العدالة تأخذ مجراها: تنفيذ القصاص بحق قاتل ضرب مواطنًا حتى الموت في المنطقة الشرقية

في خطوة تؤكد التزام المملكة العربية السعودية بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وتحقيق العدالة في المجتمع، أعلنت وزارة الداخلية اليوم الثلاثاء تنفيذ حكم القتل قصاصًا بحق المواطن علي بن محمد بن سرحان القرني، وذلك بعد إدانته بقتل مواطن آخر بضربه بعصا على رأسه وأماكن متفرقة من جسده، مما أدى إلى وفاته.
وأوضحت الوزارة في بيانها الرسمي أن تنفيذ الحكم جرى في المنطقة الشرقية، بعد استكمال كافة الإجراءات القضائية النظامية، ومصادقة المحكمة العليا، وصدور الأمر الملكي بإنفاذ ما تقرر شرعًا، ويمثل هذا الحكم تأكيدًا على موقف الدولة الصارم تجاه من يرتكبون جرائم القتل، وحرصها على صيانة دماء المواطنين والمقيمين على أراضيها.
إقرأ ايضاً:"المرور" تُصدر 6 إرشادات هامة للقيادة الآمنة وسط موجات الغبار وتحذر من تجاهلهاشؤون المسجد الحرام توضح: لا تستخدموا العربات دون حجز ولا لمن لا يستحق
وتعود تفاصيل القضية إلى خلاف نشب بين الجاني علي القرني والمجني عليه علي بن عبدالكريم بن حمد السهيمي، وكلاهما من المواطنين السعوديين، حيث تطور الخلاف إلى جريمة عنف مروعة أقدم خلالها الجاني على ضرب الضحية بعصا غليظة، موجّهًا له ضربات عنيفة على رأسه وأجزاء متفرقة من جسده، مما تسبب في وفاته متأثرًا بإصاباته البليغة.
وقد باشرت الجهات الأمنية فور تلقيها البلاغ الإجراءات اللازمة، وتمكنت من القبض على الجاني في وقت قياسي، وتمت إحالته إلى النيابة العامة التي تولت استكمال التحقيقات، وأسفرت عن توجيه الاتهام إليه بارتكاب جريمة القتل العمد.
وبعد استكمال التحقيقات، أُحيلت القضية إلى المحكمة المختصة، حيث جرى نظرها وفق الأصول القضائية، واستندت المحكمة إلى الأدلة القاطعة وشهادات الشهود وتقرير الطب الشرعي الذي أكد أن الوفاة نجمت عن ضربات مباشرة تسببت في نزيف دماغي وكسور متعددة، لتصدر حكمها بثبوت الجناية على الجاني، والحكم عليه بالقتل قصاصًا.
وقد تم تأييد الحكم من محكمة الاستئناف، ثم المصادقة عليه من المحكمة العليا، ليصبح الحكم نهائيًا واجب النفاذ، بعد أن استوفى كافة مراحل التقاضي وضمانات المحاكمة العادلة، بما فيها حق الجاني في الدفاع عن نفسه وتوكيل محام.
ويحمل تنفيذ حكم القصاص في هذه القضية دلالات قانونية واجتماعية عميقة، إذ يعكس التزام النظام القضائي السعودي بتطبيق نصوص الشريعة الإسلامية في جرائم القتل، وإعمال مبدأ القصاص الذي يقوم على العدل والإنصاف، ويحقق الردع العام والخاص، ويمنع تكرار مثل هذه الجرائم، ويحافظ على الأمن والاستقرار في المجتمع.
كما يعزز ثقة المواطنين في عدالة النظام القضائي، ويؤكد أن لا أحد فوق القانون، وأن كل من يتعدى على الأرواح سيواجه مصيرًا يوازي جريمته، وقد جاء في البيان القرآني (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)، وهو ما تسعى المملكة إلى تحقيقه على أرض الواقع.
وفي السياق ذاته، أكدت وزارة الداخلية في بيانها أن حكومة المملكة العربية السعودية تضع أمن المواطن والمقيم على رأس أولوياتها، وتعمل بلا تهاون على تنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية في كل من تسول له نفسه الإقدام على الجريمة، مؤكدة أن العقاب الشرعي سيكون هو المصير الحتمي لكل من يعبث بأمن المجتمع ويعتدي على أرواح الناس وممتلكاتهم.
كما حذّرت من مغبة الانسياق وراء دوافع الغضب والعنف في حل الخلافات، مشيرة إلى أن القانون هو الفيصل في جميع النزاعات، وأن اللجوء إلى العنف لا يولد إلا المآسي والدمار.
وقد أثار تنفيذ الحكم ردود فعل واسعة في الأوساط الاجتماعية، حيث عبر العديد من المواطنين عن ارتياحهم لسرعة الإجراءات وعدالة الحكم، معتبرين أن تنفيذ القصاص يمثل انتصارًا لروح الضحية، ورسالة رادعة لكل من تسول له نفسه الإضرار بغيره.
كما أشادوا بالدور الذي قامت به الجهات الأمنية والقضائية في التعامل مع القضية باحترافية عالية، وبما يعزز هيبة القانون ويحقق العدالة الناجزة، ويأتي هذا الحكم في سياق عدد من الأحكام المماثلة التي نفذتها المملكة خلال السنوات الماضية، في إطار سياستها الحازمة في مكافحة الجريمة، والحفاظ على أمن المجتمع وسلامته.
ومع أن القصاص يعد من أشد العقوبات، إلا أنه في المفهوم الشرعي لا يُطبّق إلا بعد توافر شروط صارمة، تشمل ثبوت الجريمة ثبوتًا قاطعًا، وغياب أي موانع شرعية، مع إتاحة الفرصة الكاملة للدفاع، واستنفاد جميع مراحل التقاضي.
وهو ما يجعل من تطبيقه تعبيرًا عن أقصى درجات العدالة، لا الانتقام، ووسيلة لحماية الأرواح، لا لإزهاقها، ويجدر بالذكر أن ذوي الضحية في مثل هذه القضايا يملكون الحق في العفو أو طلب الدية، غير أن تنفيذ الحكم في هذه القضية جاء بعد أن رُفض خيار العفو وتمسكت أسرة الضحية بحقها في القصاص.
وفي ظل ما يشهده العالم من جدل حول مفهوم العدالة الجنائية وسبل تحقيق الردع، تواصل المملكة العربية السعودية ترسيخ نموذجها الخاص المستند إلى الشريعة الإسلامية، والذي يوازن بين الرحمة والعدل، ويضع حماية الإنسان على رأس أولوياته.
وقد شددت وزارة الداخلية في ختام بيانها على ضرورة تحكيم العقل وضبط النفس والاحتكام للقانون في كافة الخلافات، مؤكدة أن العدالة ستطال كل من يتجرأ على تهديد الأرواح أو الإخلال بالنظام العام.