لماذا تأخرت أبل في سباق الذكاء الاصطناعي؟ الإجابة من موظفيها

أبل والذكاء الاصطناعي
كتب بواسطة: فائزة بشير | نشر في  twitter

في خطوة أثارت كثيرًا من التساؤلات حول توجهات شركة أبل في مجال الذكاء الاصطناعي، كشفت تقارير حديثة عن السبب الحقيقي وراء تأخر الشركة في تقديم تجربة ذكاء اصطناعي متكاملة لمستخدميها، رغم الوعود المتكررة والترويج المكثف، فبحسب ما أفاد به عدد من الموظفين السابقين والحاليين في الشركة، فإن الالتزام الصارم بمبادئ الخصوصية لدى أبل هو ما أعاق تطوير منظومتها الذكية، وجعلها متأخرة عن منافسيها في هذا المجال الحيوي.

ففي سبتمبر 2024، أعلنت أبل عن إطلاق سلسلة هواتف آيفون 16، مصحوبة بشعار تسويقي بارز يؤكد أن هذه الهواتف "مُصممة لذكاء أبل"، الإعلان حينها بعث برسالة مفادها أن الشركة بصدد دخول عهد جديد من الابتكار الذكي، يعتمد على التكامل بين الأجهزة والخوارزميات المتقدمة، غير أن الواقع كان مغايرًا تمامًا، حيث لم يتم تضمين أي تقنيات ذكاء اصطناعي ملموسة في هواتف آيفون الجديدة وقت إطلاقها.


إقرأ ايضاً:هل ستكون الصفقة هي الأغلى بعد نيمار؟ تفاصيل العرض الخرافي من الهلال لضم أوسيمينالاتحاد يلاقي الشباب بعد تتويجه.. ومواجهات مصيرية في مؤخرة الجدول

التقارير أكدت أن الميزات الذكية لم تكن جاهزة إطلاقًا في موعد إصدار الهواتف، ولم تُطرح فعليًا في نظام التشغيل iOS إلا لاحقًا، وحتى حين وصلت، جاءت محدودة للغاية ومخيبة للآمال، ولم تشمل سوى وظائف سطحية لا ترتقي إلى ما قدمته شركات منافسة مثل غوغل ومايكروسوفت، اللتين قطعتا أشواطًا متقدمة في دمج الذكاء الاصطناعي ضمن منتجاتهما وخدماتهما اليومية.

مصادر من داخل أبل أكدت أن سبب هذا التأخر لا يعود إلى نقص في الموارد أو ضعف في البنية التقنية، بل إلى ثقافة داخلية متجذرة تضع الخصوصية فوق كل اعتبار، هذه المقاربة، وإن كانت تحظى باحترام المستخدمين من جهة الحماية، إلا أنها باتت عائقًا تقنيًا في عالم باتت فيه البيانات هي وقود الذكاء الاصطناعي، وهو ما جعل أبل عاجزة عن تدريب نماذجها كما تفعل بقية الشركات التي تعتمد على كم هائل من بيانات المستخدمين لتطوير تجارب أكثر سلاسة وذكاء.

يبدو أن صراعًا داخليًا ظل محتدمًا داخل الشركة بين فرق حماية الخصوصية وفرق تطوير الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى شلل جزئي في اتخاذ قرارات جوهرية تمس مستقبل التقنية في منتجات أبل، ويشير موظفون سابقون إلى أن كل مبادرة في هذا الإطار كانت تصطدم بقيود أمنية وقانونية صارمة تجعل من المستحيل تقريبًا اعتماد آليات تعلم الآلة القائمة على البيانات الشخصية.

العديد من المهندسين الذين عملوا على مشاريع الذكاء الاصطناعي داخل الشركة شعروا بالإحباط من هذه القيود، واعتبروا أن أبل لا تواكب ما يحدث في السوق، بل تمشي على استحياء في طريق تمهد له الشركات الأخرى بخطى واثقة، فبينما أصبحت المساعدات الذكية في منصات أخرى قادرة على إجراء محادثات معقدة وتنفيذ مهام متعددة دون تدخل بشري، ظلت خدمات أبل مقتصرة على وظائف تقليدية.

وقد تكون هذه الفجوة أحد الأسباب التي دفعت أبل مؤخرًا إلى التحرك ببطء نحو إعادة النظر في استراتيجيتها الخاصة بالذكاء الاصطناعي، خصوصًا مع تصاعد الضغط الإعلامي والتقني من الشركات المنافسة، إذ بدأت مؤخرًا في اختبار بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتسعى إلى تقديم تحديثات تتماشى مع المعايير الجديدة، ولكن دون أن تمس بنيتها المحافظة على الخصوصية.

المثير أن فلسفة الخصوصية التي طالما تباهت بها أبل قد تتحول من نقطة قوة إلى قيد ثقيل في عصر الذكاء الاصطناعي، حيث أن القدرة على تحسين تجربة المستخدم باتت تعتمد بشكل رئيسي على جمع وتحليل بيانات الاستخدام، وبينما ترفض أبل إحداث اختراق جذري في هذا المبدأ، فإن منافسيها يجنون ثمار سياسة أقل تحفظًا، تجعلهم أكثر مرونة في الابتكار.

وفي ظل هذا الواقع، يبقى السؤال مطروحًا: هل يمكن لأبل أن تجد معادلة توازن تُمكّنها من تطوير ذكاء اصطناعي قوي دون التفريط في مبادئ الخصوصية؟ أم أن التزامها الأخلاقي سيكون عقبة يصعب تجاوزها في سباق بات يحكمه من يملك أكبر قدر من البيانات والجرأة في استغلالها؟ الجواب لا يزال رهنًا بما ستكشفه السنوات القادمة من تحولات داخل أروقة الشركة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook