السعودية تعتمد نظام الإخلاء الطبي الوطني استعدادًا لموسم الحج 1446

جواهر العنزي
كتب بواسطة: زهرة بدر | نشر في  twitter

مع اقتراب موسم الحج، تتجه الأنظار إلى المملكة العربية السعودية التي تستعد لاستقبال ملايين الحجاج من مختلف دول العالم، في واحد من أكبر التجمعات البشرية السنوية على مستوى المعمورة، وفي إطار الجهود الرامية إلى تعزيز الاستعدادات الصحية ورفع كفاءة التعامل مع الحالات الطارئة، أقر مجلس الشورى مؤخرًا "نظام الإخلاء الطبي"، الذي يُعد تحولًا نوعيًا في البنية التنظيمية لمنظومة الرعاية الطبية الطارئة داخل المملكة وخارجها، وركيزة أساسية لحماية الأرواح وتحقيق سرعة الاستجابة في الظروف الاستثنائية.

يأتي هذا النظام الجديد في وقت تتعاظم فيه التحديات الميدانية المرتبطة بالكثافة البشرية خلال موسم الحج، مما يفرض على الجهات الصحية والإغاثية تطوير أدواتها ورفع جاهزيتها لمواجهة الحالات الطارئة التي قد تنجم عن الزحام أو الحوادث أو الأزمات الصحية الطارئة، وقد شكّل النظام استجابة استراتيجية لهذه التحديات، عبر إرساء إطار قانوني وتنظيمي متكامل يُنظّم كافة عمليات الإخلاء الطبي بجميع أشكالها.


إقرأ ايضاً:أرامكو تستعد لإصدار سندات غير مضمونة بالدولار في خطوة استراتيجية جديدةرياح قوية وأتربة مثارة.. تحذير رسمي من الأرصاد يبدأ غدًا

جهود تشريعية بقيادة أكاديمية متخصصة الدكتورة جواهر العنزي، عضو مجلس الشورى السابق والباحث الرئيس في إعداد النظام، أكدت أن المشروع التشريعي لم يكن خطوة عشوائية، بل استند إلى دراسات ميدانية وتحليل علمي دقيق، بالإضافة إلى مراجعة متعمقة لتجارب دولية ومحلية في مجال الإخلاء الطبي، وقد أوضحت في تصريح صحفي أن إعداد النظام جاء بدافع إنساني واستراتيجي، لاسيما في ظل الحاجة إلى تشريعات حديثة تواكب حجم المناسبات الكبرى مثل موسم الحج، الذي يتطلب بنية تحتية صحية متقدمة وقدرات ميدانية عالية التنسيق.

وأضافت العنزي أن النظام لا يقتصر على جوانب تنفيذية، بل يُجسّد التزام المملكة بالتحول نحو إدارة صحية قائمة على الأنظمة، بما يحقق استدامة الأداء الطبي ويعزز جاهزية المملكة للتعامل مع الأزمات والكوارث، سواء كانت طبيعية أو ناتجة عن التجمّعات البشرية الضخمة.

يتكوّن نظام الإخلاء الطبي من 41 مادة قانونية تنظم بشكل شامل عمليات الإخلاء الطبي داخل المملكة وخارجها، سواء عبر الوسائل البرية أو الجوية. ويهدف النظام إلى تطوير آليات النقل الطبي العاجل، ورفع كفاءة الخدمات الإسعافية، ووضع معايير صارمة لضمان السلامة الصحية للمرضى خلال عمليات الإخلاء.

ومن أبرز أهداف النظام، بناء منظومة وطنية متكاملة تشمل تطوير البنية التحتية، وتفعيل الاستثمار في تقنيات الإخلاء الطبي، مع دمج حلول الذكاء الاصطناعي لتحسين سرعة الاستجابة وتقليل معدلات الخطأ البشري، كما يركّز على تقليص التكاليف المالية المرتبطة بالنقل الطبي الطارئ، من خلال آليات إنفاق أكثر كفاءة، إلى جانب تأهيل كوادر وطنية مدربة ومتمرسة في هذا المجال الحيوي.

وتسعى الجهات المعنية إلى تنفيذ النظام بطريقة تضمن الجاهزية الدائمة، خاصة في مواسم الذروة الصحية كالحج والعمرة، حيث تزداد احتمالات الحالات الطارئة بشكل كبير، ومن المتوقع أن يسهم النظام في تحسين مؤشرات الأداء الطبي، سواء من حيث زمن الاستجابة أو جودة الرعاية خلال الإخلاء.

النظام الجديد يتناغم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، وتحديدًا في محور "مجتمع حيوي"، الذي يسعى إلى بناء منظومة صحية فعّالة تستجيب للاحتياجات الوطنية وتعزز جودة الحياة، وفي هذا السياق، يؤكد النظام على أهمية تكامل الجهود بين القطاعات الصحية والأمنية والنقل والطيران المدني، لتحقيق أعلى درجات الكفاءة في التعامل مع الظروف الطارئة.

كما أن النظام يعزز من صورة المملكة كمركز إقليمي متقدم في الرعاية الصحية الطارئة، لا سيما مع توفر بنى تحتية متطورة في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وتوافر موارد بشرية مؤهلة، إضافة إلى الدعم غير المحدود من القيادة السعودية في سبيل الحفاظ على سلامة ضيوف الرحمن.

التشريعات في خدمة الأرواح في تصريحها الختامي، عبّرت الدكتورة جواهر العنزي عن فخرها بمساهمة هذا المشروع في تطوير البنية القانونية للصحة الطارئة بالمملكة، مشيرة إلى أن "التشريع الذي يُنقذ حياة إنسان هو أسمى أشكال القانون"، وأضافت أن النظام الجديد سيسهم بشكل مباشر في تمكين الطواقم الطبية من أداء مهامهم بكفاءة أكبر، لاسيما في مواقع الضغط مثل عرفات ومنى ومزدلفة، التي تتطلب استجابة فورية ومدروسة في حال وقوع أي طارئ طبي.

نحو مستقبل أكثر أمنًا صحيًا في مواسم الحج مع تزايد أعداد الحجاج عامًا بعد عام، يصبح وجود نظام إخلاء طبي وطني ليس مجرد ترف تنظيمي، بل ضرورة استراتيجية، فمن خلال هذا النظام، تتقدم المملكة خطوة جديدة نحو بناء منظومة صحية متكاملة، تضع الإنسان في قلب أولوياتها، وتحاكي في تطورها أرقى المعايير العالمية في إدارة الطوارئ والإغاثة الصحية.

وإذا كان موسم الحج يشكّل تحديًا سنويًا فريدًا، فإن "نظام الإخلاء الطبي" يبرهن على قدرة المملكة في ترجمة هذا التحدي إلى فرصة لتعزيز القدرات الوطنية، وإرساء بنية قانونية متينة تدعم جهود الدولة في خدمة الإنسان، أيًا كان موقعه أو جنسيته أو حالته الصحية.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook