السعودية تتفوق على الصين في سباق الذكاء الاصطناعي بشراكة مع "إنفيديا"

في خطوة تؤكد تصاعد الدور السعودي في قيادة ثورة الذكاء الاصطناعي عالميًا، أبرمت شركة "هيوماين"، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، صفقة استراتيجية ضخمة مع شركة "إنفيديا" الأميركية، تحصل بموجبها على 18 ألف شريحة من أحدث رقائق "Blackwell" المتقدمة، هذه الصفقة التي وُصفت بأنها نقطة تحوّل فارقة في المشهد العالمي للتكنولوجيا، تعكس الطموح السعودي في التحول إلى مركز عالمي لتقنيات المستقبل، مدعومًا باستثمارات نوعية وشراكات رفيعة المستوى.
وصف دان آيفز، المدير العام لشركة "ويدبوش" للأوراق المالية، هذه الصفقة بأنها تمنح السعودية ميزة هائلة في سباق الذكاء الاصطناعي، خصوصًا في ظل احتدام المنافسة مع الصين، وأشار إلى أن المملكة أصبحت الآن من بين عدد محدود من الدول، إلى جانب الولايات المتحدة، التي تحظى بمعاملة تفضيلية من قبل "إنفيديا" في ما يخص صفقات الرقائق، هذا الامتياز، بحسب تعبيره، ليس عابرًا، بل يمثل تحوّلًا استراتيجيًا في موازين القوة الرقمية.
إقرأ ايضاً:منشور مثير من رونالدو يفتح أبواب التكهنات حول مستقبلهالصحة توضح: حجز لقاحات الحج إلزامي عبر تطبيق "صحتي"
"هيوماين" ليست مجرد شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا، بل مشروع وطني متكامل أُطلق بمبادرة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ويهدف إلى دفع المملكة نحو الصدارة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، الصفقة مع "إنفيديا" تأتي في سياق أوسع من تحركات السعودية لإعادة تشكيل اقتصادها بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030، من خلال تعزيز الابتكار والتقنيات الرقمية وبناء بنية تحتية رقمية تنافسية.
في تصريحات لمجلة "فورتشن"، قال آيفز إن الطلب العالمي على رقائق الذكاء الاصطناعي يشهد تسارعًا كبيرًا، مع توقعات بإنفاق شركات التكنولوجيا الكبرى نحو 320 مليار دولار على مراكز البيانات خلال عام 2025 وحده، وبينما ستبقى شركات مثل "أمازون" و"ألفابت" في مقدمة أولويات "إنفيديا"، فإن السعودية تحجز الآن موقعًا متقدمًا في صفوف المستفيدين من هذه الطفرة التقنية، بفضل رؤيتها الاستباقية وحجم استثماراتها الطموحة.
صفقة "هيوماين" و"إنفيديا" تم الإعلان عنها خلال منتدى الاستثمار السعودي الأميركي الذي عُقد في الرياض يوم 13 مايو، على هامش زيارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، إلا أن الصفقة لم تكن الوحيدة التي أبرمتها الشركة السعودية، إذ أعلنت أيضًا عن اتفاقية تعاون مع شركة "AMD" الأميركية للرقائق بقيمة 10 مليارات دولار، لتوفير 500 ميغاوات من قدرة الحوسبة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي لمراكز بياناتها.
الشراكات الاستراتيجية التي أبرمتها "هيوماين" لا تقتصر على إنفيديا وAMD، بل شملت أيضًا شركات تكنولوجية كبرى مثل "أمازون" و"سيسكو"، ما يبرهن على أن المشروع السعودي بات يحظى باعتراف عالمي من اللاعبين الرئيسيين في سوق التكنولوجيا، هذه الخطوات تؤكد أن "هيوماين" ليست مجرد طموح محلي، بل مشروع عالمي الأبعاد يسعى لبناء منظومة متكاملة تدعم تطوير الحلول الذكية محليًا وتصديرها دوليًا.
الاستثمارات السعودية في هذا المجال ليست فقط مالية، بل تحمل بُعدًا استراتيجيًا أعمق، يتجاوز التكنولوجيا إلى إعادة صياغة دور المملكة في الاقتصاد العالمي، فمن خلال السيطرة على أدوات المستقبل الرقمي، تسعى السعودية إلى تحويل موقعها الجغرافي والاقتصادي إلى منصة عالمية تحتضن الابتكار وتنتج المعرفة، لا تستهلكها فقط، وهذا ما أشار إليه آيفز بقوله إن منطقة الشرق الأوسط قادرة، بفضل هذه التحركات، على إضافة تريليون دولار إلى فرص سوق الذكاء الاصطناعي خلال العقد القادم.
ومع تسارع الخطى نحو بناء مراكز بيانات عملاقة وتعزيز البنية التحتية الرقمية، تبرز "هيوماين" كواحدة من أبرز أدوات المملكة لتحقيق الريادة في عالم الذكاء الاصطناعي، المشروع، بدعمه الحكومي المباشر، يتحول تدريجيًا إلى منصة جذب للمواهب والاستثمارات العالمية، ويعكس تحوّل السعودية من مستهلك للتكنولوجيا إلى منتج ومطور لها، في مسار لا يبدو أن المملكة تنوي التراجع عنه في المستقبل القريب.