رغم اشتباكات طرابلس الدامية: الدبيبة يعلن استمرار مكافحة المليشيات والفساد

أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة أمس السبت عزمه مواصلة مشروع "ليبيا خالية من المليشيات والفساد" بعد الاشتباكات العنيفة التي شهدتها العاصمة طرابلس خلال الأيام الماضية، والتي تعد الأعنف منذ سنوات، مؤكداً أن هذا المسار لن يتوقف رغم التحديات الأمنية المتصاعدة في البلاد.
وشدد الدبيبة في كلمة مسجلة بثها من مقر مجلس الوزراء بالعاصمة طرابلس على موقفه الحازم تجاه الفساد والجماعات المسلحة قائلاً: "من يستمر في الفساد أو الابتزاز لن نتركه، هدفنا هو ليبيا خالية من المليشيات والفساد"، مشيراً إلى أن حكومته تسلمت السلطة في ظروف بالغة التعقيد كانت فيها المليشيات تهيمن على المشهد السياسي والمالي والاقتصادي في مختلف أنحاء ليبيا، مما يعكس حجم التحدي الذي تواجهه الحكومة في مساعيها لاستعادة هيبة الدولة وسلطتها.
إقرأ ايضاً:مستقبل يايسله على المحك وقرار مفاحئ من إدارة الأهلي يثير الجدلبعد ارتفاع ارباحها: "جاهز" تعلن عن خطة استراتيجية لشراء 7.6 مليون سهم للإحتفاظ بها
وأوضح الدبيبة أن تأخره في التعليق على أحداث طرابلس الأخيرة كان متعمداً، خوفاً من إثارة الفتنة بين الليبيين أو تمكين أي طرف من استغلال تصريحاته لتأجيج الصراع، في إشارة إلى حرصه على تهدئة الأوضاع المتوترة وتجنب المزيد من التصعيد في ظل الاستقطاب الحاد الذي تشهده الساحة الليبية، خاصة بعد الاشتباكات التي شهدتها العاصمة الأسبوع الماضي والتي خلفت ثمانية قتلى على الأقل وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، قبل أن تعلن الحكومة وقف إطلاق النار يوم الأربعاء الماضي.
وفي تطور لافت يعكس دعماً محلياً لتوجهات الحكومة، استقبل الدبيبة وفداً من كبار الشخصيات من مدينة مصراتة ذات الثقل السياسي والعسكري، حيث أعربوا عن "دعمهم القوي والثابت لرؤيته التي تهدف إلى إنهاء سلطة الجماعات المسلحة وتعزيز سلطة الدولة"، وفق ما أكدته حكومة الوحدة الوطنية، وهو ما يمثل دفعة معنوية مهمة لجهود الدبيبة في مواجهة نفوذ الجماعات المسلحة في ظل الانقسامات العميقة التي تعاني منها البلاد.
وجاءت تصريحات الدبيبة بعد مقتل قائد جهاز دعم الاستقرار عبد الغني الككلي المعروف بـ"غنيوة" والهزيمة التي لحقت بهذا الجهاز على يد الفصائل المتحالفة مع حكومة الوحدة الوطنية، علماً أن جهاز دعم الاستقرار يخضع للمجلس الرئاسي الذي جاء إلى السلطة عام 2021 مع حكومة الوحدة الوطنية من خلال عملية سياسية دعمتها الأمم المتحدة، مما يسلط الضوء على حالة التنافس والصراع بين المؤسسات الرسمية في ليبيا وتعدد مراكز النفوذ وتداخل الصلاحيات بشكل يعقد المشهد السياسي والأمني.
وفي تطور مثير للقلق، كشفت وزارة الداخلية في بيان لها عن العثور على تسع جثث متحللة في ثلاجة مشرحة بمستشفى الخضراء في منطقة أبو سليم المكتظة بالسكان، مشيرة إلى أن جهاز الأمن الوطني لم يبلغ السلطات عنها، مما يثير تساؤلات حول ظروف الوفاة وهوية الضحايا في ظل الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد، وقد أضاف هذا الاكتشاف بعداً إنسانياً مؤلماً للأزمة الليبية المتفاقمة.
وتأتي هذه التطورات في سياق الأزمة المستمرة التي تعيشها ليبيا منذ عام 2011، حيث تشهد البلاد حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، تغذيها الانقسامات العميقة التي تعوق إجراء انتخابات شاملة تنهي المرحلة الانتقالية المطولة وتؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار والبناء المؤسسي في بلد يمتلك ثروات نفطية هائلة لكنه يعاني من صراعات داخلية وتدخلات خارجية متعددة.