حجاج بنجلاديش يروون تجربتهم مع "طريق مكة": خدمة تفوق التوقعات

في إطار المساعي المتواصلة التي تبذلها المملكة العربية السعودية للارتقاء بتجربة ضيوف الرحمن، انطلقت مبادرة "طريق مكة" للمرة الخامسة من جمهورية بنجلاديش، لتجسد واحدة من أبرز النماذج الرائدة في تبسيط إجراءات السفر لأداء فريضة الحج، والمبادرة، التي تشرف عليها وزارة الداخلية بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية، تمثل تحولاً نوعياً في مفهوم تقديم الخدمات للحجاج، حيث تضعهم في قلب الاهتمام من لحظة مغادرتهم بلادهم وحتى وصولهم إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة.
ومع استمرار المبادرة في عام 2025، واصلت الفرق المختصة تقديم خدماتها من مطار حضرة شاه جلال الدولي بالعاصمة دكا، لتمنح الحجاج هناك تجربة فريدة من نوعها تبدأ بإجراءات ميسّرة واحترافية، وتصل ذروتها عند صعود الطائرة دون أعباء بيروقراطية أو انتظار مرهق، والتجربة ليست مجرد تحسين لوجستي، بل هي تأكيد على التزام المملكة برسالتها الروحية والإنسانية تجاه المسلمين في كل أنحاء العالم.
إقرأ ايضاً:بذكاء سعودي وتقنيات متقدمة: "سدايا" تسرّع إجراءات الحجاج بمطار أنقرة ضمن "مبادرة طريق مكة"الخطوط السعودية تُطلق خدمة إنترنت جديدة وسريعة على متن طائراتها وبتفاصيل كبيرة
تقوم المبادرة على منظومة عمل متكاملة تشارك فيها عدة وزارات وهيئات منها وزارة الداخلية، وزارة الخارجية، وزارة الصحة، وزارة الحج والعمرة، الهيئة العامة للطيران المدني، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، وكل جهة تسهم بدور محوري لضمان أن تكون رحلة الحاج سلسة وآمنة ومفعمة بالطمأنينة، والحجاج يستفيدون من إجراءات إلكترونية متقدمة تشمل إصدار التأشيرات وأخذ الخصائص الحيوية وإنهاء الجوازات والفحوصات الصحية، كل ذلك يتم وهم لا يزالون في بلدانهم، مما يحول المطار المحلي إلى بوابة دخول مباشرة إلى الأراضي المقدسة.
واحدة من أبرز النقاط التي تميز المبادرة هي التعامل المبكر مع الأمتعة، حيث يتم ترميزها وتنظيمها ونقلها بشكل مباشر إلى أماكن إقامة الحجاج في مكة أو المدينة، دون الحاجة إلى أي تدخل منهم بعد الوصول، وهذه الخطوة النوعية أزالت الكثير من الأعباء التي كانت ترهق الحجاج سابقًا، وأضفت على رحلتهم طابعًا من الراحة والاحترافية، وسط رضا كبير انعكس على ملامح وجوههم وتصريحاتهم للجهات الإعلامية.
ومن اللحظة التي يُنهي فيها الحاج إجراءاته في دكا، يصبح على موعد مع تجربة خالية من التعقيد، إذ يتم توجيهه مباشرة نحو الطائرات المتجهة إلى مطاري الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، أو الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي في المدينة المنورة، ليكمل بعد ذلك رحلة الإيمان برفقة فرق مهيأة ومجهزة لاستقباله بكل حفاوة وتيسير.
نجاح مبادرة "طريق مكة" في بنجلاديش هذا العام يعيد التأكيد على نجاعة هذا النموذج السعودي الفريد، الذي تم تدشينه لأول مرة عام 2017، ثم سجّل انطلاقة استثنائية في 2019، واليوم، وبعد خمس سنوات، بات يمثل مرجعًا عالميًا في كيفية إدارة الحشود الدينية وتقديم أرقى سبل الخدمة لهم، والمبادرة لم تعد مجرد تسهيل للإجراءات، بل تحولت إلى رمز لنهج متكامل يربط بين التقنية، والإنسانية، والخبرة، في خدمة ملايين المسلمين.
التوسع في تطبيق هذه المبادرة في دول جديدة يحمل مؤشرات إيجابية تعكس رؤية المملكة لموسم الحج كمنظومة متكاملة تبدأ من خارج الحدود، وهو ما يسهم بشكل مباشر في تقليص التكدس في مطارات المملكة، وتحسين انسيابية الحجاج عند وصولهم، ويضمن في ذات الوقت التحقق المسبق من الجوانب الصحية والأمنية والإدارية، ما يصب في مصلحة الجميع.
ولا يمكن إغفال أن هذا المشروع يندرج ضمن الأهداف الكبرى لرؤية المملكة 2030، والتي تسعى إلى تطوير قطاع الحج والعمرة، وتحقيق تجربة روحانية استثنائية للمسلمين في العالم، مع الحفاظ على كفاءة التشغيل ورفع جودة الأداء، كما يعكس المشروع مكانة السعودية كدولة قائدة في خدمة الحرمين الشريفين، حريصة على أن تظل في طليعة الدول التي توظف إمكانياتها كافة لراحة الحجاج والزوار.
بهذا المستوى من الاحترافية والتنسيق، تقدم المملكة العربية السعودية درسًا عمليًا في كيفية تحويل التحديات اللوجستية إلى قصص نجاح يُشاد بها دوليًا، لتثبت أن خدمة الحجاج ليست مجرد مهمة موسمية، بل رسالة أصيلة متجذرة في وجدان الدولة قيادةً وشعبًا.