تحذيرات من سيناريو "القنبلة القذرة" في تل أبيب: خسائر بشرية هائلة ودمار نفسي وجيوسياسي

هل يمكن ان تستخدم ايران قنبلة قذرة
كتب بواسطة: حاتم بن فهد | نشر في  twitter

في ظل تصاعد التوتر العسكري بين إيران وإسرائيل، تتزايد التحليلات التي تتناول سيناريوهات الهجمات غير التقليدية، وعلى رأسها استخدام ايران لـ "قنبلة قذرة" مشعة تستهدف مدينة تل أبيب.

هذا النوع من الأسلحة، رغم عدم تصنيفه ضمن الأسلحة النووية التقليدية، قد يُحدث شللاً واسعاً في البنية المدنية والاقتصادية الإسرائيلية، ويثير ذعراً عاماً يفوق تأثيره العسكري المباشر.


إقرأ ايضاً:التعليم السعودية يُطلق خط النجدة النفسية للطلاب وأولياء الأمور في أصعب أوقات العام فما هوتوتر إداري في نادي النصر.. تجميد منصب هام وفتح تحقيقات داخلية

ما هي القنبلة القذرة؟

القنبلة القذرة هي سلاح غير نووي يعتمد على مزج متفجرات تقليدية بمواد مشعة مثل اليورانيوم المستنفد (U-238)، ولا تتسبب هذه القنبلة في انفجار نووي، بل تهدف إلى نشر التلوث الإشعاعي في منطقة محدودة نسبياً، مستهدفة التأثير على السكان والاقتصاد عبر الذعر الجماعي وتسميم البيئة على المدى الطويل.

تل أبيب: الهدف الأكثر هشاشة

يقوم السيناريو المفترض على تفجير قنبلة قذرة في قلب تل أبيب، المركز الحضري الأكثر اكتظاظاً في إسرائيل، والذي يضم نحو 3.8 مليون نسمة في منطقته الكبرى. وفقاً للتحليل، قد يتسبب الانفجار الأولي، الذي تقدر قوته ما بين 1 إلى 10 أطنان من مادة TNT، في مقتل ما بين 100 إلى 1,000 شخص، مع إصابة الآلاف نتيجة الشظايا والانهيارات.

لكن التأثير الأخطر يأتي من انتشار الجزيئات المشعة في دائرة تمتد لعدة كيلومترات، خصوصاً إذا ترافقت مع رياح متوسطة، وتكمن الخطورة الصحية في استنشاق هذه الجزيئات أو دخولها إلى الجسم عبر الجروح، ما يؤدي إلى حالات متقدمة من التسمم الإشعاعي وأمراض سرطانية مزمنة قد تظهر على مدى عقود.

التقديرات الأولية للخسائر:

  • الوفيات المباشرة: بين 100 إلى 1,000 شخص بفعل التفجير.

  • وفيات الإشعاع قصيرة المدى: قد تصل إلى 2,000 شخص.

  • الإصابات (حروق، إشعاع، انهيارات): ما بين 1,000 إلى 50,000.

  • الوفيات الطويلة الأجل بسبب السرطان: قد تتجاوز عشرات الآلاف خلال العقود التالية.

الخطر الأكبر: الذعر والشلل المجتمعي

بعيداً عن الأرقام المجردة، يشير خبراء الأمن إلى أن "القنبلة القذرة" تُصمم لتحدث انهياراً معنوياً ونفسياً لا يقل أهمية عن الخسائر المادية، وقد يؤدي أي هجوم من هذا النوع إلى نزوح جماعي من تل أبيب، شلل في القطاعات الحيوية، واختناق في النظام الصحي نتيجة الذعر الجماعي، كما أن استخدام مثل هذا السلاح قد يؤدي إلى تعطيل اقتصادي يشبه آثار هجوم نووي محدود.

هل تتحمل إسرائيل مثل هذا الهجوم؟

رغم أن إسرائيل تملك منظومة دفاع مدني وتقنيات متقدمة في الإخلاء والتطهير، إلا أن كثافة تل أبيب السكانية وطبيعتها المدنية المفتوحة تجعل من السيطرة على الوضع أمراً بالغ الصعوبة، وفي المقابل، يرى مراقبون أن إيران كدولة إقليمية كبيرة ذات عمق جغرافي وسكاني، يمكنها الصمود أمام كارثة مماثلة، خاصة بدعم من حلفائها، بعكس إسرائيل التي تُعد كياناً مضغوطاً وضعيف التحمل أمام سيناريوهات الدمار الجماعي.

افتراضات السيناريو:

الموقع: تل أبيب، مركز حضري كثيف السكان (يبلغ عدد سكان منطقة تل أبيب الكبرى حوالي 3.8 مليون نسمة، مع كثافة عالية في وسط المدينة).

المادة المشعة: يورانيوم منخفض التخصيب أو مستنفد (U-238)، وهو الأكثر شيوعًا في سيناريوهات القنابل القذرة.

الانفجار: يفترض أن يكون بقوة متفجرات تقليدية (مثل 1-10 أطنان من مادة TNT)، مع انتشار الإشعاع في دائرة قطرها عدة كيلومترات.

الظروف: رياح معتدلة وطقس صافٍ (الرياح تؤثر على انتشار السحابة الإشعاعية).

التأثيرات المباشرة:

الانفجار التقليدي:القنبلة القذرة تعتمد على متفجرات تقليدية، مما يعني أن الانفجار نفسه قد يتسبب في خسائر محدودة مقارنة بالصواريخ الباليستية أو الأسلحة النووية. في حالة انفجار بقوة 1-10 أطنان من TNT، قد يُسفر عن:

القتلى: عشرات إلى مئات الأشخاص في دائرة نصف قطرها 100-300 متر، حسب الكثافة السكانية.

الجرحى: مئات إلى آلاف الأشخاص بسبب الشظايا، الانهيارات، أو الحروق.

في تل أبيب، حيث الكثافة السكانية عالية (حوالي 7,000-8,000 نسمة/كم² في وسط المدينة)، يمكن أن يصل عدد الضحايا المباشرين من الانفجار إلى 100-1,000 قتيل و500-5,000 جريح في منطقة الانفجار المباشر.

الإشعاع: اليورانيوم المستنفد أو منخفض التخصيب يصدر إشعاعًا ألفا وبيتا بشكل أساسي، وهي أنواع ضعيفة نسبيًا (لا تخترق الجلد بسهولة)، لكن الخطر يكمن في استنشاق أو ابتلاع الجزيئات المشعة.

نطاق الإشعاع يعتمد على كمية المادة المشعة وانتشارها، إذا انتشرت المادة على مساحة 1-5 كيلومترات مربعة (حسب قوة الانفجار والرياح)، فقد تتأثر عدة أحياء في تل أبيب.

التأثيرات الصحية:

على المدى القصير: التعرض للإشعاع قد يسبب أعراضًا مثل الغثيان، الإسهال، أو متلازمة الإشعاع الحاد (ARS) لمن هم قريبون من موقع الانفجار. يمكن أن يؤدي ذلك إلى مئات إلى آلاف الإصابات بالإشعاع، مع نسبة وفيات تتراوح بين 5-20% من المتضررين خلال أسابيع إذا لم يُعالجوا.

على المدى الطويل: زيادة مخاطر الإصابة بالسرطان (خاصة سرطان الرئة بسبب استنشاق الجزيئات). دراسة من عام 2013 حول سيناريو هجوم نووي باستخدام أسلحة 15 كيلوطن (وهي أقوى بكثير من القنبلة القذرة) في تل أبيب قدرت أن حوالي 100,000 شخص قد يتعرضون لجرعات إشعاعية خطيرة، مع 17% معدل وفيات (حوالي 250,000 قتيل في سيناريو نووي). بالنسبة لقنبلة قذرة، قد تكون الأرقام أقل بكثير، ربما آلاف إلى عشرات الآلاف من الإصابات طويلة المدى.

الذعر والاضطرابات:

القنابل القذرة تُصمم لخلق ذعر جماعي أكثر من التسبب في خسائر بشرية هائلة. في تل أبيب، قد يؤدي الخوف من التلوث الإشعاعي إلى نزوح جماعي، تعطيل الخدمات، وإرهاق المستشفيات.

قد يؤدي ذلك إلى إصابات غير مباشرة (مثل الحوادث أثناء الإخلاء) أو وفيات بسبب نقص الرعاية الطبية للمصابين بحالات أخرى.

تقدير عدد الضحايا:

القتلى المباشرون (من الانفجار): 100-1,000 شخص، حسب حجم المتفجرات وموقع الانفجار.

القتلى من الإشعاع (قصير المدى): 100-2,000 شخص، بناءً على التعرض المباشر للإشعاع الحاد.

الإصابات (قصيرة وطويلة المدى): 1,000-50,000 شخص، بما في ذلك الإصابات بالإشعاع، الحروق، والشظايا.

الوفيات طويلة المدى: قد تصل إلى عشرات الآلاف على مدى عقود بسبب السرطانات الناتجة عن الإشعاع، لكن هذا يعتمد على نطاق التلوث وفعالية الإخلاء والتطهير.

العوامل المؤثرة على الأرقام:

الاستجابة الإسرائيلية: إسرائيل تمتلك نظام دفاع مدني متطور (مثل القبة الحديدية والملاجئ) وقدرات طبية متقدمة. الإخلاء السريع وإجراءات التطهير (Decontamination) يمكن أن تقلل من الخسائر بشكل كبير.

الكثافة السكانية: تل أبيب منطقة حضرية مزدحمة، مما يزيد من الخسائر المحتملة.

الرياح والطقس: الرياح قد تنقل الجزيئات المشعة إلى مناطق أوسع، مما يزيد من عدد المتضررين.

حجم المادة المشعة: إذا استخدمت كمية كبيرة من اليورانيوم، قد يزداد نطاق التلوث، لكن اليورانيوم نفسه (U-238) أقل خطورة إشعاعيًا مقارنة بمواد مثل السيزيوم-137 أو الكوبالت-60.

مقارنة مع هجمات صاروخية حديثة: بحسب تقارير حديثة (يونيو 2025)، هجمات صاروخية إيرانية على تل أبيب تسببت في خسائر محدودة نسبيًا (3-9 قتلى و100-200 جريح في هجمات بصواريخ باليستية). القنبلة القذرة قد تكون أكثر ضررًا بسبب التلوث الإشعاعي، لكنها لن تصل إلى مستوى الدمار النووي.

الخلاصة:

في سيناريو هجوم بقنبلة يورانيوم قذرة على تل أبيب:

القتلى: قد يتراوح بين مئات إلى بضعة آلاف (100-5,000) في الحالة القصوى، معظمهم من الانفجار والإشعاع قصير المدى.

الإصابات: قد تصل إلى آلاف إلى عشرات الآلاف (1,000-50,000)، مع تأثيرات طويلة المدى (مثل السرطان) تضيف أعدادًا إضافية على مدى عقود.

التأثير الأكبر: سيكون نفسيًا واقتصاديًا بسبب الذعر، الإخلاء، وتكاليف التطهير، مع احتمال تعطيل الحياة في تل أبيب لأسابيع أو أشهر.

ملاحظات: لا توجد أدلة موثقة تشير إلى أن إيران تمتلك قنابل قذرة جاهزة، لكن قدراتها في تخصيب اليورانيوم تجعل هذا السيناريو ممكنًا نظريًا. 

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook