اتفاق تاريخي بين واشنطن وبكين: خفض "كبير" في الرسوم الجمركية

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية والصين يوم الإثنين عن التوصل إلى اتفاق مهم يقضي بخفض "كبير" في الرسوم الجمركية المتبادلة، في خطوة اعتبرها المراقبون نقطة تحول حاسمة في مسار العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، ووفقًا لما أعلنه وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت فإن الاتفاق ينص على تعليق مؤقت للرسوم الجمركية المفروضة من كلا الجانبين بنسبة تصل إلى 115%، وذلك لمدة تسعين يومًا، بهدف التمهيد لإطلاق مفاوضات أعمق قد تؤدي إلى تسوية دائمة للخلافات.
جاء الإعلان عقب محادثات رفيعة المستوى جمعت وفود البلدين في مدينة جنيف السويسرية، حيث شهدت الاجتماعات نقاشات مكثفة حول مستقبل العلاقات التجارية الثنائية والتحديات التي تواجه سلاسل التوريد العالمية، وأوضح بيسنت أن الجانبين أظهرا التزامًا واضحًا بعدم الرغبة في الانفصال الاقتصادي، مؤكدًا أن "الرسوم المرتفعة للغاية وصلت إلى حد يوازي الحظر التجاري، وهذا ما لا يريده أي من الطرفين".
إقرأ ايضاً:زلزال تغييرات يضرب النصر: بروزوفيتش على أعتاب الرحيل وثورة مرتقبة في خط الوسطترامب ومحمد بن سلمان: شراكة استراتيجية بطموح يتجاوز التريليون دولار
وبموجب الاتفاق ستنخفض الرسوم الأمريكية على الواردات الصينية إلى 30% بعد أن بلغت 145%، فيما ستنخفض الرسوم الصينية على السلع الأمريكية إلى 10%، نزولًا من 125%، مع استثناء 10% من الرسوم المفروضة سابقًا، والتي ستظل سارية خلال مدة الاتفاق المؤقت، ويُنتظر أن يبدأ تنفيذ هذه الإجراءات اعتبارًا من 14 مايو/أيار 2025، وسط آمال بأن تساهم هذه التهدئة في تنشيط التجارة الدولية وطمأنة المستثمرين.
الجدير بالذكر أن هذا الاتفاق يأتي بعد أشهر من التصعيد المتبادل الذي بدأ حين فرضت واشنطن رسوماً جمركية شاملة شملت نحو 60 شريكًا تجاريًا، في خطوة وصفها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بـ"يوم التحرير"، وردّت عليها الصين بفرض رسوم انتقامية على المنتجات الأمريكية.
وقد أدى هذا التصعيد إلى تراجع ملحوظ في حجم التبادل التجاري، وخلق أجواء من عدم الاستقرار الاقتصادي العالمي، كما تضررت موانئ أمريكية من تراجع حركة الشحن القادمة من الصين، بينما سجل الاقتصاد الصيني تباطؤًا في الإنتاج الصناعي وتسريحات عمالية في قطاعات التصدير.
وفي تعليق لوسائل الإعلام الصينية وُصف الاجتماع في جنيف بأنه "متوازن ومفيد للطرفين"، فيما أشار مسؤولون صينيون إلى قلقهم من مخاطر العزلة الاقتصادية، مع توجه عدد من شركائهم التجاريين نحو التفاهم مع واشنطن، وأعلنت وزارة التجارة الصينية أن الاتفاق يمثل خطوة مهمة لحل الخلافات وتجاوز العقبات نحو تعزيز التعاون.
وقد تفاعلت الأسواق العالمية مع الخبر بشكل إيجابي، إذ سجل مؤشر "هانغ سنغ" في هونغ كونغ ارتفاعًا بنسبة 3%، كما ارتفع مؤشر "شنغهاي" 0.8% قبل إعلان تفاصيل الاتفاق، وسجلت أسهم شركات الشحن قفزات ملحوظة، في حين تراجعت أسعار الذهب بنسبة 3% بسبب تراجع المخاوف من تفاقم التوترات.
وفي ختام الاجتماعات أعلن البلدان عن تأسيس آلية جديدة لمواصلة الحوار التجاري والاقتصادي، يقودها كل من وزير الخزانة الأمريكي ونائب رئيس مجلس الدولة الصيني، مع التأكيد على أن المحادثات المستمرة ستسهم في معالجة المخاوف المتبادلة وفتح الباب أمام اتفاقات طويلة الأمد تعزز من استقرار النظام التجاري العالمي.