انقلاب في نيوم.. هل تسبب المهاجم الفرنسي في الإطاحة بالمدرب الخبير؟

في خطوة مفاجئة هزت أركان الوسط الرياضي السعودي، أعلن نادي نيوم، الصاعد حديثًا لدوري روشن للمحترفين، عن نهاية علاقته بالمدرب البرازيلي بريكليس شاموسكا، وذلك في توقيت أثار موجة واسعة من التساؤلات والجدل، حيث جاء القرار بعد أقل من ثمان وأربعين ساعة على احتفاء النادي بصفقته التاريخية المدوية بالتعاقد مع المهاجم الفرنسي الشهير أليكسندر لاكازيت.
القرار الذي وصفه بيان النادي المقتضب بأنه "إنهاء للعلاقة التعاقدية بالتراضي"، لم يكن كافيًا لإخماد نيران الحيرة في قلوب المتابعين، الذين كانوا ينتظرون رؤية الخبير البرازيلي، صاحب الباع الطويل في الملاعب السعودية، وهو يقود كتيبة النجوم الجديدة التي بدأ مشروع نيوم الطموح في حشدها استعدادًا لموسمه الأول بين الكبار.
إقرأ ايضاً:كارثة محتملة تهدد أحلام الهلال في مونديال الأندية.. 6 نجوم في مهب الإيقاف!قرارات حاسمة من "الحج والعمرة" توقف 4 شركات عمرة.. فماذا حدث؟
لقد كان شاموسكا هو مهندس رحلة الصعود المظفرة، الرجل الذي قاد الفريق من غياهب دوري الدرجة الأولى إلى أضواء دوري المحترفين، محققًا إنجازًا كان من المفترض أن يمنحه حصانة مؤقتة على الأقل، لكن رياح التغيير في نيوم يبدو أنها تهب بقوة وعنف أكبر مما يتوقعه الكثيرون، حاملة معها رسالة واضحة بأن طموح المشروع لا يعترف بالأسماء بقدر ما يعترف بالنتائج المستقبلية المتوقعة.
فبينما كانت أصداء التوقيع مع لاكازيت، مهاجم أرسنال وأولمبيك ليون السابق، تتردد في الأوساط العالمية كدليل على الجدية المطلقة لمشروع نيوم ورغبته في المنافسة الفورية، جاء قرار رحيل المدرب ليضع علامة استفهام كبرى حول الانسجام الداخلي والاستراتيجية المتبعة، فكيف يمكن لربان السفينة أن يغادرها في اللحظة التي تصل فيها أثمن حمولاتها.
همسات الكواليس بدأت تتحدث عن وجود تباين في وجهات النظر حول المرحلة المقبلة، فالإدارة التي ترسم خططًا trasscendentالية للمستقبل، ربما رأت أن المرحلة القادمة تتطلب اسمًا تدريبيًا عالميًا يتناسب مع حجم الصفقات التي أبرمتها وتلك التي تنوي إبرامها، وهو ما قد لا يتماشى مع الأسلوب الواقعي والمنظم الذي يعرف به شاموسكا.
المدرب البرازيلي ليس غريبًا على الكرة السعودية، بل هو أحد أكثر الخبراء دراية بخباياها، فقد ترك بصمات واضحة مع كل فريق أشرف عليه، من الإنجاز التاريخي مع الفيصلي وتحقيق لقب كأس الملك، إلى الاستقرار الفني الملحوظ الذي أحدثه في التعاون، وحتى فتراته القصيرة مع الهلال والشباب شهدت على كفاءته وقدرته على تحقيق نتائج إيجابية.
هذا التاريخ الحافل يجعل من قرار الاستغناء عنه أكثر غرابة، ويدفع الكثيرين إلى الاعتقاد بأن الأمر يتجاوز مجرد الرؤية الفنية، ليدخل في نطاق فلسفة النادي الجديدة، التي تسعى إلى خلق هوية "نخبوية" في كل عناصرها، من اللاعبين إلى الجهاز الفني، لتكون انعكاسًا لصورة مدينة المستقبل التي يحمل النادي اسمها.
مشروع نيوم الرياضي لا يمكن فصله عن رؤية المملكة 2030، فهو ليس مجرد نادٍ لكرة القدم، بل هو واجهة رياضية لمدينة الأحلام التي يتم تشييدها على ساحل البحر الأحمر، وهذا الإرث المستقبلي يضع على كاهل القائمين على النادي ضغوطًا هائلة لتحقيق قفزات سريعة وغير تقليدية في عالم كرة القدم.
والآن، تتجه كل الأنظار نحو هوية المدرب القادم، الذي سيجد نفسه أمام تحدٍ مزدوج، فهو مطالب بالتعامل مع فريق مدجج بالنجوم يتقدمهم لاكازيت، وفي نفس الوقت استيعاب حجم الضغط الإعلامي والجماهيري المصاحب لواحد من أكثر المشاريع الرياضية طموحًا على مستوى العالم في العصر الحديث.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هل كان التوقيع مع لاكازيت هو القشة التي قصمت ظهر البعير في علاقة شاموسكا بنيوم، أم أنه كان مجرد بداية لسلسلة من القرارات الصادمة التي تهدف إلى بناء فريق لا يقبل بأقل من المجد منذ موسمه الأول، حتى لو كان الثمن هو التضحية بالرجل الذي وضع أساس هذا الصعود.
هذا التوقيت الحرج لرحيل المدرب، مع اقتراب انطلاق الموسم الجديد، يمثل مغامرة كبرى من إدارة النادي، فإما أن تنجح في التعاقد مع بديل كفء قادر على لم الشمل سريعًا وقيادة الفريق لتحقيق أهدافه، أو أن تجد نفسها في دوامة من عدم الاستقرار قد تؤثر سلبًا على مسيرة الفريق.
إن ما حدث داخل أسوار نادي نيوم خلال الساعات القليلة الماضية هو أشبه بزلزال عنيف، أعاد ترتيب المشهد وأثار عاصفة من التكهنات، فالتخلي عن مهندس النجاح بعد جلب نجم عالمي هو سيناريو درامي بامتياز، يؤكد أن فصول الإثارة في قصة هذا النادي الوليد قد بدأت للتو.
هذا الطلاق المفاجئ بين شاموسكا ونيوم لن يكون مجرد خبر عابر في سوق الانتقالات، بل سيظل علامة فارقة في تاريخ النادي، تروي قصة طموح جامح لا يعرف الحدود، ورغبة في حرق المراحل للوصول إلى القمة بأسرع الطرق الممكنة، مهما كانت القرارات صادمة أو غير متوقعة.
في النهاية، يبقى عالم كرة القدم مسرحًا للمفاجآت، وما فعله نيوم هو تأكيد لهذه الحقيقة، فالنادي الذي ولد ليكون حديث العالم، بدأ بالفعل في صناعة الأحداث التي تجعل الجميع يترقب خطوته التالية بشغف وقلق، منتظرين الكشف عن هوية القائد الجديد لمشروع الأحلام.