"المملكة تحقق قفزة نوعية" توطين اختبارات التحسين الوراثي للأبقار يعزز أمنها الغذائي

في خطوة نوعية تعزز من مستهدفات الأمن الغذائي والتنمية المستدامة ضمن رؤية المملكة 2030، حقق البرنامج الوطني لتطوير قطاع الثروة الحيوانية والسمكية، بالتعاون الوثيق مع القطاع الخاص، إنجازاً غير مسبوق بتوطين اختبارات التحسين الوراثي للتنميط الجيني للأبقار للمرة الأولى في المملكة، وهذا الإنجاز الرائد يمثل نقطة تحول استراتيجية تهدف إلى رفع الكفاءة الإنتاجية في قطاع الألبان، ليس فقط على المستوى الكمي، بل أيضاً النوعي، مما يضمن جودة واستدامة المنتجات المحلية.
تتجلى أهداف هذه المبادرة في عدة محاور رئيسية، يأتي في مقدمتها تعزيز الأمن المعلوماتي الوطني الخاص بالثروة الحيوانية. فمن خلال توطين هذه الاختبارات، يتم ضمان حفظ البيانات الجينية الحساسة محلياً، وبناء بنك معلوماتي شامل يحفظ كافة البيانات لجميع قطعان الإنتاج في الشركات العاملة بالقطاع، مما يحقق حماية معلوماتية قصوى، وهذا التوطين يدعم ويمكن القطاع الخاص المحلي بشكل كبير، مانحاً إياه الأدوات اللازمة لتحسين كفاءة الإنتاج عبر انتخاب الأصناف المحلية ذات القدرة الإنتاجية العالية واستبعاد تلك ذات القدرة الإنتاجية المنخفضة، والنتائج المباشرة لذلك هي زيادة ملحوظة في الإنتاجية وتقليل التكاليف التشغيلية، وهما عاملان حاسمان في تحقيق مستهدفات الأمن الغذائي بزيادة نسب الاكتفاء الذاتي من منتجات الحليب واللحوم الحمراء، والمضي قدماً نحو التنمية المستدامة الشاملة.
إقرأ ايضاً:"إصابات" تضرب الأخضر قبل مواجهة البحرين ورينارد يضع يتدخل لحسم الأمرالسعودية تطلق مبادرة لأول مرة لإعفاء المخالفين من الغرامات ومهلة 3 أشهر للتصحيح
البرنامج أوضح أن هذه المبادرة جاءت لتذليل الصعوبات التي تواجه المربين والشركات في اتخاذ قرارات حيوية مثل إحلال القطيع الأقل إنتاجاً بآخر أعلى كفاءة، والتعاون المستمر مع القطاع الخاص لتطبيق اختبارات التحسين الوراثي محليا، وأكد أن الانتخاب الجيني للأبقار له فوائد جمة؛ فهو يسهم بشكل مباشر في زيادة نسب الإنتاج، وله دور وقائي بمنع الأمراض والكشف عنها في وقت مبكر، فضلاً عن اهتمامه بالسمات الجينية المرتبطة بالخصوبة والتكاثر، مما يعزز من قدرة القطيع على الزيادة العددية والإنتاجية، وهذا التقدم العلمي يحمل مردوداً اقتصادياً إيجابياً كبيراً على المربين والمهتمين بصناعة إنتاج الحليب، ويدعو البرنامج جميع الشركات المحلية العاملة في القطاع الحيواني والسمكي إلى الاستفادة القصوى من الفرص المتاحة والمشاركة في هذا التحول النوعي.
ويشدد البرنامج الوطني لتطوير قطاع الثروة الحيوانية والسمكية على أن اختبار التنميط الجيني للأبقار يوفر معرفة دقيقة بالعلامات الوراثية الخاصة بالأبقار منذ وقت مبكر جداً في حياتها، وهذه المعرفة المبكرة تعد مفتاحاً لتحسين الكفاءة الإنتاجية بفعالية، وتحديد الأبقار التي تمتلك أفضل الصفات الوراثية للإنتاج والتكاثر، كما أن هذا الاختبار يسهم بشكل فعال في تقليل التكاليف التشغيلية على المدى الطويل، من خلال تقليل الهدر في رعاية الأبقار ذات الإنتاجية المنخفضة وتجنب المشاكل الصحية الوراثية.
وأشار البرنامج إلى أن إنتاج الحليب يُعد من أهم الصفات الاقتصادية في الأبقار، وأن دراسة جينوم الأبقار تمثل أداة ضرورية لتحديد المواقع الجينية المسؤولة عن صفات إنتاج الحليب، ويتم ذلك باستخدام تقنية الشفرة الوراثية والتنميط الجيني المتطورة، مما يسهم في عملية الانتخاب على أساس وراثي دقيق لرفع الكفاءة الإنتاجية وتأسيس قاعدة بيانات وراثية مرجعية وطنية، وهذه القاعدة ستكون بمثابة خريطة طريق للمربين والباحثين، تمكنهم من اتخاذ قرارات مستنيرة لتحسين سلالات الأبقار وزيادة إنتاجيتها بشكل مستدام.
يُذكر أن إنتاج الحليب في المملكة قد بلغ أكثر من 2.8 مليون طن، وهو رقم يعكس تطور القطاع، ولكن الطموح أكبر بكثير. وتأتي هذه الخطوات الجادة لزيادة الإنتاج من خلال اختبار التنميط الجيني الذي يعمل عليه البرنامج الوطني لتطوير قطاع الثروة الحيوانية والسمكية كرافعة أساسية لتحسين الإنتاجية وتكوين "قطيع النخبة" من الأبقار ذات الكفاءة الإنتاجية العالية والمواصفات الجينية الممتازة.
وهذه المبادرة هي جزء لا يتجزأ من الجهود المستمرة لتعزيز الإنتاجية والاستدامة في قطاع الثروة الحيوانية بالمملكة، وتهدف في النهاية إلى تحقيق الأمن الغذائي المستدام وتلبية احتياجات السوق المحلية المتزايدة، في انسجام تام مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 الطموحة.