تحرك غير متوقع من جهة رسمية يهز المدينة المنورة.. ماذا يحدث؟

في خطوة حازمة تعكس جدية الجهود الوطنية في حماية التراث، رصدت هيئة التراث في المملكة مخالفة ارتكبها أحد المواطنين في المدينة المنورة، بعد أن قام بعرض عملات قديمة للبيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دون الحصول على الترخيص اللازم من الجهات المختصة.
الواقعة التي أثارت الانتباه تمثل انتهاكًا مباشرًا للأنظمة المعمول بها في مجال حماية الآثار والتراث العمراني، وهو ما دفع الهيئة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة، في إطار مسؤوليتها لحماية الموروث الوطني من أي عبث أو استغلال غير مشروع.
إقرأ ايضاً:بعد قرار محمد المنجم .. من هو "البديل" الذي ينتظر قيادة الشباب؟خادم الحرمين يفاجئ الجميع .. قرار عاجل يخص الحجاج الإيرانيين
لم يكن عرض العملات على مواقع التواصل مجرد بيع إلكتروني عابر، بل اعتبرته الهيئة مخالفة صريحة تضرب بجذورها في مسألة أعمق تتعلق بهوية المجتمع وتاريخه، وهو ما يجعلها تأخذ مثل هذه الحالات على محمل الجد.
وأكدت الهيئة أن التعامل مع القطع الأثرية أو التراثية، سواء بالحيازة أو العرض أو البيع، يخضع لمنظومة قانونية متكاملة، تضع ضوابط صارمة لحماية هذا الإرث من الضياع أو التهريب أو الاستخدام غير المصرح به.
العملات القديمة التي جرى تداول صورها عبر الإنترنت، لم تكن مجرّد مقتنيات خاصة، بل تندرج ضمن تصنيف المقتنيات ذات القيمة التاريخية والثقافية، وهو ما يُحتم التعامل معها بحذر ووفق الأنظمة المعلنة.
المواطن المتورط لم يكن يملك التصريح اللازم الذي يُخول له عرض أو بيع هذه القطع، ما وضعه تحت طائلة المساءلة القانونية، وفتح بابًا واسعًا لمراجعة السلوكيات المتعلقة بالتعامل مع التراث الوطني على المنصات الرقمية.
وذكرت الهيئة أن مثل هذه التصرفات تشكّل تهديدًا مباشرًا لمكونات الهوية الوطنية، والتي ترتكز بشكل كبير على الحفاظ على الإرث الحضاري من العبث أو التلاعب أو الاستخدام غير المشروع.
الجهات المختصة أكدت أن الغرض من هذه الأنظمة ليس التضييق على الأفراد، بل تنظيم عملية التعامل مع التراث لحمايته من التزوير أو التهريب أو الفقدان، بما يضمن بقاءه ضمن الإطار المؤسسي الموثوق به.
تسعى الهيئة من خلال جهودها الرقابية إلى إيجاد توازن بين إتاحة المجال للباحثين والهواة، وبين حفظ القيمة التاريخية للمقتنيات التراثية، عبر تنظيم حيازتها وتداولها وفقًا للأنظمة المعمول بها.
وتؤمن الجهات المعنية بأن التراث الوطني لا يمكن أن يكون عرضة للاجتهادات الفردية، بل يجب أن يخضع لرقابة واعية تضمن استمراريته كجزء من ذاكرة الوطن، وتمنع استغلاله لأغراض تجارية بحتة دون ضوابط.
وشددت الهيئة في بيانها على ضرورة التزام الأفراد بالقوانين المنظمة، وعدم الانجرار وراء العروض المغرية أو التسويق التجاري لمقتنيات تراثية عبر المنصات الرقمية، دون الرجوع للجهات المختصة.
كما دعت الهيئة عموم المواطنين والمقيمين إلى التعاون في الإبلاغ عن أي تجاوزات مشابهة عبر منصة "بلاغ أثري" أو من خلال التواصل المباشر مع المركز الوطني للعمليات الأمنية على الرقم 911.
هذا التحرك الحاسم من هيئة التراث يعكس بوضوح سياسة المملكة في صون تراثها الوطني، ويؤكد أن كل قطعة أثرية هي جزء لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية، لا يحق التصرف فيها إلا ضمن القنوات النظامية.
وتواصل الهيئة تنفيذ استراتيجيتها في رصد أي انتهاكات محتملة، عبر متابعة ما يُنشر على المنصات الرقمية، وتكثيف برامج التوعية للمجتمع، لخلق بيئة تحترم التاريخ وتحافظ على رموزه المادية والمعنوية.