خصوصيتك أولاً: تطبيق جوجل الجديد يُشغل الذكاء الاصطناعي محليًا دون مشاركة بياناتك
أطلقت شركة جوجل خطوةً جديدة على درب تطويع الذكاء الاصطناعي لخدمة المستخدم الفرد، وذلك من خلال تطبيق تجريبي جديد يُدعى AI Edge Gallery، يتيح تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي على هواتف أندرويد محليًا دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت، هذا التحول الاستراتيجي في تقديم الذكاء الاصطناعي على الهواتف الذكية يأتي في ظل رغبة متزايدة لدى المستخدمين في الحصول على أدوات قوية دون التضحية بخصوصيتهم أو الاعتماد المستمر على الخوادم السحابية.
التطبيق الجديد متوفر حاليًا بصيغة APK على منصة GitHub، بانتظار طرحه لاحقًا على متجر Google Play، إلى جانب نُسخة مستقبلية لهواتف iOS، ويبدو أن جوجل تستهدف من خلال هذا الطرح الأولي فئة المطورين والمستخدمين التقنيين، لإتاحة المجال أمام تجريب النماذج واستكشاف حدود الإمكانات الجديدة بعيدًا عن البيئة السحابية التقليدية.
إقرأ ايضاً:السلطات السعودية تحبط محاولات التسلل وتحافظ على أمن وسلامة الحجاجتقنية "الإيكمو" تنقذ أرواح الحجاج في موسم الحج.. خطوة طبية رائدة بالمملكة
ويتميز AI Edge Gallery بكونه يختلف تمامًا عن تطبيق Gemini الشهير من جوجل، الذي يعتمد كليًا على الاتصال السحابي لمعالجة الأوامر، بينما يعمل هذا التطبيق الجديد محليًا على الجهاز، ما يعني أن المستخدم لا يضطر لإرسال بياناته إلى أي جهة خارجية، وهو ما يُمثل نقلة نوعية في إدارة البيانات الشخصية عند استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وفي المقابل، تظل خدمات مثل Gemini وChatGPT معتمدة على الخوادم، وهو ما يمنحها سرعةً في الأداء ولكن على حساب الخصوصية.
عند تشغيل التطبيق، يُواجه المستخدم بواجهة بسيطة ولكن فعّالة، تضم ثلاث أدوات رئيسية: أداة “Ask Image” التي تحلل الصور وتُجيب على الأسئلة المتعلقة بها، و”Prompt Lab” التي تتيح للمستخدم صياغة النصوص أو إعادة كتابتها وتلخيصها، فضلًا عن إمكانية توليد الشفرات البرمجية، وأخيرًا “AI Chat” التي تتيح تفاعلًا مباشرًا مع نموذج الذكاء الاصطناعي، هذه الوظائف تعكس رؤية جوجل في تقديم ذكاء اصطناعي متكامل يعمل محليًا دون التضحية بالكفاءة.
ما يُميز التطبيق كذلك هو قابلية التخصيص؛ حيث يُمكن للمستخدم اختيار واحد من أربعة نماذج مدمجة مسبقًا في التطبيق، أو تحميل نماذج أخرى يدويًا عبر خيار (إضافة +) في الشاشة الرئيسية، وتُتيح هذه المرونة تشغيل النماذج باستخدام معالج الجهاز (CPU) أو وحدة الرسومات (GPU)، بحسب إمكانيات كل هاتف، وهو ما يُعزز من الأداء ويُقلل من فترات الانتظار المعتادة.
ومع أن AI Edge Gallery يفتح الباب أمام استخدام آمن ومستقل لتقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن هناك بعض الاعتبارات التي يجب أخذها في الحسبان؛ أبرزها أن أداء التطبيق قد لا يُضاهي السرعة المعهودة في الحلول السحابية، نظرًا لاعتماد المعالجة على قدرات الهاتف، كما أن حجم النماذج المدعومة كبير نسبيًا، إذ يتراوح بين 560 ميجابايت و4،4 جيجابايت، مما يتطلب مساحة تخزين وفيرة لتشغيله بسلاسة.
وتُظهر هذه الخطوة من جوجل تحولًا واضحًا نحو تعزيز التجربة المحلية للذكاء الاصطناعي، في وقت تشهد فيه التكنولوجيا التوليدية اهتمامًا غير مسبوق من المستخدمين حول العالم، ويرى محللون أن هذا النوع من التطبيقات قد يكون مقدمة لدمج أعمق بين الذكاء الاصطناعي والنظام التشغيلي نفسه، بحيث يمكن استدعاء النماذج كما يتم حاليًا مع تطبيقات النظام، ما يفتح المجال لتخصيص أوسع وتجربة استخدام أكثر ذكاءً وخصوصية.
ورغم أنه لا يزال في مرحلته التجريبية، فإن AI Edge Gallery يُعد خطوة استراتيجية مهمة في طريق جعل الذكاء الاصطناعي في متناول الجميع، بدون حواجز تقنية أو مخاوف متعلقة بالخصوصية، ومع تطور هذا التوجه، قد نشهد مستقبلًا حيث يكون الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من كل جهاز، يعمل باستقلالية، ويُراعي خصوصية المستخدم أولًا وأخيرًا.