خلال أيام التشريق: خطة متكاملة تنظم الإفاضة من منى إلى المسجد الحرام

خطة متكاملة تنظم الإفاضة من منى إلى المسجد الحرام.
كتب بواسطة: صالح سدير | نشر في  twitter

في مشهد تنظيمي دقيق يعكس مستوى التنسيق العالي بين الجهات العاملة في موسم الحج، شهدت مرحلة الإفاضة من مشعر منى إلى المسجد الحرام خلال أيام التشريق تنفيذ خطة تشغيلية محكمة، بإشراف مباشر من المركز العام للنقل التابع للهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وبمشاركة فعّالة من شركة كدانة للتنمية والتطوير.

وجاءت هذه الخطة لتلبية أحد أبرز تحديات موسم الحج، وهي تنظيم تحرك مئات الآلاف من الحجاج من مشعر منى إلى المسجد الحرام لأداء طواف الإفاضة، دون أن يؤثر ذلك على انسيابية الحركة أو سلامة الحشود، في واحدة من أكثر المراحل كثافة من حيث الأعداد والزمن.


إقرأ ايضاً:خدمات ذكية على جسر الملك فهد تغيّر تجربة السفر بين السعودية والبحرين إليكم التفاصيل تناولك اليومي لهذا النوع من الخبز قد يهدد حياتك بسرطان قاتل!

وقد اعتمد المركز العام للنقل في خطته التشغيلية على النقل الترددي المنظم باستخدام حافلات مفصلية مخصّصة للحجاج، بعيدًا عن مسارات المشاة، لتفادي أي تداخل قد يؤثر على سلامة وتنظيم الحشود، وقد بلغ عدد الحافلات المفصلية التي تم تشغيلها 100 حافلة، بسعة تصل إلى 125 راكبًا لكل حافلة، بطاقة استيعابية فاقت 20 ألف راكب في الساعة.

وساهمت هذه الآلية في تقليص زمن الانتقال من مشعر منى إلى المسجد الحرام إلى 20 دقيقة فقط، وهو زمن قياسي بالنظر إلى الكثافة العددية وضيق النطاق الزمني، مما سهّل على الحجاج أداء طواف الإفاضة في أوقات مناسبة بعيدًا عن الزحام أو الانتظار الطويل.

ولعبت محطة غرب الجمرات دورًا لوجستيًا محوريًا في تنظيم الحشود وتحويلها من مشعر منى إلى الحرم، عبر مسارات ترددية مباشرة تُدار بتنظيم دقيق، ما ساهم في تخفيف الضغط عن الطرق الأخرى وتحسين جودة التنقل داخل المشاعر.

وفي إطار هذه الجهود، لم يقتصر عمل المركز على مرحلة الإفاضة فقط، بل امتدت إلى ما قبلها بتحسين عمليات النقل من عرفات إلى مزدلفة، عبر تطوير عدد من التقاطعات الحيوية مثل شارع سوق العرب والجوهرة، وهو ما انعكس على تقليص زمن الرحلات وتعزيز الانسيابية بشكل واضح.

ولضمان أعلى مستويات الجاهزية، تم تجهيز 71 مركزًا ونقطة طوارئ موزعة بعناية في مواقع حيوية داخل المشاعر المقدسة، بهدف تمكين فرق الاستجابة السريعة من الوصول الفوري إلى أي نقطة تشهد كثافة بشرية أو تحتاج إلى تدخل عاجل، ويأتي هذا الترتيب ضمن خطة استباقية تهدف إلى تأمين سلامة ضيوف الرحمن، وتوفير بيئة آمنة ومهيأة لأداء النسك.

وفيما يتعلق بوسائل النقل الأخرى، فعّل المركز العام للنقل بالتعاون مع الخطوط الحديدية السعودية "سار" آلية تفويج متقنة للحجاج عبر قطار المشاعر، باستخدام بطاقات ملوّنة تُحدّد توقيتات صعود الحجاج بدقة، ما ساعد على ضبط الكثافة داخل المحطات، ومنع أي تكدس قد يعرقل انسيابية الحركة.

وأُضيف إلى هذا الجهد تفعيل خريطة تفاعلية رقمية لمسارات خدمة الحجاج من منى إلى المسجد الحرام، تضمّنت توزيع ستة مسارات رئيسية بدقة زمنية متناهية، بحيث تنتهي معظمها عند الساعة 12:00 منتصف ليلة 11 من ذي الحجة، فيما تم تمديد أحد المسارات حتى منتصف ليلة 12 من الشهر ذاته، لتوفير مرونة تشغيلية تتماشى مع المستجدات الميدانية.

ولتعزيز شبكة التنقل داخل المشاعر وخارجها، ساعدت الطرق الدائرية الثاني والثالث في تخفيف العبء عن الطرق الداخلية، وفتح ممرات بديلة تساهم في سرعة الوصول إلى وجهات الحجاج المختلفة، خاصة في أوقات الذروة.

وقد انعكست هذه الجهود في نتائج تشغيلية ملموسة، حيث تم تقليص مدة التصعيد إلى التروية بأربع ساعات، وخفض زمن الانتقال المباشر إلى عرفات بساعتين ونصف، كما تم تسجيل اكتمال التصعيد إلى عرفات عند الساعة 8:46 صباحًا، فيما انتهت مرحلة الإفاضة الأولى إلى مزدلفة في تمام الساعة 11:58 مساءً، في مؤشرات تعكس دقة الأداء وجودة التنفيذ الميداني.

ويواصل المركز العام للنقل أداءه كمحور تشغيلي رئيس في منظومة الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، مستندًا إلى منظومة تخطيطية متقدمة، وتحكم لحظي بالحشود، وتكامل فعال بين الجهات ذات العلاقة، وتسعى هذه المنظومة مجتمعة إلى تحسين تجربة الحج عامًا بعد عام، والارتقاء بجودة خدمات النقل بما يليق بمكانة الحرمين الشريفين، ويُسهم في تمكين ضيوف الرحمن من أداء نسكهم بيسر وطمأنينة.

وتعكس هذه الخطة المتكاملة روح الابتكار والحرص في إدارة الحشود داخل المشاعر المقدسة، وتبرز التزام الجهات المعنية، وعلى رأسها الهيئة الملكية، بتوفير أعلى معايير الجودة في خدمات النقل، ما يُعد أحد أعمدة نجاح موسم الحج، ويعكس الصورة المشرّفة التي تقدّمها المملكة في خدمة ضيوف الرحمن.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook