قبل السيف بساعات: ضابط سعودي ينقذ سجينًا من القصاص

في مشهد إنساني مفعم بالعطاء وروح المبادرة، سطر المقدم حزام عبدالله الفهيدي الحربي، مدير إدارة سجن حائل، موقفاً بطولياً وملحمة إنسانية خالدة عندما نجح في إنقاذ رقبة أحد السجناء المحكوم عليهم بالقصاص من حد السيف، بعد أن تمكن، وبجهود شخصية حثيثة، من تخفيض مبلغ الدية من 30 مليون ريال إلى 15 مليون ريال قبيل ساعات معدودة من تنفيذ الحكم.
تبدأ تفاصيل القصة حين صدر حكم شرعي يقضي بالقصاص من أحد السجناء في سجن حائل، إثر تورطه في جريمة قتل، وأبدى ذوو المجني عليه استعدادهم للتنازل مقابل دية تبلغ 30 مليون ريال، ورغم الجهود الكبيرة التي بُذلت لجمع المبلغ المطلوب، لم يتمكن أهل السجين وفاعلو الخير سوى من جمع نحو 7 ملايين ريال فقط، مع اقتراب ساعة تنفيذ الحكم، مما جعل حياة السجين على المحك، وترك الجميع في سباق مع الزمن لإنقاذه.
إقرأ ايضاً:الجوازات تضبط 1204 حالة تهريب في أسبوع واحد فقط "كفاءة استثنائية في حماية المنافذ"جماهير النصر تطالب بـ 3 تغييرات جذرية في إدارة النادي "لم نعد نتحمل"
في خضم هذه اللحظات الحرجة، برز دور المقدم الحربي، الذي لم يتوقف عند حدود مسؤولياته الإدارية، بل حمل على عاتقه أمانة إنسانية وقضية حياة أو موت، وسارع بالدخول في مفاوضات مباشرة مع ذوي الدم، مستغلاً علاقاته الاجتماعية وثقة الجميع بشخصه، ومذكراً إياهم بفضل العفو في الدنيا والآخرة، وما جاء في الشريعة الإسلامية من ترغيب في الصفح والرحمة.
وبعد جهود استمرت لساعات طويلة ومداولات مكثفة، وافق أهل القتيل على تخفيض المبلغ المطلوب إلى 15 مليون ريال، ومنحوا أهل السجين مهلة أسبوعين لاستكمال ما تبقى من المبلغ، وتم توثيق هذا الاتفاق رسمياً، ليبدأ سباق جديد مع الوقت.
ما إن تم الإعلان عن الاتفاق، حتى تحركت مشاعر المجتمع الحائلي، وانهالت المبادرات الفردية والجماعية، حيث بادر عدد من رجال الأعمال وأهل الخير بتقديم مساهماتهم المالية، مؤمنين بأن إنقاذ روح لا يقدّر بثمن، ومع مرور الأيام، تم جمع المبلغ تدريجياً، ولكن بقي 800 ألف ريال فقط قبل إغلاق الملف، وذلك قبل الموعد النهائي بيومين.
وفي لحظة حاسمة، تدخل رجل الأعمال المعروف فلاح السعدون الويباري الشمري، الذي لم يتردد في التكفل بالمبلغ المتبقي كاملاً، واضعاً بذلك نهاية سعيدة لقضية شغلت الرأي العام، وأعادت الأمل لأسرة السجين، وأثبتت أن الرحمة والكرم ما زالا حاضرين في نفوس أبناء هذا الوطن.
وقد قوبلت هذه المساعي بترحيب واسع واستحسان كبير من قبل المجتمع الحائلي، حيث عبر العديد من الأهالي عن امتنانهم العميق للمقدم الحربي، مشيدين بمبادرته الإنسانية التي تجاوزت حدود الواجب، ووصفتها كثير من التعليقات بأنها "وساطة حياة" حملت في طياتها الرحمة والإحساس العميق بالمسؤولية المجتمعية، كما أثنوا على الموقف النبيل لرجل الأعمال الشمري، الذي جسّد معنى العطاء في أبهى صوره.
قصة هذا السجين لم تكن مجرد واقعة قانونية، بل تحوّلت إلى نموذج يُحتذى به في قيم التسامح، والعمل الإنساني، والتعاون بين فئات المجتمع، وهي صورة مشرّفة تعكس ما تتميز به المملكة من ترابط اجتماعي وتكافل حقيقي.
وبينما يواصل أهل الخير جهودهم في مجالات العطاء المختلفة، تبقى هذه الحكاية شاهداً حيّاً على أن الإنسانية لا تُقاس بالأنظمة فقط، بل بالمواقف التي يصنعها أصحاب القلوب النبيلة، وأن كل قطرة رحمة تسري في عروق المجتمع، قادرة على إنقاذ روح، وبناء أمل، وإعادة الحياة لمن بات ينتظرها على مشارف النهاية.