مشهدًا مهيبًا بين الجبال .. حريق مفاجئ في مرتفعات الجنوب يستنفر فرق الدفاع المدني

في يوم اتسم بالهدوء المعتاد لمرتفعات الجنوب، استيقظت منطقتان مختلفتان من المملكة على أصوات أجهزة الطوارئ التي هرعت لمباشرة حريقين اندلعا في غطاء نباتي كثيف، حيث أعلنت المديرية العامة للدفاع المدني أن فرقها باشرت يوم السبت حادثتي حريق نشبتا في مساحات من الأشجار والأعشاب الجافة في منطقتين جبليتين، الأولى بمدينة أبها، والثانية بمحافظة المندق التابعة لمنطقة الباحة، وذلك في ظل أجواء صيفية جافة ساعدت على انتشار النيران.
وأفادت مديرية الدفاع المدني بمنطقة عسير أن الحريق الذي اندلع في منطقة جبلية بمدينة أبها كان في مسطح من الأشجار والأعشاب، وتم رصده في وقت مبكر، حيث جرى تحريك فرق ميدانية متخصصة إلى الموقع لمحاصرة ألسنة اللهب، واحتواء نطاق انتشارها، فيما أكدت الجهات الرسمية أن أعمال الإخماد ما تزال مستمرة حتى وقت إعداد هذا التقرير، في ظل تضاريس وعرة وصعوبات طبيعية تزيد من تعقيد المهمة.
إقرأ ايضاً:إنزاجي يشعل معسكر الهلال بهذا الطلب العاجل من لاعبي الهلال السعودي فماذا قال؟!الهلال يواجه سالزبورغ بمعنويات عالية بعد تعادل تاريخي مع ريال مدريد.. إليك الموعد والتشكيل والقنوات الناقلة
وفي سياق متصل، باشرت فرق الدفاع المدني في منطقة الباحة حادثة حريق مماثلة نشبت في أحد المواقع الجبلية بمحافظة المندق، حيث أتت النيران على أجزاء من الغطاء النباتي، وامتدت إلى مناطق تحتوي على أعشاب كثيفة، الأمر الذي استدعى تدخلاً عاجلًا من الفرق الأرضية والطواقم الفنية المجهزة للتعامل مع مثل هذه الحوادث البيئية.
وأوضح مصدر ميداني أن طبيعة الأرض الجبلية شكلت تحديًا كبيرًا أمام فرق الإطفاء، خاصة مع سرعة الرياح وارتفاع درجات الحرارة، ما أدى إلى اتساع رقعة اللهب، إلا أن الخبرات التراكمية لعناصر الدفاع المدني ساهمت في تقليل الأضرار ومنع وصول الحريق إلى مناطق سكنية أو ممتلكات خاصة، مؤكدًا أن الجهود الميدانية تسير وفق خطط مدروسة لضمان السيطرة الكاملة.
وقد تم رصد تصاعد أعمدة دخان كثيفة فوق مواقع الحريق، وبدت واضحة من مسافات بعيدة، مما أثار حالة من القلق بين الأهالي، خاصة في ظل تكرار حوادث الحرائق الطبيعية في هذا الموسم من كل عام، نتيجة تراكم الأعشاب الجافة واشتداد الحرارة، وهي عوامل طبيعية معروفة تؤدي إلى ارتفاع معدلات الحرائق في المناطق الجبلية والغابات.
وأشارت مصادر رسمية إلى أن التحقيقات المبدئية جارية لتحديد أسباب اندلاع الحريق، دون الإشارة إلى وجود شبهة جنائية في الوقت الحالي، فيما أكد عدد من المختصين أن الأشجار المحلية والأعشاب الجافة تشكل بيئة سريعة الاشتعال، مما يجعل من الضروري تعزيز برامج التوعية ومراقبة المساحات المعرضة للخطر.
ويأتي هذا الحريق في ظل تصاعد المخاوف من تنامي معدلات الحرائق في مناطق الجنوب الجبلية خلال فصل الصيف، حيث تُعد كل من أبها والمندق من المناطق المعروفة بكثافتها النباتية وتنوع غطائها الأخضر، ما يجعلها عرضة لمثل هذه الحوادث في حال غياب التدخل السريع أو عدم الالتزام بتعليمات السلامة من قبل الزوار والمتنزهين.
ومن جانب آخر، تفاعل عدد كبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مع صور ومقاطع فيديو للحريق، داعين إلى تعزيز الجهود الوقائية لحماية البيئة، ومطالبين بتوفير آليات أكثر تطورًا للحد من امتداد الحرائق، خصوصًا في المناطق الوعرة التي يصعب الوصول إليها بسهولة.
يُذكر أن الدفاع المدني السعودي يُخصص سنويًا حملات توعوية موجهة للجمهور حول مخاطر الحرائق الطبيعية، وطرق التعامل مع الحوادث البيئية، خاصة في المناطق الجبلية، إلا أن تكرار هذه الحوادث يؤكد الحاجة إلى تكثيف الجهود الوقائية، وتفعيل خطط المراقبة والاستجابة السريعة.
كما تأتي هذه الحوادث في وقت يتزايد فيه الحديث عن التغيرات المناخية التي تشهدها المنطقة، وما يصاحبها من ظروف بيئية غير مستقرة، تسهم في تزايد عدد الحرائق، وهو ما يستدعي تضافرًا بين الجهات الرسمية والأهالي للحفاظ على الثروات الطبيعية التي تُعد من الكنوز الوطنية.
وأكدت فرق الدفاع المدني أن الأولوية الآن تتركز على إخماد النيران بالكامل، والتأكد من عدم وجود بؤر مشتعلة قد تؤدي إلى تجدد الحريق، خاصة في ظل بقاء بعض الجيوب الحرارية في التربة وتحت الأعشاب، وهو ما يتطلب مراقبة مكثفة بعد الإخماد النهائي.
وعلى الرغم من ضخامة الحريق، لم ترد حتى اللحظة أي أنباء عن وقوع إصابات بشرية أو أضرار كبيرة في الممتلكات، وهو ما يُعد نجاحًا نسبيًا يعكس كفاءة التدخل السريع، وفاعلية الخطط التشغيلية التي اتبعتها الفرق الميدانية، وسط تضاريس صعبة ومناخ جاف.
وتتعاون الجهات المعنية حاليًا مع الدفاع المدني لتقديم الدعم اللوجستي اللازم، من معدات وإمدادات ميدانية، حيث تم الدفع بوحدات إضافية إلى الموقع لضمان عدم تطور الوضع إلى كارثة بيئية، وذلك في ظل تنسيق مستمر مع الجهات الأمنية والبلدية والبيئية في المنطقة.
وطالب عدد من المختصين في مجال البيئة بسرعة تنفيذ مشاريع إزالة الأعشاب الجافة بشكل دوري، وتعزيز البنية التحتية للطوارئ في المناطق الجبلية، وذلك في إطار خطط وطنية تهدف إلى الحد من آثار التغير المناخي، وتفادي تكرار السيناريوهات الحرائق الموسمية.
وينتظر أن تصدر المديرية العامة للدفاع المدني خلال الساعات المقبلة تقريرًا تفصيليًا حول ملابسات الحادث، والإجراءات المتخذة، والحالة النهائية للموقع، في حين تبقى أعين السكان معلقة بجهود الأبطال في الميدان، وهم يواصلون مهامهم الشاقة للحفاظ على البيئة والحياة.