تحت طائلة الغرامة: وزارة التجارة تحذر بعض الشركات في المملكة

في خطوة تهدف إلى تعزيز الالتزام التنظيمي ورفع مستويات الشفافية المالية في السوق السعودية، وجّهت وزارة التجارة السعودية تحذيرًا رسميًا إلى جميع الشركات التي تنتهي سنتها المالية بنهاية عام 2024، بضرورة الإسراع في إعداد وإيداع قوائمها المالية السنوية في موعد أقصاه الاثنين 30 يونيو 2025، وذلك تجنبًا للغرامات المالية والعقوبات المنصوص عليها في نظام الشركات.
وأكدت الوزارة أن هذه الخطوة ليست فقط التزامًا قانونيًا، بل تمثل أيضًا ركيزة أساسية في حوكمة السوق وتقييم الأداء المالي للشركات العاملة في المملكة، لافتةً إلى أن الإيداع المتأخر أو الإخلال بمعايير الإعداد سيعرّض الشركات للمساءلة والغرامات التي قد تؤثر على استقرارها وسمعتها التجارية.
إقرأ ايضاً:تمكين ذوي الإعاقة في الحج: خدمات متكاملة تضمن يسر المناسك وطمأنينة الرحلةالهلال يفجّر مفاجأة كبرى ويضم "بنزيما" قبل كأس العالم للمونديال
وأكدت الوزارة أن إعداد القوائم المالية السنوية يجب أن يتم وفقًا للمعايير المحاسبية المعتمدة في المملكة، وذلك خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ نهاية السنة المالية للشركة، كما تنص المادة السابعة عشرة من نظام الشركات، وأشارت إلى أن عملية الإيداع يجب أن تتم من خلال "منصة قوائم" الإلكترونية، التي أطلقتها الوزارة لتيسير عملية تسليم القوائم المالية وتوفير قاعدة بيانات دقيقة ومحدثة لجميع الجهات الرقابية والتمويلية والمستثمرين.
ويتحمّل مسؤولية الإيداع كلٌّ من رئيس الشركة أو مديرها التنفيذي أو رئيس مجلس الإدارة، وفقًا للشكل القانوني للشركة، مما يعكس أهمية الدور القيادي في ضمان الامتثال الكامل للقوانين والأنظمة التجارية، وفي سياق متصل، أوضحت وزارة التجارة أن الهدف من هذا الإجراء لا يقتصر على الامتثال النظامي.
بل يتجاوز ذلك ليخدم أغراضًا رقابية واستثمارية متعددة، حيث تسهم القوائم المالية المودعة في تقديم صورة دقيقة عن النشاط الفعلي للشركات، وتمكّن الشركاء والمساهمين من مراقبة الأداء المالي وتحليل المؤشرات الحيوية التي تساعدهم في اتخاذ قرارات استراتيجية مبنية على بيانات موثوقة.
كما تشكّل هذه القوائم أداةً رئيسية في تقييم مدى التزام الشركات بمبادئ الحوكمة، وتعزيز الشفافية داخل السوق، إلى جانب منح جهات التمويل والمستثمرين الثقة اللازمة قبل الدخول في شراكات أو تقديم تمويلات، وشددت الوزارة على أن أي شركة تُخِلّ بإعداد القوائم المالية أو تتأخر في إيداعها عن الموعد المحدد ستُعرّض نفسها للعقوبة المنصوص عليها في المادة 262 من نظام الشركات، وهي غرامة مالية تُفرض بحسب جسامة المخالفة وظروفها.
ولفتت إلى أن الغرامات قد تكون مرهقة لبعض الشركات الصغيرة والمتوسطة، لذا فإن الوزارة تحث جميع الشركات على اتخاذ الخطوات اللازمة مبكرًا، والبدء في إعداد القوائم المالية فور انتهاء سنتها المالية، وعدم الانتظار حتى اقتراب موعد الإيداع النهائي، تفاديًا لأي أخطاء أو تأخير غير مبرر، كما بيّنت أن الالتزام بالإيداع يسهّل عمليات المراجعة السنوية، ويعزز الثقة لدى المراقبين والممولين والجهات الرسمية.
وتأتي هذه الدعوة ضمن سلسلة من الإجراءات التنظيمية التي تتبناها وزارة التجارة بهدف تطوير بيئة الأعمال في المملكة، ورفع كفاءة السوق، وتحقيق تطلعات رؤية السعودية 2030 في إيجاد سوق شفاف وجاذب للاستثمارات، كما تُعد القوائم المالية السنوية مرآة تعكس الوضع المالي والتشغيلي للشركات.
وتوفّر أداة تحليلية للمستثمرين، والمقرضين، والجهات الرقابية لتقدير مدى استدامة أعمال الشركة وجدارتها الائتمانية، إضافة إلى كونها متطلبًا أساسيًا في كثير من التعاملات التجارية والتعاقدية، ومن هذا المنطلق، فإن الامتناع عن الإيداع أو تقديم قوائم غير دقيقة قد يؤدي إلى إرباك السوق، ويضعف ثقة الأطراف ذات العلاقة بالشركة.
وفي ظل هذا السياق الرقابي المتشدد، دعت الوزارة الشركات إلى توخي الدقة الكاملة في إعداد القوائم المالية، والحرص على مطابقتها للمعايير المحاسبية المعتمدة، مع الاستفادة من خدمات المحاسبين القانونيين المعتمدين لضمان جودة المعلومات والتقارير، كما أوضحت أن منصة "قوائم" متاحة على مدار الساعة، وتُتيح واجهة سهلة وذكية لتقديم القوائم إلكترونيًا دون الحاجة للحضور الشخصي، مما يسهل على الشركات الامتثال دون عوائق زمنية أو لوجستية، وأشارت إلى أن الوزارة ستواصل حملاتها التوعوية والتفتيشية خلال الأشهر القادمة للتأكد من مدى التزام الشركات، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين وفقًا للأنظمة المعمول به.
وتُعد هذه الدعوة بمثابة تذكير حاسم لجميع الكيانات الاقتصادية العاملة في السعودية بأهمية الالتزام بالمسؤوليات القانونية والتنظيمية، ليس فقط لتفادي الغرامات، بل للحفاظ على بيئة أعمال صحية تعكس نزاهة السوق وثقة المستثمرين المحليين والدوليين، فالقوائم المالية لم تعد مجرد وثائق محاسبية دورية، بل أصبحت مؤشرًا محوريًا على كفاءة الإدارة، ومصداقية الأداء، واستعداد الشركات للنمو المستدام.