لهذا السبب: الصناعة السعودية تُطلق ثلاثة مجمعات تعدين جديدة بالرياض ومكة

في خطوة استراتيجية تعكس التوجه الوطني نحو تعظيم القيمة الاقتصادية من الموارد الطبيعية، أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية اليوم عن تخصيص ثلاثة مجمعات تعدينية جديدة في منطقتي الرياض ومكة المكرمة، ضمن إطار تطوير البيئة الاستثمارية لقطاع التعدين في المملكة وتعزيز استدامته.
ويأتي هذا القرار امتدادًا لرؤية المملكة 2030 التي وضعت قطاع التعدين ضمن ركائزها الاقتصادية، باعتباره أحد أهم القطاعات الواعدة غير النفطية، وقد أوضح المتحدث الرسمي للوزارة، جراح بن محمد الجراح، أن المجمعات الجديدة تشمل مجمعين في منطقة الرياض ومجمعًا ثالثًا في مكة المكرمة، بمساحات استراتيجية تُعزز من جاهزية هذه المواقع لجذب المستثمرين المحليين والدوليين، وتهيئ الأرضية لتطوير مشاريع تعدينية نوعية.
إقرأ ايضاً:جاهزية تامة وأحدث التقنيات القوات البحرية الملكية السعودية تؤمن المنافذ البحرية للحجاجالهلال يعرض ميتروفيتش على نيوم ويفاجأ بهذا الرد.. خطة الزعيم لإعادة تشكيل الهجوم قبل كأس العالم للأندية
والمواقع التي تم تخصيصها تعكس دراسة جغرافية دقيقة وقراءة مستقبلية لحاجات السوق، حيث يقع المجمع الأول في محافظة عفيف بمنطقة الرياض وتبلغ مساحته 10.38 كيلومترات مربعة، فيما يغطي مجمع الطيري بمحافظة رماح مساحة واسعة تصل إلى 37.88 كيلومترًا مربعًا، مما يجعله من أكبر المجمعات التعدينية من حيث المساحة في المنطقة الوسطى.
أما الموقع الثالث فيقع شرق فيضة المسلح بمحافظة الطائف التابعة لمنطقة مكة المكرمة، وتبلغ مساحته أكثر من 25 كيلومترًا مربعًا، وهو ما يمنحه أهمية خاصة كونه يقع بالقرب من مراكز حضرية نشطة، مما يُسهّل عملية الإمداد اللوجستي ويُعزز فرص التكامل الصناعي.
وتشير هذه المساحات الكبيرة إلى نية الوزارة جذب استثمارات ضخمة في مجال التعدين، بالتوازي مع توفير البنية التحتية اللازمة لإنجاح المشاريع المستقبلية.
ويأتي تخصيص هذه المجمعات في إطار رؤية شاملة تبنتها وزارة الصناعة والثروة المعدنية منذ سنوات، تهدف إلى حوكمة القطاع التعديني ورفع مستوى الشفافية في منح التراخيص وتوزيع الفرص الاستثمارية.
وقد شدد الجراح على أن هذه المجمعات ستسهم في خلق بيئة استثمارية أكثر تنظيمًا، وتُعزز من ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في سوق التعدين السعودي، لا سيما مع تطبيق نظام الاستثمار التعديني الذي يضع قواعد واضحة للمنافسة والامتثال.
كما أشار إلى أهمية ضمان الامتثال البيئي والسلامة المهنية في جميع مراحل المشاريع التعدينية، مؤكدًا أن الوزارة لا تنظر إلى التعدين فقط كعامل اقتصادي، بل كمحرك تنموي متكامل يأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والبيئية.
ولا يقتصر أثر هذه المجمعات على النمو الاقتصادي المباشر فحسب، بل يمتد أيضًا إلى التنمية المحلية وتحفيز المجتمعات المحيطة بالمواقع المخصصة.
فبحسب بيان الوزارة، فإن المجمعات التعدينية الجديدة ستوفر فرصًا وظيفية لأبناء المناطق المجاورة، وتشجع عمليات الشراء من الأسواق المحلية، مما يسهم في تحريك عجلة الاقتصاد في هذه المحافظات.
كما ستتضمن الخطط التشغيلية للمجمعات برامجًا للتواصل الفعّال مع سكان المناطق المحيطة، وتطبيق أعلى معايير إعادة التأهيل البيئي في نهاية العمر الافتراضي للمشاريع، بما يتماشى مع التزامات المملكة الدولية تجاه قضايا المناخ والاستدامة، وهذا التوجه يعكس تحولاً نوعيًا في فلسفة الاستثمار التعديني من مجرد استغلال للموارد إلى نموذج تنموي متكامل.
ويُعد هذا الإعلان استكمالًا لسلسلة من الإجراءات التنظيمية التي أطلقتها وزارة الصناعة والثروة المعدنية خلال السنوات الأخيرة لتطوير قطاع التعدين، بما في ذلك منصة "تعدين" الرقمية، ونظام المزايدة العلنية للحصول على الرخص، وتحديث اللوائح التنظيمية المتعلقة بالسلامة والبيئة.
ويؤكد محللون اقتصاديون أن تخصيص هذه المجمعات يشكّل عامل جذب مهم للشركات الكبرى العاملة في قطاع المعادن، خاصة في ظل الطلب العالمي المتزايد على المعادن الأساسية والنادرة، والتي تدخل في صناعات استراتيجية مثل الطاقة المتجددة وتقنيات الاتصالات والنقل.
كما أن الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة، والبنية التحتية المتطورة، يضيفان ميزة تنافسية إضافية للمستثمرين الراغبين في دخول السوق السعودي، وبهذه الخطوة، تُبرهن وزارة الصناعة والثروة المعدنية على التزامها بتحويل المملكة إلى مركز عالمي لصناعة التعدين، وفق منهجية ترتكز على الشفافية، والحوكمة، والاستدامة.
فالمجمعات الجديدة ليست مجرد مساحات مخصصة للنشاط التعديني، بل هي تجسيد عملي لرؤية اقتصادية طموحة تستهدف تحويل الموارد الطبيعية إلى قيمة مضافة، وخلق منظومة صناعية متكاملة تمتد من الاستخراج حتى التصنيع والتصدير.
وفي ظل استمرار الوزارة في تخصيص مواقع جديدة وتحديث التشريعات وتسهيل الإجراءات، يبدو أن قطاع التعدين السعودي ماضٍ نحو مرحلة جديدة من النمو والتنوع، مدعومًا بإرادة سياسية واضحة واستراتيجية تنموية شاملة.