من الحظر إلى الحماية: كيف تغيّر موقف ترمب من تيك توك؟

في خطوة جديدة تعكس تعقيد العلاقة بين السياسة الأميركية والتكنولوجيا الصينية، يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتمديد المهلة الممنوحة لتطبيق "تيك توك" مجددًا، مما يمنح شركة "بايت دانس" الصينية فرصة إضافية للبحث عن صفقة تحفظ استمرار أعمال التطبيق في الولايات المتحدة، وتأتي هذه الخطوة رغم انتهاء التمديد الحالي في 19 يونيو، ما يسلّط الضوء على مدى تداخل الأمن القومي مع الحسابات الانتخابية والتجارية في البيت الأبيض.
بحسب تقرير نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مصادر مطلعة، من المتوقع أن يُصدر ترمب أمرًا تنفيذيًا جديدًا يؤجل تنفيذ القانون الذي يفرض إما حظر "تيك توك" أو بيع أعماله لشركة أميركية، ويأتي هذا القرار في ظل تعثر المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين، وهو ما يُعقّد فرص التوصل إلى تسوية دائمة بشأن التطبيق الذي يستخدمه ملايين الأميركيين، لا سيما من فئة الشباب.
إقرأ ايضاً:"الضمان الصحي" يوجه نصائح مهمة لعلاج الإجهاد العضلي خلال الحجفرحة يوم عرفة أول مولود في حج 1446 يسمى "عرفات" في مكة
ويمثّل هذا التمديد، في حال تأكيده، الثالث منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، وعلى الرغم من جهود البيت الأبيض لتسهيل صفقة استحواذ تضمن إدارة أميركية لـ"تيك توك"، فإن الضغوط التي فرضها ترمب عبر رسوم جمركية مرتفعة على الواردات الصينية في أبريل الماضي أدت إلى توقف هذه المساعي مؤقتًا.
وكان الرئيس قد وقّع في 4 أبريل أمرًا تنفيذيًا مدّد بموجبه المهلة 75 يومًا، ووجّه وزارة العدل بعدم تنفيذ قانون يعود لعام 2024 كان يهدف لحظر التطبيق أو فرض بيعه، بذريعة مخاوف تتعلق بالأمن القومي، وتقول الإدارة الأميركية إن الملكية الصينية للتطبيق تُعد خطرًا محتملاً يمكّن بكين من جمع بيانات عن المواطنين الأميركيين والتأثير على الرأي العام، وهي ادعاءات نفتها شركة "بايت دانس" مرارًا، مؤكدة أنها لم تتلقَّ أي طلبات من هذا النوع من الحكومة الصينية، وأنها لن تمتثل لها إن وُجّهت إليها.
المفارقة أن ترمب، الذي كان من أبرز الأصوات الداعية لحظر التطبيق خلال ولايته الأولى، بات اليوم يعتبره أداة حيوية للتواصل مع الناخبين الشباب، وقد صرّح مؤخرًا: "أود إنقاذ تيك توك، لقد كان جيدًا جدًا معي"، ملمّحًا إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه التطبيق في حملته الانتخابية المقبلة.
وبحسب المقترح الحالي، فإن عددًا من المستثمرين الأميركيين البارزين، من بينهم "أوراكل" و"بلاكستون" و"سيلفر ليك"، إضافة إلى مايكل ديل من "ديل تكنولوجيز"، سيحصلون على حصة في نسخة من التطبيق تُدار بالكامل داخل الولايات المتحدة، ويفترض أن تحتفظ "بايت دانس" بحصة أقل من 20% في الكيان الجديد، مما يُخفّف المخاوف الأمنية الأميركية ويضمن استمرار عمل المنصة دون انقطاع.
لكن بعد إعلان ترمب عن الرسوم الجمركية الجديدة، أبلغت "بايت دانس" المسؤولين الأميركيين أن الصين لن توافق على أي صفقة قبل تسوية القضايا التجارية العالقة، وأوضحت الشركة أن الاتفاق، حتى لو وُقّع مبدئيًا، سيحتاج إلى موافقة الجهات المختصة في الصين، ما يضع مستقبل الصفقة في دائرة الغموض.
ورغم أن "تيك توك" لم يُذكر صراحة في الاتصال الهاتفي الذي جرى بين ترمب والرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الخميس، فإن الطرفين اتفقا على استئناف المحادثات التجارية في لندن بداية الأسبوع المقبل، وهو ما يشير إلى أن مصير التطبيق بات مرتبطًا مباشرة بمستقبل العلاقة الاقتصادية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وفي خضم ذلك، تزايدت الانتقادات داخل الكونغرس، حيث اتهم بعض الجمهوريين الرئيس بتجاهل القانون الذي أُقر بدعم الحزبين وصادقت عليه المحكمة العليا، في حين لم يُظهر المجلس التشريعي – الذي يهيمن عليه الجمهوريون – نيةً واضحة لمعارضة قرارات ترمب، الأمر الذي يعكس مدى تغلغل الاعتبارات السياسية والانتخابية في ملف "تيك توك".