هل تصبح إيربودز طبيبك القادم؟ دراسة تكشف الإجابة

في تطوّر جديد يعكس التداخل المتزايد بين التكنولوجيا الصحية والذكاء الاصطناعي، كشفت دراسة حديثة من شركة "أبل" عن إمكانية استخدام سماعات الأذن "إيربودز" كمستشعرات متقدمة لرصد معدل ضربات القلب، ما قد يمهد الطريق لتحوّل هذه الأجهزة السمعية اليومية إلى أدوات طبية مساعدة تعمل بالذكاء الاصطناعي.
وقد نشر فريق أبحاث أبل هذه النتائج في دراسة استكشافية جذبت اهتماماً واسعاً في الأوساط التقنية والطبية على حد سواء، لما تحمله من وعود بشأن مستقبل الرعاية الصحية الشخصية غير الجراحية.
إقرأ ايضاً:قرار حاسم في السعودية للتحكم في سعر بيع الأضاحي "لا للاستغلال"الأمن العام يعلن رصد 16 ألف مخالفة لاستغلال تأشيرات الزيارة في الحج
اعتمدت الدراسة على اختبار ستة نماذج شهيرة من نماذج الذكاء الاصطناعي، جميعها غير مُدرَّبة مسبقًا على البيانات الحيوية أو الصحية، وقد أظهرت النماذج قدرة ملحوظة على تقدير معدل ضربات القلب من تسجيلات صوت القلب المأخوذة من سماعات طبية، وهو ما يشير إلى أن النماذج يمكنها التعرّف على الأنماط الحيوية من خلال البيانات الصوتية البحتة، دون الحاجة إلى تدريب خاص على تلك النوعية من المعلومات،
ما يجعل هذه الدراسة مميزة هو أنها لم تستخدم فقط نماذج مخصصة للمجال الصحي، بل استعانت بنماذج مُدرّبة على الصوت أو الكلام العادي، مما يبرز إمكانات الذكاء الاصطناعي المتقدمة في التكيف مع أنواع متعددة من البيانات.
واعتمد الباحثون في التحليل على التمثيلات الصوتية الداخلية التي تولدها هذه النماذج، وهي البيانات الرقمية الناتجة عن معالجة الموجات الصوتية، لاستخلاص مؤشرات حيوية دقيقة.
ورغم أن هذه النماذج لم تُصمَّم من الأساس لمراقبة الصحة، فإن أداءها فاق التوقعات، بل وتمكّن من التفوق على تقنيات تقليدية تعتمد على مؤشرات صوتية مصممة يدويًا، وقد أشار التقرير إلى أن النماذج الأكبر لم تكن بالضرورة الأكثر دقة، في دلالة على أن الحجم أو التعقيد ليس هو العامل الوحيد الذي يحدد كفاءة النموذج، خصوصًا إذا كان النموذج مُحسّنًا للتعامل مع اللغة وليس الصوت فقط.
من أبرز ما كشفته الدراسة هو تفوّق نموذج "CLAP" المطوَّر داخليًا في معامل أبل، والذي دُرِّب على 3 ملايين عينة صوتية، محققًا أفضل النتائج في جميع المقارنات، ويعمل هذا النموذج على مبدأ "التعلم التبايني"، وهو أسلوب حديث في الذكاء الاصطناعي يقوم على ربط المعلومات الصوتية بالنصوص بشكل ذكي، ما يمنحه قدرة أكبر على الفهم والتفسير المتعدد للمحتوى الصوتي.
الدراسة توصلت أيضًا إلى نتيجة لافتة تتعلق بدمج طرق الذكاء الاصطناعي الحديثة مع تقنيات معالجة الإشارات الصوتية التقليدية، حيث أظهر هذا الدمج نتائج دقيقة وأكثر موثوقية.
ففي الحالات التي تفشل فيها إحدى الطريقتين في رصد معدل ضربات القلب بدقة، تنجح الطريقة الأخرى في تعويض هذا القصور، مما يفتح الباب أمام تطوير أدوات هجينة تتسم بالدقة والاعتمادية.
وإذ تنظر أبل إلى المستقبل، صرّح فريقها البحثي بأنهم يعملون على تطوير نسخ أخف من النماذج الحالية، لتكون مناسبة للعمل على الأجهزة ذات الطاقة المنخفضة، مثل الهواتف والسماعات الذكية.
كما كشفوا عن نيتهم دراسة أصوات جسدية أخرى، قد تحمل مؤشرات صحية دقيقة، ما يعزز من آفاق تطبيق الذكاء الاصطناعي في مراقبة الصحة العامة للمستخدمين بطريقة غير تدخلية.
ورغم أن الدراسة لم تُقدِّم وعودًا رسمية بشأن تحويل نتائجها إلى منتج استهلاكي، فإنها تعكس طموحات واضحة من أبل نحو دمج هذه القدرات في أجهزتها مستقبلاً، فبوجود ميكروفونات داخلية بالفعل في سماعات "إيربودز"، فإن الطريق يبدو ممهداً أمام استخدام هذه الأجهزة في تتبع الإشارات الحيوية للمستخدم، إلى جانب مهامها الصوتية التقليدية.
إن نجاح هذا التوجّه لا يعني فقط تحسين جودة الرعاية الصحية الذاتية، بل قد يغيّر طريقة تفاعل المستخدمين مع الأجهزة الذكية، حيث تتحول السماعة من أداة ترفيه واستماع إلى نظام رقابة صحية صامت يعمل في الخلفية، قادر على التنبيه المبكر بمشكلات صحية محتملة، ما يعزز السلامة الشخصية باستخدام الذكاء الاصطناعي يوميًا.