هل ستفقد العمالة الأجنبية وظائفها؟ السعودية تستهدف توطين 21 مهنة بحلول 2025

كشفت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية عن خطة استراتيجية طموحة تستهدف توطين 21 مهنة متنوعة في سوق العمل السعودي بحلول عام 2025، في خطوة محورية تعزز التزام المملكة الراسخ بتحقيق مستهدفات رؤية 2030 الطموحة، هذه المبادرة تأتي في سياق جهود المملكة الدؤوبة لإعادة هيكلة سوق العمل، وتعزيز مشاركة الكفاءات الوطنية في مختلف القطاعات، بما يتماشى مع التوجهات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة.
القرار الجديد يشمل طيفًا واسعًا من المهن الحيوية، تمتد لتغطي وظائف إدارية وأمنية وخدمية، حيث تتضمن قائمة المهن المستهدفة بالتوطين الكامل مواقع قيادية وإشرافية هامة، من أبرز هذه المهن، نجد مدراء الأمن والسلامة، ومدراء الصيانة، ومدراء الموارد البشرية، وهي وظائف تتطلب خبرات إدارية وتنظيمية عالية، كما يشمل القرار وظائف الإشراف في قطاعات حيوية مثل التسويق والمبيعات وخدمة العملاء، والتي تمثل واجهة التعامل مع المستهلكين والعملاء، بالإضافة إلى عدد من الوظائف الفندقية والسياحية التي تعد ركيزة أساسية لنمو القطاع السياحي الواعد في المملكة.
إقرأ ايضاً:اكتمال وصول 2443 حاجاً من 100 دولة ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفينلهذا السبب: الشؤون الإسلامية تبث أكثر من 36 مليون رسالة للحجاج بلغات متعددة
تأتي هذه الخطوة في إطار مساعي المملكة الدؤوبة لخلق فرص وظيفية واعدة للشباب السعودي الطموح، وتمكينه من المساهمة الفاعلة في مسيرة التنمية الشاملة، ومن شأن هذا القرار أن يفرض على أصحاب العمل ضرورة مراجعة هياكلهم الوظيفية، والبدء في استراتيجيات متكاملة للاستغناء عن الكوادر الأجنبية التي تشغل هذه المهن فور حلول الموعد المحدد في عام 2025، هذه العملية تتطلب تخطيطًا دقيقًا ومرحلة انتقالية سلسة لضمان استمرارية الأعمال دون تأثيرات سلبية.
وفي المقابل، تواجه آلاف العمالة الوافدة التي تشغل هذه الوظائف المصيرية تحديًا كبيرًا، حيث يقتضي عليهم الاختيار بين مسارين لا ثالث لهما، فإما البحث عن فرص عمل بديلة في مجالات أخرى لم يشملها قرار التوطين، وهو ما يتطلب منهم التكيف مع متطلبات سوق العمل المتغيرة، أو العودة إلى بلدانهم الأصلية، وهو خيار قد يكون صعبًا على الكثيرين، هذا التحول يتطلب من الشركات والمؤسسات المعنية إعداد استراتيجيات واضحة ومدروسة للتعامل مع هذا التحدي، بما في ذلك برامج تأهيل وتدريب مكثفة للكوادر الوطنية لضمان قدرتهم على ملء الشواغر المتوقعة بكفاءة وفعالية.
القرار الجديد ليس سوى امتداد طبيعي لبرنامج التوطين الذي تنفذه المملكة العربية السعودية منذ سنوات، والذي يهدف إلى تقليص الاعتماد على العمالة الأجنبية بشكل تدريجي وممنهج، لطالما كانت المملكة تسعى جاهدة لزيادة مشاركة المواطنين في سوق العمل، خاصة في القطاعات التي كانت تعتمد بشكل كبير على الوافدين، وذلك لتعزيز الاستدامة الاقتصادية وتوفير فرص عمل مستقرة ومجزية لأبناء وبنات الوطن.
هذه الاستراتيجية تعكس رؤية المملكة الشاملة لمستقبل سوق العمل، والتي تركز على بناء اقتصاد متنوع ومستدام يعتمد على الكفاءات الوطنية، فمن خلال توطين هذه المهن، تسعى المملكة إلى تعزيز المهارات المحلية، وتقليل معدلات البطالة بين الشباب السعودي، إضافة إلى تحفيز النمو الاقتصادي من خلال زيادة الإنفاق المحلي وتعزيز الدورة الاقتصادية داخل المملكة.
إن نجاح هذه الخطة يتوقف على تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، من جهات حكومية وشركات ومؤسسات، بالإضافة إلى الأفراد أنفسهم، فالوزارة تعمل على توفير البيئة التشريعية والتنظيمية اللازمة، بينما تقع على عاتق الشركات مسؤولية تأهيل وتدريب الموظفين السعوديين، وعلى الشباب السعودي مسؤولية اغتنام هذه الفرص وتطوير مهاراتهم لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة.
بحلول عام 2025، من المتوقع أن يشهد سوق العمل السعودي تحولاً نوعيًا، حيث ستصبح الكوادر الوطنية هي المحرك الأساسي في العديد من القطاعات الحيوية، مما يعزز من مكانة المملكة كقوة اقتصادية إقليمية وعالمية، ويدعم تحقيق أهداف رؤية 2030 الطموحة في بناء مستقبل مزدهر ومستدام للجميع.