شراكات ضخمة مع "OpenAI" و"إيلون ماسك".. "هيوماين" تضع السعودية في قلب الثورة الرقمية

الذكاء الاصطناعي
كتب بواسطة: فائزة بشير | نشر في  twitter

في لحظة فاصلة تعكس رؤية المملكة العربية السعودية الطموحة للتحول إلى مركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا، أُعلن عن إطلاق شركة "هيوماين" (Humain) خلال شهر مايو الماضي، كمبادرة نوعية تابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، تهدف الشركة إلى ترسيخ مكانة المملكة في مضمار الذكاء الاصطناعي من خلال تطوير تقنيات متقدمة، وبناء شراكات إستراتيجية مع كبريات الشركات العالمية، والدخول في استثمارات نوعية تعيد رسم خارطة هذه الصناعة المتسارعة.

في تصريح لافت أدلى به طارق أمين، الرئيس التنفيذي لشركة "هيوماين"، لصحيفة "فايننشال تايمز"، كشف عن نوايا الشركة لإطلاق صندوق رأس مال جريء بقيمة 10 مليارات دولار خلال الصيف الجاري، يستهدف الاستثمار في شركات ناشئة بالولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، كما أشار إلى أن "هيوماين" في طور مفاوضات نشطة مع مجموعة من شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة، من بينها "OpenAI"، وشركة "xAI" التي أسسها إيلون ماسك، بالإضافة إلى شركة الاستثمار الشهيرة "أندريسن هورويتز"، وذلك في سعي حثيث لعقد شراكة استراتيجية تساهم في ترسيخ حضور الشركة في قلب المنظومة العالمية للذكاء الاصطناعي.


إقرأ ايضاً:صراع ثلاثي بين الهلال والاتحاد والنصر لضم نجم ليفربول لويس دياز36 مرشد سعودي يطلقون حملة عالمية لتوثيق خدمة الحجاج في موسم 1446هـ

ورغم أن أمين لم يعلن بشكل صريح عن هوية الشريك الأمريكي المحتمل، إلا أنه ألمح إلى أن المفاوضات تتضمن كيانات رائدة في قطاع مراكز البيانات، وأن الإعلان الرسمي قد يكون وشيكًا، هذا التوجه يعكس رغبة "هيوماين" في بناء نموذج متكامل يشمل تطوير البنية التحتية، وتصميم الشرائح الإلكترونية، والاستثمار في المواهب والأسواق العالمية، وهي استراتيجية لا تتبناها إلا الشركات الكبرى مثل تلك الموجودة في الولايات المتحدة والصين.

وتعدّ "هيوماين" واحدة من أولى الكيانات خارج القوتين التقليديتين التي تطمح لتكرار هذا النموذج، مع دعم قوي من صندوق الاستثمارات العامة، واستراتيجية استثمارية شاملة تتجاوز مجرد التمويل إلى بناء قدرات تقنية حقيقية، يأتي إطلاق صندوق "Humain Ventures" كخطوة محورية في هذا الإطار، إذ سيوجه تمويلاته إلى الشركات الناشئة الواعدة في مجالات الذكاء الاصطناعي، ما سيمنح الشركة موطئ قدم في المشهد العالمي للتقنية، ويفتح قنوات للتعاون ونقل المعرفة.

ويبدو أن البيئة الإقليمية أصبحت محط اهتمام كبريات شركات التكنولوجيا في وادي السيليكون، التي باتت تنظر إلى الصناديق السيادية الخليجية، وعلى رأسها السعودي، كمصادر قوية لتمويل مشاريع الذكاء الاصطناعي ذات الطابع الرأسمالي المكثف، هذا الاهتمام المتزايد تجلّى في لقاءات متواترة بين مسؤولين تنفيذيين أمريكيين ونظرائهم في المنطقة، في مؤشر واضح على تحوّل جيوسياسي تقني يضع الخليج العربي كلاعب مؤثر في المستقبل الرقمي.

في موازاة هذه الجهود، تسعى "هيوماين" إلى تنفيذ مشروع ضخم لبناء واحدة من أضخم البنى التحتية لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي في العالم، وتهدف الشركة إلى بلوغ قدرة تشغيلية تصل إلى 1،9 جيجاواط بحلول عام 2030، ثم التوسع إلى 6،6 جيجاواط بحلول عام 2034، وهي أرقام غير مسبوقة في المنطقة وتكافئ قدرات مشاريع عملاقة مثل مركز "ستارجيت" في الولايات المتحدة، أو مجمع "كولوسوس" التابع لـ xAI.

ويتوقع أن تصل تكلفة المشروع إلى نحو 77 مليار دولار، بحسب التقديرات الحالية، مما يعكس عمق الاستثمار السعودي في المستقبل الرقمي، وتطمح الشركة إلى أن تشكل هذه البنية التحتية أساسًا لمعالجة ما يصل إلى 7% من عمليات تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي عالميًا، وكذلك الاستجابات التنبؤية التي تنتجها هذه النماذج، وتبدأ المرحلة الأولى من المشروع بمحطة بقدرة 50 ميجاواط، تعتمد على 18 ألف شريحة من شرائح "إنفيديا"، على أن تدخل الخدمة خلال العام القادم، في خطوة تعتبر منطلقًا فعليًا للقدرة السعودية على المنافسة في هذا المجال.

ولا تتوقف طموحات "هيوماين" عند حدود البنية التحتية، فقد تمكنت منذ إطلاقها من إبرام صفقات ضخمة بقيمة 23 مليار دولار مع مجموعة من عمالقة التقنية مثل "إنفيديا"، و"AMD"، و"أمازون ويب سيرفيسز"، و"كوالكوم"، وتشمل هذه الشراكات اتفاقًا مع "AMD" لبناء قدرة حوسبة ضخمة تبلغ 500 ميجاواط، ما يعزز قدرات الشركة على تقديم حلول ذكاء اصطناعي متقدمة وجاهزة للنشر في نطاق عالمي.

هذه الخطوات تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن المملكة تسير بثقة نحو تحقيق هدفها في أن تكون أحد المحاور الأساسية في الاقتصاد العالمي القائم على الذكاء الاصطناعي، ومع تصاعد حجم الاستثمارات، ودقة التخطيط الإستراتيجي، وسرعة التنفيذ، يبدو أن "هيوماين" ستلعب دورًا حاسمًا في تشكيل مشهد الذكاء الاصطناعي خلال العقد القادم، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل على الساحة العالمية بأكملها.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook