وداعاً للمهام الروتينية.. كيف سيمكن الذكاء الاصطناعي موظفي الحكومة من التركيز على الإبداع والابتكار؟

في خطوة نوعية تعكس تسارع التحول الرقمي داخل المملكة، أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" برنامجًا تدريبيًا متخصصًا بعنوان "الذكاء الاصطناعي لرفع الإنتاجية"، يستهدف موظفي الجهات الحكومية ويهدف إلى تطوير مهاراتهم في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال ومسؤول.
ويركّز البرنامج على إكساب المشاركين معارف تطبيقية متقدمة، تمكّنهم من الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي الحديثة في تحسين إنتاجيتهم اليومية، ورفع كفاءتهم التشغيلية، وتجويد جودة أعمالهم عبر حلول رقمية مدروسة تراعي متطلبات كل قطاع.
إقرأ ايضاً:مبادرة "أصدقاء الحي" تشعل روح التطوع في الطائف وتحوّل الأحياء إلى مساحات خضراءتحذير عاجل من الضمان .. 8 تغييرات تهدد بإيقاف الدعم إذا لم يتم الإبلاغ عنها خلال 15 يومًا
ويعد هذا البرنامج جزءًا من سلسلة مبادرات تدريبية تنفذها سدايا، في إطار جهودها المتواصلة لتمكين الكفاءات الوطنية في القطاع الحكومي، وتعزيز قدرتهم على التكيف مع التحولات التقنية المتسارعة التي يشهدها العالم الرقمي.
ويشتمل محتوى البرنامج على محاور متعددة، أبرزها تطوير مهارات صياغة وهندسة الأوامر التفاعلية لأدوات الذكاء الاصطناعي، بما يضمن تحقيق أعلى درجات التفاعل الذكي بين المستخدم والنظام، ويمنح الموظف قدرة استثنائية على استثمار هذه الأدوات في سياق عمله.
كما يغوص البرنامج في مهارات تحليل المستندات، والبحث العميق، وأتمتة الإجراءات الروتينية، وهي عناصر أساسية لإعادة تصميم بيئات العمل الحكومية بما ينسجم مع التطلعات الوطنية نحو الحوكمة الرقمية وتعزيز الأداء المؤسسي.
ومن اللافت أن البرنامج لا يقتصر على الجوانب التقنية فقط، بل يركز أيضًا على مفاهيم الاستخدام المسؤول وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعكس حرص سدايا على بناء منظومة عمل مستدامة تراعي القيم المهنية والاعتبارات الأخلاقية.
ويبرز في هذا السياق اهتمام البرنامج ببناء مساعدين اصطناعيين مخصصين، حيث يتعلم المشاركون تصميم وكلاء أذكياء قادرين على تنفيذ المهام الروتينية تحت إشراف الموظف، مما يعزز من تكامل الأدوار بين الإنسان والتقنية.
ويتوج البرنامج بمشروع تطبيقي نهائي، يُطلب فيه من كل مشارك تنفيذ مساعد اصطناعي فعلي يدعم المهام اليومية الخاصة به، في محاكاة عملية تهدف إلى ضمان استيعاب المهارات وتوظيفها في بيئة العمل الواقعية.
ويمثل هذا المشروع التفاعلي خطوة عملية لتحويل المعرفة إلى ممارسة، ويعكس الرؤية العملية للبرنامج في قياس أثر التعلم داخل سياق الإنتاجية الحكومية اليومية، بما يعزز من جاهزية الموظف للاستفادة الفعلية من ما تعلمه.
وتأتي هذه المبادرة في توقيت حاسم، حيث تسعى المملكة من خلال رؤية 2030 إلى بناء اقتصاد رقمي قائم على المعرفة، وتوفير بنية تحتية متينة تعتمد على البيانات والذكاء الاصطناعي كركائز أساسية لتحقيق التميز الحكومي.
ويُنظر إلى سدايا بوصفها إحدى الأذرع الوطنية المحورية في تنفيذ هذا التحول، إذ تواصل الهيئة تنفيذ مبادرات نوعية تعكس عمق التزامها في بناء جيل من الكفاءات الحكومية القادرة على استيعاب التحول الرقمي وتطويعه لخدمة أهداف التنمية.
وتشير المؤشرات إلى أن التحاق موظفي الجهات الحكومية بهذا النوع من البرامج المتقدمة سيسهم في بناء منظومة عمل أكثر ديناميكية، حيث يصبح الموظف مزودًا بأدوات معرفية تتيح له التعامل مع البيانات والمعالجة الذكية بكفاءة.
وفي ظل تصاعد التحديات الإدارية والتقنية التي تواجه المؤسسات الحكومية، بات الاستثمار في رفع كفاءة العنصر البشري أولوية قصوى، وهو ما يجعل من هذه البرامج منصة تدريبية استراتيجية تُمكّن من ترجمة التوجهات الوطنية إلى ممارسات ملموسة.
وتكمن أهمية البرنامج أيضًا في شموليته، حيث يغطي احتياجات مختلف الجهات الحكومية على تنوع تخصصاتها، ويمنح المشاركين فرصًا لتبادل المعرفة والخبرات عبر بيئة تعلم تفاعلية تعزز من الابتكار المشترك وتكامل الحلول.
كما أنه يُعد امتدادًا لرؤية سدايا في جعل الذكاء الاصطناعي عنصرًا فاعلًا في إدارة الأداء الحكومي، من خلال برامج تعليمية مرنة، تُصمم لتلبية المتغيرات المتسارعة في سوق العمل الرقمي، وتُطبَّق بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية.
ويرى مراقبون أن هذا النوع من التدريب المتخصص سيلعب دورًا محوريًا في إعادة تشكيل ثقافة العمل داخل المؤسسات الحكومية، حيث لم يعد الاعتماد على المهارات التقليدية كافيًا لمواكبة التحولات الجذرية التي يشهدها عالم الإدارة الذكية.
ويأتي برنامج "الذكاء الاصطناعي لرفع الإنتاجية" كمثال واضح على أهمية التوجيه الاستراتيجي الذي تنتهجه سدايا، في الجمع بين التمكين العملي والرؤية الأخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، ما يعزز من ثقة المجتمع بهذه التقنيات.
ومع تصاعد دور الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، تصبح الحاجة إلى تأهيل الموظف الحكومي أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، لضمان عدم وجود فجوة معرفية بين ما تتيحه التقنية، وما يتطلبه الأداء المهني المسؤول.
ويُذكر أن هذه المبادرة تأتي ضمن سياق أوسع من برامج بناء القدرات الوطنية في مجالي البيانات والذكاء الاصطناعي، وهي ترجمة مباشرة لاستراتيجية المملكة في تطوير كوادر بشرية قادرة على قيادة المستقبل الرقمي بكفاءة واقتدار.