في موسم الحج 1446 هـ: رئاسة الحرمين تطلق أضخم مشروع قرآني عالمي

في خطوة غير مسبوقة تعكس عناية المملكة العربية السعودية برسالة القرآن الكريم، أطلقت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي اليوم مشروعًا قرآنيًا عالميًا هو الأضخم من نوعه، في رحاب المسجد النبوي الشريف، متزامنًا مع موسم حج 1446 هـ، ليجسد رؤية المملكة في نشر الهداية الربانية للعالم، وتحقيق الريادة العلمية والروحانية عبر حلقات التلاوة والتجويد والمنصات الذكية.
والمشروع الجديد الذي يحمل طابعًا إثرائيًا، يهدف إلى تمتين الصلة بين المسلمين وكتاب الله، عبر منهجية علمية مؤصلة تجمع بين التلاوة، والتدبر، والإتقان، والتقنية الحديثة، ليكون منارة علمية وإيمانية تشع من مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى كافة أنحاء المعمورة.
إقرأ ايضاً:لا تغادر قبل أن تتأكد: السفارة السعودية تحذر بشأن تأشيرة أرمينيا"الأرصاد" تنبه: أتربة ورياح نشطة وانعدام الرؤية في عدة مناطق بالمملكة
وخلال لقاء جمع معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، رئيس الشؤون الدينية بالحرمين الشريفين، بفضيلة الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم، إمام وخطيب المسجد النبوي والمشرف العام على حلقات القرآن والمتون العلمية، أكد السديس أن هذا المشروع يأتي استجابة لقوله تعالى: ﴿إِنَّ هذَا القُرآنَ يَهدي لِلَّتي هِيَ أَقوَمُ﴾، وترجمة عملية لرؤية المملكة 2030 في خدمة الإسلام، وترسيخ القيم الوسطية في نفوس المسلمين.
وأضاف السديس أن البرنامج سيُعزز من دور الحرمين الشريفين كمركز إشعاع علمي وروحي، حيث يتم من خلاله ترسيخ هدايات القرآن بأسلوب علمي رصين، عبر نخبة من المتخصصين، ومحتوى معتمد، يواكب احتياجات العصر ويستند على مرجعية دينية موثوقة.
وقد نوه السديس خلال كلمته بالجهود المتميزة التي يبذلها الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم، الذي يُشرف إشرافًا مباشرًا على حلقات القرآن والمتون العلمية بالمسجد النبوي، مثمنًا دوره في تعزيز المنهجية التعليمية في حلقات التلاوة والتفسير، وما تمخض عن جهوده من رفع لمستوى الأداء وتجويد الحفظ لدى الطلاب والدارسين من مختلف دول العالم.
وأشاد السديس بما وصفه بالروح التنافسية الشريفة التي تولّدت في أوساط الحلقات، والتي انعكست على مستوى حفظ القرآن والمتون، مؤكدًا أن هذه الجهود تُشكّل ركيزة في مشروع عالمي يسعى لإعداد جيل قرآني مؤصل علميًا، ومتقن تلاوةً وتدبرًا.
ويُعد المشروع الجديد خطوة مفصلية في دمج التقنية بالعلوم الشرعية، إذ كشف السديس عن قرب إطلاق منصة رقمية عالمية إثرائية، تُعد الأولى من نوعها، تُوفر بيئة تعليمية تفاعلية تضم مسارات متكاملة لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتلاوته، بإشراف نخبة من المعلمين المتخصصين.
وستُدار المنصة وفق نظام إداري محوكم، يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لمتابعة الأداء وتقديم تحليلات دقيقة عن تقدم الطلاب، كما تتيح المنصة شهادات وإجازات علمية موثقة، في تجربة تُعد نقلة نوعية في تعليم القرآن الكريم عالميًا، وتفتح المجال أمام الطلاب من مختلف الجنسيات والانتماءات للاستفادة من هذا المورد الغني، بأسلوب يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
ومن جانبه، عبّر فضيلة الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم عن شكره لمعالي رئيس الشؤون الدينية على هذه المبادرة المباركة، التي تأتي في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى مشاريع قرآنية شمولية تعزز من مفاهيم الوسطية والاعتدال وتعيد ربط الإنسان المسلم بكلام ربه.
وأكد القاسم أن المشروع سيُرسّخ من مكانة المسجد النبوي كمركز لتعليم القرآن والسنة، ويُعزز من دور العلماء والمشايخ في تقديم العلم الشرعي بصيغ متجددة تصل إلى مختلف شرائح المجتمع، مشيرًا إلى أن المشروع يراعي التنوع اللغوي والثقافي للمستفيدين، ويوفر بيئة تعليمية تُناسب الجميع، سواء الحاضرين ميدانيًا أو المتصلين رقميًا.
ويمثل المشروع القرآني العالمي بالمسجد النبوي تجسيدًا ملموسًا لرسالة المملكة في خدمة الحرمين الشريفين وتعزيز رسالتهما الروحية والعلمية، حيث تسعى وكالة المسجد النبوي إلى إطلاق المشروع ضمن نظام مؤسسي يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030، من خلال توظيف التقنية الحديثة، وتعزيز الشراكات العلمية، ونشر محتوى قرآني موثوق يلبّي احتياجات المسلمين حول العالم، ويؤمل أن يُسهم المشروع في تخريج أجيال قرآنية متقنة، ومتصلة بالهدي النبوي، وقادرة على حمل رسالة القرآن إلى العالم بلغات متعددة، في وقت يشهد فيه العالم تحديات فكرية وثقافية تزداد تعقيدًا.
وفي ظل هذه الخطوة المباركة، تؤكد رئاسة الحرمين على مواصلة جهودها في تطوير البرامج والمشاريع التي تخدم القرآن الكريم وعلومه، معززة مكانة المملكة الريادية في هذا المجال، وحرصها المستمر على تقديم كل ما من شأنه أن يُعزز الارتباط الروحي والعلمي بالقرآن الكريم.
وتطمح الرئاسة من خلال هذا المشروع إلى إيصال نور القرآن وهداياته إلى أكبر عدد ممكن من المسلمين في شتى بقاع الأرض، عبر حلقات منتظمة، ومنصة ذكية، ومحتوى علمي متين، يعكس ما تتمتع به المملكة من قدرات علمية وتكنولوجية ورؤية حضارية تسعى لبناء الإنسان على نهج الكتاب والسنة.