لهذا السبب الحاسم: بدء تطبيق حظر استخدام أسطوانات الغاز في المشاعر المقدسة

بدأت السلطات السعودية صباح اليوم، الأول من شهر ذي الحجة لعام 1446 هـ، بتطبيق قرار حظر دخول واستخدام أسطوانات الغاز المسال داخل المشاعر المقدسة، وذلك ضمن سلسلة من الإجراءات الوقائية التي اعتمدتها المديرية العامة للدفاع المدني استعدادًا لموسم الحج هذا العام، بهدف الحد من مسببات الحوادث وضمان سلامة الحجيج والمنشآت.
والقرار الذي يأتي في توقيت بالغ الحساسية، تزامنًا مع بدء توافد الحجاج إلى المشاعر المقدسة، يستهدف بشكل مباشر تعزيز معايير السلامة والوقاية من الحرائق، خاصة في ظل الكثافة البشرية العالية التي تشهدها مكة المكرمة والمشاعر في موسم الحج من كل عام.
إقرأ ايضاً: لأول مرة في المملكة: برامج KPI الاحترافية تقدم من قلب الرياضوزارة البيئة تطلق مهرجان أضحيتي لتعزيز الوعي الشرعي والصحي بموسم الأضاحي
وأكدت المديرية العامة للدفاع المدني أن القرار يشمل جميع أنواع وأحجام أسطوانات الغاز المسال، ويُطبق على كافة الجهات، سواء المخيمات المخصصة للحجاج أو مقار الجهات الحكومية والخاصة العاملة ضمن نطاق المشاعر المقدسة، بما في ذلك منى وعرفات ومزدلفة.
ويأتي هذا الحظر كإجراء احترازي يهدف إلى منع وقوع أي حوادث قد تنتج عن تسرب الغاز أو سوء استخدامه، لا سيما في بيئة مزدحمة كالمشاعر، حيث يزداد خطر الحريق أو الانفجار بشكل كبير.
ووفقًا لما أوضحته المديرية، ستعمل فرق الإشراف الوقائي والسلامة التابعة لها على تنفيذ جولات ميدانية مكثفة خلال فترة الحج، للتأكد من الالتزام التام بالقرار، وضبط أي أدوات أو أجهزة تعمل على الغاز داخل نطاق المشاعر، كما أكدت أنه سيتم مصادرة جميع الأسطوانات أو الأجهزة المخالفة فور ضبطها، وتطبيق الإجراءات النظامية بحق من يثبت تورطه في إدخال أو استخدام هذه المواد المحظورة.
ويُشار إلى أن قرار حظر استخدام الغاز في المشاعر المقدسة ليس بجديد، بل هو إجراء سنوي تعتمده السلطات السعودية منذ سنوات طويلة كجزء من خطة شاملة للسلامة في الحج، ومع ذلك، تتجدد التأكيدات على تطبيقه سنويًا مع اقتراب موسم الحج، لما له من أهمية بالغة في منع الكوارث.
وقد شهدت بعض مواسم الحج في السابق حوادث متفرقة تتعلق بتسرب الغاز أو اشتعال حرائق داخل المخيمات، ما دفع الجهات المعنية إلى تعزيز المنع بشكل صارم، وتقديم بدائل آمنة كالطهي بالوسائل الكهربائية تحت إشراف الجهات المختصة، مع ضمان توفير الدعم اللوجستي اللازم لجميع البعثات ومقدمي الخدمات.
وشددت المديرية العامة للدفاع المدني على أن فرقها الميدانية بدأت بالفعل تنفيذ جولات تفتيشية في جميع مناطق المشاعر، منذ الساعات الأولى من صباح اليوم، للتأكد من خلو المخيمات والمنشآت من أي أسطوانات غاز أو أدوات تعمل بها، كما تم تخصيص فرق خاصة للاستجابة الفورية لأي بلاغ أو مخالفة يتم رصدها من قِبل المواطنين أو الجهات الرسمية.
وتتم هذه الجولات بالتنسيق مع الجهات الأمنية والرقابية الأخرى، بما يضمن تحقيق أقصى درجات الرقابة والسلامة، إضافة إلى تفعيل غرف العمليات المشتركة لمتابعة أي مستجدات على مدار الساعة.
ومن جانبها، أبدت مختلف الجهات الحكومية والخاصة التزامها الكامل بتنفيذ القرار، حيث بادرت مؤسسات الطوافة وشركات تقديم الخدمات بإزالة أي معدات مخالفة داخل مقارها، استعدادًا لاستقبال الحجاج في بيئة آمنة خالية من مسببات الخطر.
كما أصدرت وزارة الحج والعمرة تعميمًا داخليًا إلى جميع بعثات الحج، تطالب فيه بالالتزام التام بالتعليمات الصادرة عن الدفاع المدني، محذرة من أن مخالفة الأنظمة قد تؤدي إلى فرض عقوبات إدارية ومالية بحق الجهات أو الأفراد المخالفين.
وفي الوقت ذاته، أطلقت حملات توعوية موجهة للحجاج والعاملين في الميدان، بهدف رفع مستوى الوعي بالمخاطر المحتملة الناتجة عن استخدام أسطوانات الغاز، والتأكيد على أهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية.
ولتوفير البدائل الآمنة والعملية، قامت الجهات المشرفة على خدمات الحجاج بتوفير وسائل طهي كهربائية داخل المخيمات، مع مراقبة استخدامها بشكل صارم لضمان مطابقتها لمواصفات السلامة.
وقد ساهم اعتماد الطاقة الكهربائية بديلاً عن الغاز في تقليل الحوادث بشكل ملحوظ خلال المواسم الماضية، ويمثل ذلك أحد أبرز إنجازات خطة السلامة في الحج، التي يتم تحديثها وتطويرها سنويًا بناءً على تجارب الأعوام السابقة.
ويأتي هذا القرار ضمن خطة شاملة أعدتها الحكومة السعودية لتأمين موسم الحج، تشمل مئات المبادرات والإجراءات، من بينها تعزيز قدرات الدفاع المدني، وتوزيع الفرق والآليات في النقاط الحيوية، ومراقبة جودة المنشآت والبنية التحتية، فضلاً عن جاهزية الفرق الطبية والطوارئ للتعامل مع أي طارئ.
ويعكس هذا التوجه حرص المملكة على توفير أعلى درجات السلامة لحجاج بيت الله الحرام، في ظل التحديات الكبيرة التي تفرضها كثافة الحضور والظروف المناخية القاسية.
وفي نهاية المطاف، يُعد التزام الحجاج والزوار بالتعليمات الصادرة عن الجهات الرسمية هو العامل الأهم في نجاح الخطة الوقائية، لا سيما في ظل الجهود الكبيرة المبذولة لضمان أداء مناسك الحج في بيئة صحية وآمنة.
ومع اقتراب يوم التروية وبدء التوجه إلى منى، تأمل الجهات التنظيمية أن تسهم هذه الإجراءات، وعلى رأسها حظر الغاز، في تقليل الأخطار ورفع الجاهزية، لتوفير موسم حج نموذجي يخلو من الحوادث، ويجسد معاني الأمن والسلام في أرض المشاعر.