الحوشان: طائرات "الدرون" والذكاء الاصطناعي ترصد المشاعر لحظة بلحظة

في سياق الجهود الأمنية المتقدمة التي تشهدها المملكة العربية السعودية لتنظيم موسم الحج وتأمين المشاعر المقدسة بأعلى المعايير التقنية والرقابية، أكد المختص الأمني اللواء الدكتور بركة الحوشان أن المملكة توظف تقنيات الطائرات بدون طيار "الدرون" إلى جانب منظومة متكاملة من الكاميرات المتطورة، لرصد ومتابعة جميع التفاصيل الميدانية التي تحدث في المشاعر المقدسة ومكة المكرمة خلال موسم الحج.
وأوضح الحوشان، في مداخلة تلفزيونية له عبر قناة "الإخبارية"، أن طائرات الدرون تؤدي دورًا حيويًا في تغطية الرقعة الجغرافية الواسعة التي تشمل الحرم المكي والمناطق المحيطة به، والمشاعر المقدسة مثل منى وعرفات ومزدلفة، وذلك عبر نقل صور حية ومباشرة على مدار الساعة، مما يعزز من كفاءة غرف المراقبة والتحكم التابعة للجهات الأمنية، ويساهم في اتخاذ قرارات دقيقة وفورية بناءً على المعطيات الميدانية.
إقرأ ايضاً:سهم أكوا باور يواصل الانهيار: نزيف حاد وسط ذهول المستثمرينلماذا نشعر بالخمول في الطقس الحار خاصة مثل طقس المملكة؟ العلم يجيب
وأشار إلى أن هذه الطائرات الذكية، إضافة إلى شبكة الكاميرات الأرضية، توفر تغطية شاملة لكل جزء في المنطقة، ولا تقتصر على الجانب الأمني فقط، بل تمتد لتشمل الجوانب الإدارية والتنظيمية، مثل قياس كثافة الحشود وتحليل حركتها، والتنبؤ بمناطق التكدس، والمساعدة في توجيه وتفويج الحجاج بشكل آمن ومنظم.
وما يميز هذه الجهود المتطورة، بحسب الحوشان، هو الدمج الاستراتيجي بين الذكاء الاصطناعي والتحليلات الفورية للصور والبيانات التي تلتقطها طائرات الدرون والكاميرات، إذ إن الأنظمة الذكية المعتمدة لديها القدرة على تقديم مؤشرات تنبؤية حول الطاقة الاستيعابية للمكان في اللحظة الراهنة، وتحديد ما إذا كانت المنطقة قادرة على استيعاب مزيد من الحجاج، أو ما إذا كانت هناك إشارات تحذيرية تستدعي التدخل الفوري لتجنب أي مخاطر محتملة.
وبيّن الحوشان أن الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا محوريًا في دعم عمليات تنظيم المرور وإدارة الحشود البشرية، حيث يتم استخدام هذه الأنظمة الذكية في ضبط حركة السير، وتوزيع الأفراد، ورصد السلوكيات الميدانية، وتحسين خطط التنقل بين المشاعر وفقًا لنموذج ديناميكي تفاعلي يتطور لحظيًا حسب حجم الضغط وعدد الزوار في كل موقع.
وأضاف أن مثل هذه التقنيات لا تُستخدم فقط في الرصد، بل تُعد أدوات مساعدة فاعلة في التخطيط والتنفيذ واتخاذ القرار، حيث توفر للقيادات الأمنية والإدارية "صورة حية شاملة" تعكس الوضع الميداني بدقة، وتُسهم في رسم خريطة دقيقة للحج، تُمكّن من ضبط إيقاع الحشود وضمان سلامة الجميع، دون الإخلال بالسلاسة والانسيابية المطلوبة.
كما أكد الحوشان أن ما يتم تنفيذه على أرض الواقع هو نتاج سنوات من التخطيط والتطوير المستمر، حيث تم العمل على بناء بنية تحتية تقنية متكاملة، شملت إنشاء غرف تحكم مركزية وغرف عمليات فرعية مرتبطة مباشرة بالأجهزة الأمنية، تتابع كل منطقة بشكل منفصل وتصدر قراراتها في الوقت الحقيقي، مما يقلل من الاعتماد على التدخل البشري المباشر ويزيد من سرعة الاستجابة.
وتُعد المملكة من أوائل الدول التي تبنت دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي مع الأمن والخدمات خلال مواسم الحج، مستفيدة من الخبرات المتراكمة على مدى العقود، والدروس المستفادة من التجارب الميدانية السابقة، حيث تم تطوير خوارزميات دقيقة للذكاء الاصطناعي قادرة على التنبؤ بالحشود، ورصد الحوادث قبل وقوعها، وتحديد النقاط الحرجة في الحركة أو التجمعات.
وتأتي هذه الجهود في إطار تحقيق رؤية المملكة 2030 التي تولي سلامة ضيوف الرحمن أهمية قصوى، وتسعى إلى تقديم موسم حج يتميز بالكفاءة العالية، والخدمات الذكية، وتوفير أقصى درجات الراحة والسلامة للحجاج، من خلال الاستثمار في البنية التحتية التقنية، وتدريب الكوادر الوطنية القادرة على تشغيلها بمهارة واحترافية.
ويؤكد المراقبون أن توظيف هذه المنظومة المتقدمة يعكس نضج التجربة السعودية في إدارة الحشود الكبرى، ويعزز من مكانة المملكة كمرجعية عالمية في تنظيم الفعاليات الدينية الكبرى، من خلال مزيج متوازن من العنصر البشري الخبير والتكنولوجيا المتطورة.