تقنية "الإيكمو" تنقذ أرواح الحجاج في موسم الحج.. خطوة طبية رائدة بالمملكة

في سابقةٍ نوعية تعكس التزام المملكة العربية السعودية بتسخير أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا الطبية لخدمة ضيوف الرحمن، جرى تفعيل تقنية "الإيكمو" (ECMO) خلال موسم الحج الحالي، هذه الخطوة تأتي ضمن منظومة متكاملة من الرعاية الصحية المتقدمة التي تهدف إلى حماية الأرواح وضمان الاستجابة السريعة للحالات الحرجة التي قد تطرأ على الحجاج، إن إدخال هذه التقنية المتطورة يعزز مكانة المملكة كواحدة من الدول الرائدة في تقديم نموذج صحي يضع سلامة الإنسان على رأس الأولويات، خاصة في تجمع بشري ضخم كموسم الحج.
تقنية "الإيكمو"، المعروفة علميًا بـ"الأكسجة الغشائية خارج الجسم"، تُصنف ضمن أكثر تقنيات الرعاية الحرجة تطورًا على مستوى العالم، إنها بمثابة طوق نجاة للمرضى الذين يعانون من فشل رئوي أو قلبي حاد، ولا تستجيب أجسادهم للعلاجات التقليدية المتاحة، ببساطة، تعمل هذه التقنية المتقدمة على سحب الدم من جسم المريض، ثم تقوم بإزالة ثاني أكسيد الكربون منه وتزويده بالأكسجين اللازم، ليُعاد ضخه مجددًا إلى الجسم، هذا الإجراء يمنح القلب والرئتين فرصة حيوية للراحة والتعافي المؤقت، مما قد يكون الفارق بين الحياة والموت في العديد من الحالات المستعصية.
إقرأ ايضاً:المرور: التزام قائدي الحافلات ساهم في نجاح خطط الحجخطة تنقل متكاملة 17 موقعًا لخدمة الأجرة العامة في المدينة لضيوف الرحمن!
أدرجت وزارة الصحة السعودية هذه التقنية المتطورة ضمن خطط الطوارئ الاستراتيجية في مستشفيات مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، لم يقتصر الأمر على توفير الأجهزة فحسب، بل خصصت الوزارة فرقًا طبية متخصصة ومُدربة تدريبًا عاليًا للتعامل مع الحالات التي تتطلب استخدام "الإيكمو"، يتركز الاهتمام بشكل خاص على كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة من الحجاج، وهم الفئة الأكثر عرضة للمضاعفات الصحية خلال أداء المناسك، مما يجعل هذه التقنية ضرورية لضمان سلامتهم.
يؤكد مسؤولون في القطاع الصحي أن وجود هذه التقنية المتطورة ضمن نطاق المشاعر المقدسة يمثل نقلة نوعية حقيقية في الاستجابة الطبية الطارئة، القدرة على إنقاذ حالات معقدة في غضون دقائق معدودة، بفضل الجاهزية العالية للفرق المختصة والتكامل الفائق مع منظومة النقل الإسعافي السريع، يعكس مستوى التخطيط والرؤية الاستباقية التي تتبناها المملكة، هذا التناغم بين التقنية المتطورة والجاهزية البشرية يضمن تقديم أعلى مستويات الرعاية للحجاج في أصعب الظروف.
يأتي تفعيل تقنية "الإيكمو" بالتوازي مع حزمة واسعة من الخدمات الصحية المبتكرة التي تقدمها وزارة الصحة للحجاج، من بين هذه الخدمات، تبرز خدمات الصحة الافتراضية التي تتيح للحجاج الحصول على استشارات طبية عن بُعد، بالإضافة إلى مركز 937 الذي يعمل على مدار الساعة بعدة لغات لتلقي استفسارات وشكاوى الحجاج وضمان وصولهم إلى الدعم الطبي في أي وقت وبأعلى درجات الدقة والفعالية، هذه الخدمات المتكاملة تهدف إلى توفير مظلة صحية شاملة تغطي كافة احتياجات ضيوف الرحمن.
تجسد هذه الخطوة الرائدة في مجال الرعاية الصحية رؤية المملكة الطموحة لتقديم نموذج صحي رائد عالميًا، يضع سلامة الإنسان وجودة الحياة في صدارة أولوياته، إنها رؤية تستشرف المستقبل وتواكب أحدث ما أنتجته التقنيات الطبية العالمية، لتطبيقها في واحدة من أضخم عمليات إدارة الحشود البشرية في العالم، هذا التوجه يعكس التزام المملكة المستمر بتحسين الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، والارتقاء بها إلى مستويات غير مسبوقة.
ومع دخول تقنية "الإيكمو" إلى ميدان العمل الميداني في موسم الحج، تتقدم المملكة العربية السعودية خطوة إضافية نحو مستقبل طبي أكثر أمانًا وابتكارًا، هذه الجهود لا تقتصر على تقديم العلاج الفوري، بل تمتد لتشمل الوقاية والتوعية، وتوفير بيئة صحية آمنة تمكن الحجاج من أداء مناسكهم بيسر وطمأنينة، إن هذا التطور يرسخ مكانة المملكة كمركز عالمي للرعاية الصحية المتقدمة، خاصة في المواسم الدينية الكبرى.
إن دمج "الإيكمو" ضمن الخدمات الصحية للحج ليس مجرد إضافة تقنية، بل هو تعبير عن التزام عميق بالمسؤولية الإنسانية تجاه ملايين الحجاج الذين يفدون إلى الأراضي المقدسة سنويًا، إنه استثمار في الأرواح، يضمن أن كل حاج يحصل على أفضل رعاية ممكنة، حتى في أشد الحالات خطورة، هذه المبادرات تؤكد أن صحة الحجاج وسلامتهم هي الأولوية القصوى للمملكة العربية السعودية، وتبرهن على قدرتها الفائقة على إدارة التحديات الصحية الكبرى بكفاءة واحترافية.