"الإنسانية أولاً".. مشهد لافت في الحدود السعودية يروي قصة التعامل مع الحجاج الإيرانيين بعد أداء المناسك

بدأت القوات الخاصة لأمن الطرق في المملكة العربية السعودية بتسهيل مغادرة الحجاج القادمين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية عبر منفذ جديدة عرعر في منطقة الحدود الشمالية، وذلك بعد أن أتموا مناسك الحج لهذا العام 1446هـ وسط أجواء من الطمأنينة والسكينة، حيث شهدت عملية المغادرة إجراءات ميسرة تعكس مدى جاهزية الجهات المعنية وتكامل أدوارها في خدمة ضيوف الرحمن.
وقد سخرت المديرية العامة للجوازات جميع طاقاتها وكوادرها في المنفذ الحدودي، بالتنسيق مع بقية الجهات الأمنية والخدمية، لتسريع إنهاء الإجراءات النظامية الخاصة بمغادرة الحجاج الإيرانيين، وضمان عودتهم إلى بلادهم في أجواء منظمة، مع الالتزام الكامل بالضوابط الأمنية والصحية، التي تعد جزءًا أساسيًا من منظومة الحج الشاملة.
إقرأ ايضاً:الضوء الأخضر وصل.. نجم ميلان يفتح أبواب الرحيل للهلالأمطار غزيرة في شوارع جازان بدون سابق إنذار.. الأرصاد تطلق الإنذار المبكر
وتأتي هذه الإجراءات في إطار حرص المملكة على تقديم أرقى الخدمات لحجاج بيت الله الحرام منذ لحظة دخولهم أراضيها وحتى مغادرتهم، انطلاقًا من توجيهات القيادة الرشيدة التي تضع رعاية الحجاج على رأس أولوياتها، وتولي أهمية قصوى لسلامتهم وراحتهم دون تمييز بين جنسية أو دولة.
ويُعد منفذ جديدة عرعر واحدًا من أهم المنافذ البرية التي تربط المملكة بدولة العراق ويُستخدم كذلك بشكل محدود من قبل الحجاج الإيرانيين، خصوصًا في ظل الظروف الإقليمية المتغيرة، وقد أثبت المنفذ هذا العام كفاءته العالية في استيعاب الأعداد المغادرة، وسط تنظيم دقيق وخطط مرورية محكمة.
وتعكس هذه الخطوة بعدًا إنسانيًا يعكس ما تبذله المملكة من جهود على مختلف الأصعدة، إذ يتم التعامل مع ضيوف الرحمن بروح الضيافة والرحمة، في مشهد سنوي يتكرر بروعة التنظيم وجمال التفاصيل، ولا سيما في الأوقات التي تلي أداء المناسك، حيث ترتفع وتيرة المغادرة، ويزداد الضغط على المنافذ المختلفة.
وحرصت فرق الجوازات المنتشرة في المنفذ على التعامل الفوري مع طلبات الحجاج، بما يشمل فحص الوثائق، والتحقق من البيانات، وتوفير الدعم اللازم لتسهيل كل المعاملات، وهو ما كان محل إشادة واسعة من الحجاج الإيرانيين الذين عبروا عن امتنانهم للتعامل الحسن والخدمات المقدمة لهم دون تأخير أو عناء.
ويأتي هذا التيسير في وقت تمر فيه إيران بظروف داخلية معقدة تتعلق بالأوضاع السياسية والاقتصادية، وهو ما جعل تنظيم رحلة الحج لهذا العام يمثل تحديًا إضافيًا للحجاج القادمين من أراضيها، غير أن التعاون الوثيق مع الجهات السعودية أسهم في تجاوز الصعوبات وضمان أداء الفريضة بطمأنينة.
وتشهد حركة المغادرة هذا العام انسيابية لافتة، نتيجة الاستعداد المسبق من قبل الجهات المعنية، حيث تم وضع خطط تشغيلية منذ ما قبل بداية موسم الحج، تشمل تعزيز الكوادر البشرية في المنافذ، وتوفير الدعم اللوجستي والتقني، والتنسيق مع بعثات الحج لضمان سلاسة التنقل والإجراءات.
وقد برز في المشهد حرص القوات الخاصة لأمن الطرق على تسهيل حركة الحافلات التي تقل الحجاج، من خلال تنظيم المسارات، وتأمين الطرق المؤدية إلى المنفذ، وتوفير نقاط دعم على امتداد الطريق، وهو ما أسهم في الحفاظ على انسيابية التنقل وضمان وصول الحجاج إلى المنفذ في الوقت المحدد.
وتعكس هذه المشاهد قدرة المملكة على إدارة واحدة من أعقد العمليات اللوجستية الدينية في العالم، والتي تتطلب تنسيقًا عاليًا بين مختلف الجهات الأمنية والخدمية، مع مراعاة الفوارق اللغوية والثقافية والصحية بين ملايين الحجاج القادمين من مختلف أصقاع الأرض.
وتركز الجوازات السعودية على استخدام الأنظمة الإلكترونية الحديثة التي تُسرّع من إجراءات الخروج وتقلل من الخطأ البشري، حيث يتم مسح الوثائق آليًا، والتحقق من البيانات خلال ثوانٍ معدودة، وهو ما يقلل من مدة الانتظار، ويرفع من مستوى رضا الحجاج عن تجربتهم في المملكة.
وتستكمل المملكة بذلك صورة متكاملة لحج هذا العام، حيث بدأت الرحلة باستقبال حافل، ثم أُديت المناسك في أجواء تنظيمية مميزة، واختتمت بعمليات مغادرة منظمة، تُظهر الوجه الحقيقي لجهود السعودية في خدمة الإسلام والمسلمين، وفق نهج مؤسسي متطور يراعي أدق التفاصيل.
ويؤكد المشهد في منفذ جديدة عرعر على أن المملكة لا تكتفي بتوفير الأمن والخدمة، بل تعمل على ترسيخ مبدأ التيسير، وإظهار البُعد الإنساني في التعامل مع الحجاج، حتى في مراحل مغادرتهم، بما يعزز مكانتها كمرجع عالمي في تنظيم مواسم الحج وإدارة الحشود باحترافية.
وقد أثبتت عمليات مغادرة الحجاج الإيرانيين أن العلاقة بين الشعوب تتجاوز الحسابات السياسية الضيقة، حيث ظل التعامل السعودي مع الحجاج الإيرانيين إنسانيًا ومهنيًا على الدوام، وهو ما يُعد رسالة تؤكد ثبات المملكة على منهجها في خدمة ضيوف الرحمن مهما كانت الظروف.
ومع انتهاء موسم الحج، تبدأ الجهات المعنية في تقييم الأداء ورصد الملاحظات لتطوير التجربة عامًا بعد عام، ما يعكس التزامًا واضحًا بالتحسين المستمر، وتحقيق أعلى مستويات الجودة في إدارة هذا الحدث السنوي الذي يتجاوز في طبيعته البُعد الديني إلى آفاق التنظيم والخدمة.