لهذا السبب: تقصير خطب وصلاة الجمعة في الحرمين الشريفين خلال موسم حج 1446هـ

تقصير خطب وصلاة الجمعة في الحرمين الشريفين خلال موسم حج 1446هـ.
كتب بواسطة: صالح سدير | نشر في  twitter

في خطوة تعبّر عن الحرص البالغ على راحة وسلامة ضيوف الرحمن، وجّه معالي رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، باختصار خطبة الجمعة وصلاة الجمعة خلال موسم حج عام 1446هـ، وذلك في كل من الحرم المكي والحرم النبوي، مراعاةً للأعداد الهائلة من الحجاج، وما يشهده الحرمان الشريفان من زحام كبير وارتفاع لافت في درجات الحرارة.

ويأتي هذا التوجيه ضمن سلسلة من الإجراءات الدينية والتنظيمية التي تهدف إلى التيسير على الحجاج والمصلين، وتقليل مشقة العبادة عليهم في ظل الظروف المناخية الصعبة والزحام الكثيف، وهو ما يتماشى مع تعاليم الشريعة الإسلامية التي تقوم على التيسير ورفع الحرج، خصوصًا في مواسم العبادات الكبرى.


إقرأ ايضاً:رغم الخسائر: إنفيديا تعود إلى الصين عبر بوابة الامتثال الذكيخطوة جديدة من ميتا: متاجر واقعية لعرض تقنيات الواقع المعزز

وأوضح الشيخ السديس أن هذا القرار جاء انطلاقًا من المسؤولية التخصصية المناطة برئاسة الشؤون الدينية في الحرمين الشريفين، والتي تحرص دومًا على تهيئة بيئة تعبدية آمنة وخاشعة لضيوف الرحمن، بما يتوافق مع توجيهات القيادة الرشيدة وتطلعات ولاة الأمر -حفظهم الله- في خدمة الحجيج ورعاية مصالحهم.

وأشار معاليه إلى أن الرئاسة استشعرت ضرورة مراعاة أوضاع المصلين في ظل الازدحام الشديد وتدفق الملايين من الزائرين إلى المسجد الحرام والمسجد النبوي، خاصة في وقت اشتداد درجات الحرارة التي تتجاوز في بعض الأيام 45 درجة مئوية، مما يشكل تحديًا صحيًا كبيرًا، لا سيما لكبار السن والمرضى وأصحاب الحالات الصحية الخاصة.

ووفقًا للتوجيه، فقد تقرر ألا تتجاوز خطبتا الجمعة والصلاة معًا 15 دقيقة، فيما حُدّدت المدة الزمنية الفاصلة بين الأذان والإقامة في جميع الصلوات، بما فيها صلاة الجمعة، لتتراوح بين 5 إلى 10 دقائق فقط، وذلك للتخفيف على المصلين وتقليل مدة تعرضهم المباشر لأشعة الشمس، خاصة في صحن المطاف وساحات المسجد المكشوفة.

ويشمل هذا الإجراء كافة مناطق الصلاة في الحرمين، بما في ذلك الساحات الخارجية والأسطح التي تشهد توافدًا كثيفًا خلال أيام الجمعة، في مشهد يتكرر سنويًا ويبلغ ذروته في موسم الحج.

ويُعد هذا القرار امتدادًا لنهج المملكة العربية السعودية في خدمة الحجاج والمعتمرين، وتطبيقًا عمليًا لمبادئ الشريعة الإسلامية التي تُعلي من قيمة الإنسان وتُقدّم درء المفاسد ورفع المشقة، وهو ما أكده السديس بقوله: "من منطلق يسر ديننا الحنيف وسماحة أحكامه ووسطية منهجه، حرصنا في الرئاسة الدينية على تقصير الخطب والصلاة رعاية للضعفاء وكبار السن، ووقاية من ضربات الشمس والإجهاد الحراري والإعياء الذي قد يصيب المصلين".

ويُذكر أن هذا التوجه يُعد استكمالًا للإجراءات السابقة التي اتخذتها الجهات المعنية بالحج، والتي شملت تعزيز التهوية في المواقع المزدحمة، وتوفير مظلات، وتهيئة مرافق تبريد المياه، وزيادة التوعية الصحية بين الحجاج، تجنبًا لأي حالات إعياء أو إصابات ناتجة عن الإجهاد الحراري.

وقد لاقى هذا القرار إشادة واسعة من قبل الحجاج الذين وجدوا فيه حرصًا ملموسًا على سلامتهم، ومراعاةً لظروفهم البدنية والصحية، خاصة أن الكثيرين منهم يأتون من بلدان ذات مناخات باردة أو معتدلة، مما يجعل التكيف مع أجواء مكة والمدينة يتطلب جهدًا بدنيًا مضاعفًا.

وقال أحد الحجاج القادمين من تركيا: "كنا قلقين من أداء صلاة الجمعة تحت حرارة الشمس، لكن هذا القرار جعلنا نشعر أن هناك من يفكر في راحتنا فعلًا"، بينما عبّر حاج من ماليزيا عن امتنانه للإجراءات السعودية التي تُقدّم الراحة على حساب الشكل التقليدي للعبادات، مراعيةً روح الدين ومقاصده العليا.

ويُعد تقصير الخطبة والصلاة في الحالات الاستثنائية أمرًا مقبولًا شرعًا، بل قد يُستحب إذا كان فيه دفع ضرر أو مشقة عن المسلمين، وهو ما أقرّه علماء الفقه في مختلف المذاهب، كما أن تقصير الأذان والإقامة في حالات الزحام أو الخوف من الضرر مشروع، خاصة في الأماكن المفتوحة التي لا توفر الظل الكافي للمصلين.

ويُذكر أن رئاسة الشؤون الدينية بالحرمين دأبت على اتخاذ إجراءات مرنة في مثل هذه الظروف، بما يتماشى مع مبادئ الإسلام وواقع الحال، دون الإخلال بأركان العبادات وشروطها.

ومن جهتها، تواصل الجهات المعنية تنفيذ خططها التوعوية والتنظيمية لتوجيه الحجاج وإرشادهم، وذلك من خلال اللافتات الرقمية، والمطبوعات بلغات مختلفة، بالإضافة إلى التعاون مع بعثات الحج لنشر الوعي بالإجراءات الجديدة، ومنها تقصير خطبة الجمعة وأهمية الالتزام بتعليمات السلامة.

كما تتكامل هذه الجهود مع خطط الدفاع المدني ووزارة الصحة والجهات الأمنية والتنظيمية التي تُعنى بضمان انسيابية الحشود وسلامة المصلين، خاصة خلال أيام الذروة من العشر الأوائل من ذي الحجة.

وفي ظل هذه الظروف المناخية القاسية، تؤكد المملكة العربية السعودية عبر قرارات مثل هذه، أن خدمة الحجيج ليست مجرد تنظيم موسمي، بل هي مسؤولية دينية وإنسانية تتطلب التأقلم مع المتغيرات، والاستجابة لمتطلبات الزمان والمكان، مع المحافظة على روحانية العبادة وجلال المكان، وهو ما تجسده بوضوح الإجراءات الأخيرة الخاصة بتقصير خطب وصلاة الجمعة في الحرمين الشريفين خلال موسم الحج.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook