مجزرة جديدة في غزة: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مدرسة تؤوي نازحين ويخلّف 36 شهيدًا

الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مدرسة تؤوي نازحين ويخلّف 36 شهيدًا.
كتب بواسطة: فائزة بشير | نشر في  twitter

في مشهد يعيد تكرار المأساة التي يعيشها سكان قطاع غزة منذ أشهر، ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم الاثنين مجزرة جديدة بحق المدنيين العزّل، استهدفت هذه المرة مدرسةً تأوي نازحين في حي الدرج بمدينة غزة، مما أسفر عن استشهاد 36 مدنيًا، أغلبهم من الأطفال والنساء، واحتراق جثث عدد منهم بالكامل، وسط حرائق ضخمة اندلعت داخل المدرسة.

والمجزرة وقعت تحديدًا في مدرسة فهمي الجرجاوي، التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، والتي كانت قد تحولت منذ بداية الحرب إلى ملاذ آمن لمئات العائلات النازحة من مناطق متفرقة في القطاع بعد تدمير منازلهم.


إقرأ ايضاً:الصحة توضح: حجز لقاحات الحج إلزامي عبر تطبيق "صحتي""طمني" رفيق الحاج الذكي كل ما تحتاجه عن الغذاء والدواء في جيبك!

إلا أن هذا الملاذ لم يكن بمنأى عن آلة القتل التي تمارسها قوات الاحتلال، حيث طالت الغارات مباني المدرسة وساحاتها، محدثة حرائق واسعة وانتشارًا كثيفًا للدخان، الأمر الذي أدى إلى سقوط المزيد من الضحايا.

وبحسب شهود عيان من سكان حي الدرج، فإن أصوات الانفجارات كانت عنيفة للغاية، أعقبها اندلاع حرائق هائلة اجتاحت الخيام المنصوبة في ساحة المدرسة، حيث كان ينام النازحون من كبار السن والنساء والأطفال، في ظل انعدام الكهرباء وصعوبة التنقل ليلًا.

وأضاف الشهود أن فرق الدفاع المدني واجهت صعوبات بالغة في الوصول إلى موقع القصف، نظرًا لاستمرار تحليق الطائرات الحربية الإسرائيلية، وتدمير عدد من الطرق المؤدية للمنطقة.

كما أظهرت مقاطع مصوّرة تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد مروّعة لحرائق مشتعلة في الخيام، ولأطفال أصيبوا بحروق بالغة، إضافة إلى جثامين متفحمة لم تُعرف هويتها بعد، وهو ما يرجّح أن العدد الحقيقي للشهداء قد يكون أعلى من المُعلن حتى الآن.

وليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها قوات الاحتلال مدارس أو منشآت مدنية تُستخدم كمراكز إيواء للنازحين. فمنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر 2023، تتعرض المؤسسات التعليمية والمستشفيات والمراكز الإغاثية لسلسلة من الغارات التي تسببت في سقوط آلاف الشهداء والجرحى، في انتهاك واضح للقوانين الدولية التي تنص على حماية المدنيين والمرافق المدنية خلال النزاعات المسلحة.

وتؤكد تقارير حقوقية أن الاحتلال الإسرائيلي نفذ أكثر من 430 اعتداءً على منشآت تعليمية وصحية منذ بداية الحرب، بما في ذلك قصف مدارس "أونروا" التي كانت تحمل شارات واضحة تدل على استخدامها كمراكز إيواء، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول نية الاحتلال في استهداف أكبر عدد ممكن من المدنيين، في إطار سياسة العقاب الجماعي التي تمارس بحق سكان القطاع المحاصر.

وحتى تاريخ اليوم، بلغ عدد شهداء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة 53,939 شهيدًا، غالبيتهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 122,797 جريحًا، في حين لا تزال أعداد كبيرة من الضحايا تحت الأنقاض، أو ملقاة في الطرقات، وسط عجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم بفعل استمرار القصف، وانهيار البنية التحتية، وانعدام الوقود والإمدادات الطبية.

وتشير جهات محلية إلى أن هذه الأرقام تبقى غير نهائية، إذ إن مناطق بأكملها لا تزال معزولة ولا يمكن الوصول إليها، كما أن الاتصالات مقطوعة في أجزاء واسعة من القطاع، ما يعيق عملية التوثيق والتحديث المستمر لعدد الضحايا.

وفي ظل تكرار مشاهد المجازر اليومية في غزة، يواجه المجتمع الدولي انتقادات متزايدة بسبب صمته، وغياب إجراءات فعالة لوقف العدوان المستمر على القطاع، فقد أعربت منظمات إنسانية عن صدمتها من استهداف أماكن يفترض أن تكون آمنة، كالمستشفيات والمدارس، في ظل عدم توافر بدائل للمدنيين الفارين من الموت.

وطالبت هذه المنظمات بتشكيل لجنة تحقيق دولية عاجلة لتقصي الحقائق حول استهداف مدرسة الجرجاوي، ومحاسبة المتورطين في هذه الجريمة البشعة، مشددة على أن الإفلات من العقاب هو ما شجع الاحتلال على الاستمرار في استهداف المدنيين دون خشية من الرد الدولي.

ومجزرة مدرسة فهمي الجرجاوي ليست حدثًا استثنائيًا في حربٍ حوّلت غزة إلى أرضٍ منكوبة، بل هي امتداد لسلسلة طويلة من الانتهاكات التي لم تتوقف منذ بداية العدوان، حيث لا يجد سكان القطاع مكانًا آمنًا يلوذون به من الغارات والقصف، حتى داخل المدارس التي يفترض أن توفر لهم قدرًا من الحماية.

وفي الوقت الذي ما تزال فيه جثامين الضحايا تُنتشل من تحت ركام المدرسة، يقف العالم مجددًا أمام مشهد مأساوي يتكرر كل يوم، دون أن يلوح في الأفق أمل بوقف آلة الحرب، أو محاسبة من يقفون خلف هذا الدمار الشامل الذي طال البشر والحجر.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook