السجن والغرامة لمقيم أسيوي أنشأ حملة حج وهمية

في خطوة حازمة تعكس حرص الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية على حماية الحجاج وضمان انسيابية موسم الحج دون استغلال أو تلاعب، أصدرت نيابة الحج والعمرة حكمًا قضائيًا يقضي بسجن مقيم آسيوي لمدة عام وتغريمه عشرة آلاف ريال سعودي، بعد إدانته بإنشاء حملة حج وهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مستهدفًا بها الاستيلاء على أموال المواطنين والمقيمين دون أي ترخيص قانوني أو صفة رسمية.
وهذه الحادثة التي تم الكشف عنها مؤخرًا تبرز الجهود الرقابية التي تبذلها السلطات لضبط المخالفات المرتبطة بالمواسم الدينية، والتي تشهد تدفقًا كبيرًا للحجاج وتناميًا في الطلب على الحملات والخدمات ذات الصلة.
إقرأ ايضاً:جدة تشدد الرقابة قبل عيد الأضحى: نقاط تفتيش مكثفة لمنع تهريب اللحومانتقالات الصيف: الهلال يُناور بـ"هارتمان" بعد تعثر صفقة نجم ميلان
وقد كشفت التحقيقات التي باشرتها النيابة أن المتهم أقدم على الترويج لحملة حج مزيفة عبر منصة إلكترونية، مستخدمًا إعلانات ومحتوى مضلل يتضمن وعودًا بخدمات متميزة وأسعار تنافسية، في محاولة لجذب أكبر عدد من الضحايا الراغبين في أداء مناسك الحج لهذا العام.
وجرى رصد الحملة عبر فرق الرصد التابعة للنيابة بالتعاون مع الجهات الأمنية، حيث تم القبض على المتهم وبحوزته مجموعة من سندات القبض والمستندات التي تؤكد ممارسته لهذا النشاط المخالف.
كما تبين خلال التحقيق أنه لا يمتلك أي صفة رسمية أو ترخيص من الجهات المعنية بتنظيم حملات الحج، مما شكل جريمة احتيال يعاقب عليها القانون السعودي، والنيابة العامة، من جانبها، شددت في بيانها الرسمي على أن العقوبة الصادرة تعكس التوجه الحاسم في مواجهة كل من يستغل قدسية شعائر الحج لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة.
وأوضحت أن العقوبات تشمل الحبس والغرامة، وقد تصل إلى الإبعاد النهائي عن المملكة فور تنفيذ العقوبة، في حال كان المدان من غير السعوديين، كما أكدت النيابة أن من يثبت ترويجه أو مشاركته أو تسهيله لمثل هذه الأنشطة سيواجه ذات المساءلة، داعية الجميع إلى ضرورة التأكد من نظامية الحملات التي يسجلون فيها، والاعتماد فقط على الجهات المرخصة والمعلنة رسميًا من قبل وزارة الحج والعمرة.
وتأتي هذه القضية في سياق متصاعد من التحذيرات الرسمية التي أطلقتها وزارة الحج والعمرة منذ بداية موسم التسجيل، حيث نبهت مرارًا إلى انتشار بعض الإعلانات المضللة التي تستغل رغبة المواطنين والمقيمين في أداء الفريضة، عبر وعود كاذبة أو أسعار وهمية.
وتقوم الوزارة حاليًا بتكثيف حملاتها التوعوية والرقابية، بالتعاون مع النيابة العامة ووزارة الداخلية وهيئة الاتصالات، من أجل حماية الراغبين في الحج من الوقوع ضحية لمثل هذه الأساليب الاحتيالية، لا سيما في ظل اعتماد العديد من المواطنين على الوسائل الإلكترونية في التسجيل والدفع.
وقد أطلقت الوزارة منصة موحدة معتمدة لتسجيل حملات الحج الداخلية، تتيح للمستخدمين التحقق من نظامية الحملات والأسعار والخدمات، وتُعد هذه الحادثة نموذجًا لما قد يتعرض له الأفراد في ظل توسع استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
حيث باتت هذه الوسائل مسرحًا للعديد من أساليب الاحتيال المنظمة، لا سيما في المواسم الدينية التي تشهد فيها الطلبات ذروتها. وتؤكد الجهات الأمنية أن هناك تقنيات متقدمة تُستخدم حاليًا لرصد وتتبع هذه المخالفات بشكل فوري.
سواء من خلال الذكاء الاصطناعي أو التعاون مع شركات التقنية ومنصات التواصل الاجتماعي، كما تدعو الجهات الرسمية الجمهور إلى الإبلاغ الفوري عن أي حملة مشبوهة أو غير مرخصة، من خلال القنوات الرسمية مثل تطبيق "كلنا أمن" أو منصات وزارة الداخلية ووزارة الحج.
إن الحكم الصادر بحق المقيم الآسيوي ليس مجرد إجراء قانوني، بل رسالة واضحة بأن المملكة جادة في تطبيق القوانين وحماية ضيوف الرحمن من كل أشكال التلاعب والاستغلال.
ومع اقتراب موسم الحج، تتزايد المسؤولية على عاتق الجميع في التصدي لمثل هذه المحاولات التي لا تسيء فقط للأشخاص المتضررين، بل تمس قدسية الشعائر ومكانة المملكة باعتبارها الحاضنة لمقدسات المسلمين، ومن المنتظر أن تستمر الحملات الرقابية والتوعوية بشكل مكثف خلال الأسابيع المقبلة، لضمان موسم حج آمن ومنظم خالٍ من التجاوزات.