وزارة الثقافة تغلق فنادق جدة التراثية بشكل مؤقت حتى انتهاء الترميم

في إطار جهودها المتواصلة لصون الهوية المعمارية والثقافية للمملكة، أعلنت وزارة الثقافة عن إغلاق مؤقت للفنادق التراثية في منطقة جدة التاريخية، وذلك ضمن خطة صيانة موسمية تهدف إلى المحافظة على جودة التجربة الثقافية والسياحية المقدمة للزوار، وضمان استمرارها وفقًا لأعلى المعايير العالمية، وهذا الإجراء المؤقت يأتي انعكاسًا لرؤية الوزارة التي تولي أهمية قصوى للحفاظ على التراث الوطني وتحويله إلى مورد اقتصادي وسياحي مستدام، ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030.
الفنادق المتأثرة بهذا الإغلاق المؤقت ليست مجرد مرافق ضيافة، بل تمثّل نماذج حيّة لتاريخ جدة العريق، وقد خضعت لمشاريع ترميم دقيقة وتحويل مدروس إلى وجهات ضيافة تحافظ على روح المكان وتفاصيله، وشملت المرحلة الأولى من المشروع تشغيل ثلاثة فنادق تراثية وهي: بيت جوخدار، وبيت الريّس، وبيت كدوان، وتم ترميم هذه المباني التاريخية بعناية فائقة وفق اشتراطات منظمة اليونسكو، مع الحرص على إبراز العناصر الجمالية والمعمارية التي تميّز كل بيت على حدة، ما يجعل تجربة الإقامة فيها تجربة أصيلة تربط الزائر بجذور المكان.
إقرأ ايضاً:"جريمة التستر" تلاحق 18 شخصًا وحملات ميدانية تطيح بـ12 ألف مخالف!بخطوة رسمية رونالدو يضع حدًا للشائعات حول مستقبله مع النصر!
يمثل قرار الإغلاق المؤقت خطوة استراتيجية تهدف إلى رفع كفاءة تشغيل هذه المنشآت وتعزيز سلامتها الإنشائية، ما يضمن ديمومة خدماتها وتطابقها مع تطلعات الزوار المحليين والدوليين على حد سواء، فهذه الفنادق لا تُعد مجرد أماكن للإقامة، بل هي امتداد لرحلة زمنية يعيشها الضيف بين أزقة جدة التاريخية، حيث الطراز الحجازي العريق، والحرف اليدوية، والضيافة الأصيلة التي تعبّر عن إرث اجتماعي وثقافي ثري.
وتؤكد وزارة الثقافة من خلال هذا التحرك حرصها على تقديم تجربة ضيافة تراثية لا تُضاهى، تتميّز بمزيج من الأصالة والمعاصرة، وتُعيد توظيف المباني القديمة بطريقة تحترم نسيجها العمراني وتفعّلها اقتصاديًا، من دون أن تفقد هويتها، فالمشروع في مجمله يُعد من المبادرات النوعية التي تسهم في إعادة الحياة إلى قلب جدة التاريخية، وتحويلها إلى نقطة جذب سياحي وثقافي نابضة بالحياة.
وقد خضعت عمليات الترميم لمراقبة صارمة ومعايير عالمية دقيقة، ليس فقط من حيث المواد المستخدمة، بل أيضًا من ناحية الطرق التقليدية في البناء والديكور الداخلي، في محاولة لصيانة روح المكان وإبقائه شاهدًا حيًا على ملامح الحياة الحجازية القديمة، كما تم إدماج تقنيات حديثة في أنظمة التشغيل والصيانة لضمان راحة الزوار، من دون الإخلال بالطابع الأثري.
وتؤكد الوزارة أن الإغلاق الحالي هو جزء من خطة موسمية مجدولة للصيانة الدورية، وهو ما يعكس التزامها بالاستدامة والتطوير المستمر، لا سيما أن مثل هذه المشاريع التراثية تتطلب عناية دقيقة لضمان استمرارها كمرافق حية وليس كمجرد آثار صامتة، ومن المتوقع أن تُستأنف خدمات الضيافة في هذه الفنادق فور الانتهاء من عمليات الصيانة، لتواصل أداء دورها الحيوي في تعزيز الجاذبية الثقافية والسياحية للمنطقة.
ولا تقتصر أهمية هذه الفنادق على الجانب السياحي فقط، بل إنها تشكل منصات تعليمية وثقافية حيّة، تُعرف الأجيال الجديدة والزوار الدوليين على أسلوب الحياة الحجازي، والموروث الاجتماعي والمعماري الفريد لجدة التاريخية، وهي أيضًا فرصة اقتصادية للمجتمع المحلي، من خلال توفير فرص عمل وتشجيع الصناعات التقليدية والخدمات السياحية ذات الطابع التراثي.
بهذا المشروع، ترسخ وزارة الثقافة مكانتها كفاعل محوري في حفظ التراث وتفعيله، وتعيد تعريف مفهوم الضيافة السياحية، عبر مزج الماضي بالحاضر، وربط الإنسان بالمكان في تجربة لا تتكرر، وتأتي هذه المبادرات انسجامًا مع التوجه الوطني نحو تنمية قطاع السياحة الثقافية وتقديم المملكة كوجهة عالمية تجمع بين الأصالة والحداثة.