صيف الخليج يشتعل: السعودية تسجل أعلى درجة حرارة على وجه الأرض خلال 24 ساعة

سجّلت المملكة العربية السعودية أعلى درجات حرارة على مستوى العالم خلال الـ 24 ساعة الماضية، في مؤشر جديد على شدة الموجة الحارة التي تضرب منطقة الخليج هذا الصيف، وأوضح الخبير الفلكي الدكتور خالد الزعاق، اليوم الثلاثاء، أن هذه القياسات تمّت في الظل وباستخدام المعايير المناخية الدولية المعتمدة، ما يمنحها موثوقية عالية ويجعلها مرآة دقيقة لحالة الطقس الحالية.
ووفقًا للبيانات المنشورة، احتل مطار الملك فهد الدولي في الدمام صدارة قائمة أعلى درجات الحرارة عالميًا، بعد أن سجّل 49.3 درجة مئوية، متجاوزًا مدنًا وعواصم تشتهر تقليديًا بحرارتها المرتفعة، وتلاه مباشرة مطار الكويت الدولي بدرجة حرارة بلغت 49 مئوية، ثم مدينة الأحساء السعودية التي حلّت ثالثًا بدرجة حرارة وصلت إلى 48.1 مئوية.
إقرأ ايضاً:الصحف العالمية تنبهر بعد فوز الهلال التاريخي على مانشستر سيتي والصعود لربع النهائيصفقة أوروبية تسقط في اللحظات الأخيرة..الأهلي حاول إغراء "فلاهوفيتش" بـ20 مليون سنويًا ولكن
وتعكس هذه الأرقام تصاعد موجة الحر غير المسبوقة في منطقة الخليج، مع دخول فصل الصيف أشد مراحله حرارة، الأمر الذي يضع تحديات كبيرة أمام السكان، ويستدعي تدخلات عاجلة من الجهات المعنية، وتأتي هذه الموجة الحارّة في وقت بدأت فيه درجات الحرارة في بعض المناطق بتجاوز المعدلات المعتادة لهذا الوقت من العام.
وأكد الزعاق أن تسجيل هذه الدرجات تم بحسب شروط الرصد المناخي المتعارف عليها دوليًا، والتي تتطلب وضع موازين الحرارة في الظل وعلى ارتفاعات محددة من الأرض، ما يختلف تمامًا عن درجات الحرارة المحسوسة التي قد تكون أعلى بكثير خاصة عند التعرض المباشر لأشعة الشمس.
وأطلقت الجهات المختصة في السعودية والكويت ودول الخليج الأخرى سلسلة من التنبيهات التحذيرية، مطالبة السكان بعدم التعرض لأشعة الشمس في فترات الذروة، خاصة ما بين العاشرة صباحًا والرابعة مساءً، مع التركيز على الوقاية من ضربات الشمس والإجهاد الحراري.
كما دعت الجهات الصحية المواطنين والمقيمين إلى الإكثار من شرب السوائل وتجنّب المشروبات المنبّهة، بالإضافة إلى ارتداء الملابس القطنية الفاتحة وتغطية الرأس أثناء الخروج، مشددة على أهمية بقاء كبار السن والأطفال داخل الأماكن المكيّفة خلال ساعات النهار.
وفي إطار الاستعدادات الميدانية، كثفت الجهات البلدية والعمالية من إجراءاتها لحماية العاملين في المواقع المكشوفة، حيث تم فرض حظر العمل تحت أشعة الشمس في ساعات الظهيرة، وتزويد مواقع العمل بمعدات التبريد والمياه المبردة وتخصيص فترات راحة إضافية.
وتعمل مراصد الطقس الإقليمية على متابعة الوضع المناخي عن كثب، حيث أظهرت نماذج التنبؤات استمرار الموجة الحارة في الأيام القليلة القادمة، مع احتمالية تجاوز حاجز الـ50 درجة مئوية في بعض المناطق الداخلية إن استمرت الظروف الحالية.
ويأتي هذا التصعيد في درجات الحرارة في ظل تغيّرات مناخية عالمية بدأت تلقي بظلالها على المنطقة، حيث تؤكد تقارير علمية حديثة أن منطقة الخليج باتت من بين أكثر مناطق العالم تأثرًا بظواهر الاحتباس الحراري، ما يُنذر بمواسم صيفية أكثر قسوة خلال السنوات القادمة.
وساهم التمدد العمراني وزيادة نسبة الإسفلت والمباني الأسمنتية في تضخيم آثار الحرارة داخل المدن، فيما تعاني المناطق المفتوحة من ارتفاع درجات الحرارة بشكل أكبر، خاصة مع تراجع المساحات الخضراء وتزايد موجات الجفاف، ما يتطلب حلولاً بيئية عاجلة للتكيف مع المناخ المتغير.
من جهتها، طالبت فرق الدفاع المدني جميع المواطنين بالحيطة والحذر، والالتزام بالإرشادات الوقائية، وعدم إشعال النيران في المناطق الصحراوية أو إشغال المولدات في الأماكن الضيقة، للحد من خطر الحرائق التي تزداد في ظل الأجواء الجافة والحارة.
وأعادت هذه الأرقام إلى الأذهان سنوات شهدت درجات حرارة قاسية، مثل صيف 2010 و2017، لكن الأرقام المسجلة مؤخرًا تبدو أعلى من المعتاد، ما يطرح تساؤلات جادة حول استعداد المدن الخليجية لمواجهة هذا التحدي المناخي المتصاعد.
ويُتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع خلال الأسابيع المقبلة، مما يعيد تسليط الضوء على أهمية تحديث أنظمة التكييف والبنية التحتية للمرافق العامة، وتطوير خطط طوارئ متكاملة للتعامل مع موجات الحر الشديدة والحد من آثارها السلبية على الصحة العامة.
وفي ظل هذه الأجواء اللاهبة، يبقى وعي المواطن والتزامه بالتعليمات عاملًا رئيسيًا في تقليل المخاطر، خاصة مع توجه السلطات إلى إطلاق حملات توعوية واسعة النطاق، تستهدف كل فئات المجتمع لضمان سلامتهم ورفع جاهزيتهم في وجه الصيف الخليجي القاسي.