، حيث يُنظر إلى الانقلاب الصيفي كبداية للنمو والإثمار.
وفي المملكة، تتابع الهيئات الفلكية والمهتمون بالطقس مثل هذه التحولات الدقيقة في حركة الشمس لتحديد التغيرات المناخية التي تُرافق الانتقال من فصل إلى آخر، خصوصًا مع تأثيرها المباشر على أنماط الرياح وموجات الحر التي تشهدها البلاد خلال الصيف.
ويتوقع أن تُسهم بداية الصيف فلكيًا هذا العام في إعادة تشكيل ملامح الطقس في المنطقة تدريجيًا، مع ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة، وزيادة في ساعات النهار، ما يدفع كثيرين لتعديل أنشطتهم اليومية والتخطيط للإجازات والعطلات الصيفية بما يتماشى مع هذا التغيير.
ويُذكر أن معرفة توقيت الانقلاب الصيفي بدقة يُعد أداة هامة لتحديد مواقيت الصلاة والفجر والعصر تحديدًا في المناطق الشمالية، كما يُستخدم في ضبط الحسابات الفلكية والتقويمات الدينية والمدنية التي تعتمد على حركة الشمس.