ثواني حاسمة.. حرس الحدود ينقذ 4 أشخاص من موت محقق بجدة

في مشهد بطولي جديد يسجّل لحرس الحدود السعودي، أنقذت فرق البحث والإنقاذ التابعة للقطاع البحري في جدة أربعة أشخاص، بعد أن علقت واسطتهم البحرية فوق الشعاب المرجانية في حادث خطير كاد أن يتحول إلى مأساة لولا سرعة الاستجابة ودقة التنفيذ من قبل الجهات المختصة، والتفاصيل تُظهر احترافية عالية وتنسيقاً فائقاً يعكس مدى الجاهزية والحرص على حماية الأرواح في مياه المملكة.
القصة بدأت عندما تلقت غرفة العمليات بلاغاً عن وسيلة بحرية عالقة على شعاب مرجانية، وعلى متنها أربعة أشخاص. لم يكن هناك وقت للهدر، فكل ثانية تحتسب في مثل هذه الحوادث التي تتسم بالخطر الشديد، خصوصاً إذا ما كانت الوسيلة البحرية قد بدأت بفقدان توازنها أو التعرّض لتلف قد يؤدي إلى غرقها، والتحرك كان فورياً، والفرق المختصة هرعت إلى الموقع المحدد بتنسيق سريع ودقيق.
إقرأ ايضاً:بذكاء سعودي وتقنيات متقدمة: "سدايا" تسرّع إجراءات الحجاج بمطار أنقرة ضمن "مبادرة طريق مكة"حجاج بنجلاديش يروون تجربتهم مع "طريق مكة": خدمة تفوق التوقعات
وما إن وصلت فرق الإنقاذ إلى الموقع حتى بدأت عملية تقييم الموقف بشكل فوري، والموقع الصخري الحاد للشعاب المرجانية زاد من تعقيد المهمة، إلا أن الكفاءة التي يتمتع بها عناصر حرس الحدود واحترافيتهم في التعامل مع حالات الطوارئ البحرية مكنت الفريق من الوصول إلى الأشخاص الأربعة وإخلائهم دون تسجيل أي إصابات تُذكر، في عملية إنقاذ تحسب بكل المقاييس ضمن النماذج المثالية للتدخل السريع.
لكنّ الحدث لم يتوقف عند الإنقاذ فقط، بل اتخذ أبعاداً توعوية مهمة، حيث سارعت المديرية العامة لحرس الحدود إلى توجيه نداء واضح وصريح عبر منصتها الرسمية في "إكس" (تويتر سابقًا)، تحث فيه جميع مرتادي البحر على ضرورة الالتزام بتعليمات السلامة البحرية، وفحص الوسائط المستخدمة قبل الإبحار، وهذه الإرشادات ليست ترفاً، بل ضرورة تمليها الوقائع المتكررة، حيث يمكن لحادث بسيط ناتج عن إهمال صغير أن يتحول إلى مأساة كبرى.
وفي الوقت نفسه، شددت المديرية على أهمية حفظ أرقام الطوارئ البحرية، حيث يمكن أن تنقذ حياة في لحظة خطر، وهي جزء لا يتجزأ من منظومة الأمان التي تعمل المملكة على ترسيخها في كافة الأنشطة البحرية.
ومن المعروف أن منطقة البحر الأحمر، وخاصة على امتداد ساحل جدة، تحتوي على عدد كبير من الشعاب المرجانية الحادة، والتي قد تشكل خطراً على الوسائط البحرية غير المؤهلة أو المبحرة دون تخطيط دقيق، وحوادث الجنوح ليست بغريبة عن مياهنا الإقليمية، إلا أن التفاوت في نتائج هذه الحوادث دائماً ما يكون مرتبطاً بمستوى الوعي البحري واتباع الإجراءات الوقائية اللازمة.
وتأتي هذه الحادثة لتؤكد مجدداً على أهمية تعزيز ثقافة السلامة البحرية في المملكة، فالمملكة، ضمن رؤيتها الطموحة 2030، تعمل على تنشيط السياحة الساحلية، وتطوير البنية التحتية للمراسي والأنشطة البحرية، وهو ما يستدعي بالضرورة تنمية الوعي لدى الأفراد والمجتمع بكيفية استخدام الوسائط البحرية بأمان، ويبدو أن حرس الحدود لا يكتفي بالجهد العملياتي فقط، بل يسير بالتوازي في خط توعوي يسهم في الحد من الحوادث قبل وقوعها.
وفي هذا السياق، تلعب الحملات التوعوية والبرامج التدريبية دوراً أساسياً في بناء هذا الوعي، سواء من خلال منصات التواصل أو الورش المباشرة التي تنظم بالشراكة مع المدارس والجامعات والمؤسسات الترفيهية، إن رفع مستوى الجاهزية لا يتم فقط عبر تجهيزات الإنقاذ، بل يبدأ أولاً من عقل الراكب وقبطان الوسيلة البحرية الذي يجب أن يدرك المخاطر ويتعامل معها قبل أن يقع المحظور.
وفي ظل هذا المشهد، تبدو المملكة أمام تجربة نوعية متكاملة، تجمع بين الاستعداد الفني، والتدخل السريع، والتوعية المجتمعية، من أجل تحقيق هدف واحد لا يتغير: حماية الأرواح على امتداد السواحل السعودية، وقصة الإنقاذ في جدة ليست مجرد خبر عابر، بل رسالة واضحة مفادها أن أمن البحر مسؤولية مشتركة تبدأ من الفرد، وتكتمل بجهود الدولة.