أين ذهبت الملايين المخصصة لأندية الجنوب؟.. طموحات الشباب تصطدم بتعثر المشاريع الرياضية

تسير منطقة جازان على طريق تنموي ورياضي واعد، يترجم تطلعات القيادة الرشيدة ويجسد شغف الشباب وتوقهم لمستقبل أفضل، وسط متابعة دقيقة وجهود مكثفة من أمير المنطقة الشاب، الأمير محمد بن عبدالعزيز بن محمد، الذي ينطلق في مسيرته من إيمان عميق بأن الطموح هو محرك التقدم، وأن الشغف هو مفتاح الإنجاز، مستلهِمًا رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ويحرص أمير جازان على جعل الرياضة أداة للتنمية ومصدرًا لإلهام الشباب، من خلال العمل الجماعي والإنصات المستمر لصوت الميدان، حيث يرى في كل شاب مشروع بطل، وفي كل فريق نواة حلم، واضعًا تطوير المنشآت وتمكين الكفاءات الرياضية ضمن الأولويات، في إطار يتناغم مع توجهات المملكة نحو صناعة جيل رياضي طموح.
إقرأ ايضاً:الهلال يفاجئ ألونسو وريال مدريد.. والمدرب يطلق تصريحات "غير مسبوقة"!تعادل يُدوّي في أوروبا.. إنزاجي يروي ما لم يُكشف عن مواجهة الريال!
وتبرز جازان كمصدر مهم للمواهب الرياضية في المملكة، إذ تشير بيانات الاتحاد السعودي لكرة القدم إلى وجود أكثر من 10,600 لاعب هاوٍ، موزعين على 468 أكاديمية وفريقًا، إضافة إلى ما يقارب 2,924 فريقًا للهواة، مما يجعلها بيئة خصبة لصناعة الأبطال في مختلف الرياضات، الجماعية منها والفردية.
ومع هذا الزخم البشري والرياضي، تصطدم طموحات الشباب بتعثر مشاريع منشآت رياضية كبرى، كان يُنتظر منها أن تكون حاضنات للموهبة ومراكز للإبداع، وأبرزها منشآت نادي التهامي، التي تجاوزت تكلفة تنفيذها 74 مليون ريال، دون أن تكتمل حتى بعد أكثر من عقد على انطلاقتها، في ظل مشكلات إدارية وتنفيذية متراكمة.
أما نادي حطين، فشهدت منشآته تراجعًا ملحوظًا في البنية التحتية، نتيجة توقف المقاول المكلف وتعرض المرافق للتلف والصدأ، ما أثّر بشكل كبير على نشاطات النادي وقدرته التنافسية، وأفقد عددًا من اللاعبين الشغف، بل ودفع البعض للعزوف عن مواصلة المسيرة الرياضية.
وتعود أسباب هذا التعثر، بحسب مصادر مطلعة، إلى ترسية المشاريع على شركات مقاولات غير مؤهلة، وتأخر تسليم المواقع، إضافة إلى مشاكل تتعلق بصرف المستحقات، ما أضعف من جدية التنفيذ، في ظل متابعة محدودة من الجهات المسؤولة، ما تسبب في تعطيل مشاريع حيوية تتجاوز تكلفتها الإجمالية 350 مليون ريال.
وفي هذا السياق، يُطالب عدد من الرياضيين والمهتمين بسرعة التدخل من الجهات العليا، مؤكدين أن استمرار التعثر لا يهدد مستقبل الرياضة فحسب، بل ينعكس على الحالة النفسية والاجتماعية لشباب المنطقة الذين فقدوا كثيرًا من حماسهم بعد طول انتظار.
ويقترح المختصون تخصيص أندية رائدة مثل التهامي، وإدراجها ضمن برامج الخصخصة التي يشرف عليها صندوق الاستثمارات العامة، بما يمكّن من ضخ تمويلات جديدة تعيد الحياة لهذه المنشآت، وتفتح أمامها آفاق التطوير والشراكة مع القطاع الخاص.
ويرى اقتصاديون أن دمج هذه الأندية في برامج الخصخصة سيخلق فرصًا استثمارية حيوية، ويوفر مئات الوظائف للشباب، ويعيد الزخم إلى الملاعب، ويضع المنطقة على خريطة التنافس الرياضي المحلي والدولي، ويجعل من الرياضة رافدًا اقتصاديًا مهمًا.
كما أن تنمية القطاع الرياضي في منطقة حدودية مثل جازان يحمل أبعادًا اجتماعية بالغة الأهمية، إذ يسهم في استقرار الشباب، ويمنحهم بدائل إيجابية للفراغ والانحراف، ويرفع من معدلات الانتماء والولاء، ويُعزز الصورة الذهنية الإيجابية للمنطقة.
ويدعو مراقبون إلى ضرورة تفعيل لجان رقابية صارمة تتابع تنفيذ المشاريع المتعثرة، وتضع معايير عالية لاختيار المقاولين، وتُحاسب المقصرين، وذلك لضمان ألا تضيع جهود القيادة وأحلام الشباب وسط الروتين والإهمال الإداري، الذي أضاع الكثير من الفرص.
وتبقى جازان رغم هذه التحديات منطقة واعدة بالنجاح، بفضل العزيمة التي يحملها شبابها، والدعم الكبير من القيادة، والتوجه الاستراتيجي الذي يرسمه أميرها، والذي أثبت في أكثر من محطة أن الطموحات حين تُدار بإيمان وشغف، تتحول إلى واقع ملموس.
وبين ماضٍ رياضي مجيد، وحاضر يتوق للتطور، ومستقبل ينتظر الانطلاقة، تقف جازان اليوم عند مفترق طريق حاسم، يتطلب تكاتف كل الجهود، ومضاعفة العمل لتكون الرياضة فيها عنوانًا للتقدم، ومنصة لإبراز الطاقات السعودية في أبهى صورها.
وفي ظل هذا الحراك المتسارع، تُطرح تساؤلات حول آلية تسريع المشاريع، وتحفيز المستثمرين للدخول في شراكات رياضية، وتفعيل منظومة الخصخصة بشكل شامل، لتتحول الأندية من كيانات تقليدية إلى مؤسسات ريادية تصنع الأبطال وتُسهم في التنمية.