لتجربة روحية لا تُنسى.. "شؤون المسجد النبوي" تطلق باقة من البرامج العلمية والتوجيهية للنساء في ذي الحجة

في خطوة نوعية تعكس الرؤية الدينية المتجددة للمسجد النبوي، أعلنت وكالة الشؤون الدينية النسائية عن إطلاق مبادرة "المحجّة في مغانم ذي الحجة"، وذلك ضمن برامجها الهادفة إلى الارتقاء بتجربة الزائرات خلال موسم الحج لعام 1446هـ، من خلال منظومة متكاملة من الفعاليات العلمية والتوعوية التي تواكب روحانية الزمان وقدسية المكان.
وتهدف المبادرة إلى تسليط الضوء على فضائل أيام ذي الحجة، لما لها من مكانة عظيمة في الشريعة الإسلامية، حيث تجمع بين الزمان الفاضل والمكان المبارك، مما يجعل منها فرصة نادرة لتعميق الإيمان وترسيخ السلوك القويم، وسط أجواء تعبّدية سامية تستقطب الملايين من الحجاج والزائرين من مختلف أنحاء العالم.
إقرأ ايضاً:لمن تجاوز الـ(21) عام.. تعليم المدينة يفتح الباب لتقديم طلبات الالتحاق بمراحل التعليم العام خطوة مفاجئة..مدافع بلجيكي في الطريق إلى "العالمي" لتعويض الغياب
وتركز المبادرة على نشر الوعي بين الزائرات بأهمية اغتنام هذه الأيام المباركة، من خلال أعمال البر والخير، والمداومة على العمل الصالح، وبيان فضل الحج المبرور وما يرتبط به من مكارم عظيمة، إلى جانب تعزيز مفاهيم الاستقامة والاعتدال، التي تمثل جوهر رسالة المسجد النبوي وأحد أهم مرتكزات رسالته العالمية.
وقد أفادت الوكالة بأن البرامج المصاحبة للمبادرة ستشمل لقاءات علمية، وندوات توجيهية، ومجالس تعليمية تستهدف الزائرات من مختلف الجنسيات، مع مراعاة التنوع الثقافي واللغوي، لضمان وصول الرسالة الدينية إلى أكبر شريحة ممكنة من النساء، بأسلوب سلس وشامل يعكس سماحة الإسلام وإنسانيته.
وقد صُممت الأنشطة التوعوية التي تتضمنها المبادرة بعناية لتخاطب العقل والروح معًا، وتحرص على تحفيز الزائرات على المشاركة الفعالة في الحراك الديني داخل الحرم النبوي، مما يسهم في بناء تجربة روحية متكاملة، تُرسّخ في الأذهان معاني الحج ومقاصده الكبرى التي تتجاوز الجانب الشكلي إلى جوهر الطاعة والخضوع لله تعالى.
وأكدت وكالة الشؤون الدينية النسائية أن المبادرة تأتي امتدادًا لسلسلة من البرامج التي دأبت على تنفيذها سنويًا خلال مواسم الحج والعمرة، في إطار رسالتها السامية لخدمة الزائرات وتلبية احتياجاتهن الدينية والفكرية، بطريقة تعزز الشعور بالطمأنينة والانتماء داخل الحرم النبوي.
وتسعى المبادرة إلى أن تكون جسرًا للتواصل الثقافي والدعوي، من خلال إبراز دور المرأة المسلمة في صناعة الوعي الديني، وتفعيل مشاركتها في نقل رسالة الإسلام الوسطية والرحيمة إلى ضيفات الرحمن، بأسلوب يتسم بالرصانة والوضوح، ويستند إلى مصادر علمية موثوقة.
ويبرز من بين أهداف المبادرة توجيه الزائرات إلى أهمية الثبات على القيم الإسلامية بعد أداء مناسك الحج، والاستمرار في العمل الصالح، والتمسك بالأخلاق الكريمة، باعتبار الحج محطة للتجديد الروحي والانطلاقة الأخلاقية، وليست مجرد شعائر محددة تنقضي بانتهاء الموسم.
كما تُعد هذه المبادرة تجسيدًا حيًا للدور المتنامي للمرأة في الحرمين الشريفين، خاصة في الجوانب التوعوية والإرشادية، حيث بات حضورها ملموسًا ومؤثرًا في مختلف البرامج الدينية، بما يعكس تطورًا نوعيًا في آليات العمل داخل المسجد النبوي، وانفتاحًا مدروسًا على احتياجات الزائرات.
وتؤكد هذه الخطوة على التزام وكالة الشؤون الدينية النسائية برسالتها الشاملة، والتي تواكب تطلعات الدولة في رعاية الحرمين الشريفين، وتطوير الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، عبر توظيف الكوادر النسائية المؤهلة، وتقديم برامج متجددة تلائم خصوصية المرحلة وتحدياتها.
وتُعد المبادرة مساهمة فاعلة في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، لاسيما ما يتعلق بمحور تعزيز القيم الإسلامية، وتمكين المرأة، وتطوير الخدمات الدينية، ورفع جودة تجربة الحج والعمرة، بما يعزز صورة المملكة عالميًا بصفتها حاضنة للحرمين الشريفين وقبلة للمسلمين.
وتحمل "المحجّة في مغانم ذي الحجة" رمزية خاصة في توقيتها ومضمونها، إذ تأتي في أيام عظيمة يُستحب فيها مضاعفة الطاعات، ما يمنح البرامج المرافقة لها بعدًا روحانيًا، ويهيئ البيئة المناسبة للزائرات للاستفادة القصوى من أجواء الحرم في هذا الموسم المبارك.
ويأمل القائمون على المبادرة أن تترك أثرًا إيجابيًا يتجاوز حدود المسجد النبوي، عبر ما تحمله الزائرات من معارف وقيم إلى أوطانهن بعد انتهاء المناسك، لتكون هذه البرامج نواة لتغيير واسع يعكس الصورة الحقيقية للدين الإسلامي، ويعزز مكانة الحرمين كمنبر هداية عالمي.
ويؤكد هذا المشروع أهمية الدور المؤسسي في التخطيط لبرامج توعوية ناجحة، تدمج بين العلم والإيمان، وتبني محتوى يستند إلى القيم دون أن يغفل الأبعاد النفسية والثقافية للحاجات النسائية المتنوعة، بما يحقق التفاعل المطلوب ويعمق الأثر المنشود.
ويرى مراقبون أن مثل هذه المبادرات تسهم في إعادة تشكيل الوعي الديني العام لدى الزائرات، من خلال تقديم رسالة الإسلام بوسائل إبداعية معاصرة، تعتمد على التواصل المباشر والحوار البنّاء، وترتكز على احترام الخصوصيات الثقافية، ما يعزز من فاعلية التوجيه الديني.
ويؤكد كثير من الزائرات أن هذه البرامج تشكّل فارقًا ملموسًا في تجربتهن داخل الحرم، حيث يشعرن بأنهن جزء من المشهد الديني، لا مجرد زائرات عابرات، وهو ما يعزز من شعورهن بالرضا الروحي، ويزيد من ارتباطهن بالحرمين الشريفين.
وتواصل وكالة الشؤون الدينية النسائية جهودها المتواصلة لتطوير أدواتها الدعوية، وتوسيع نطاق الوصول إلى الزائرات بمختلف الوسائل، في مسعى لترسيخ مكانة المسجد النبوي ليس فقط كمكان للصلاة، بل كمصدر نور وهداية للعالم أجمع.