ابتكار طلابي سعودي يغيّر قواعد السلامة على الطرق السريعة

ابتكار طلابي سعودي يغيّر قواعد السلامة على الطرق السريعة.
كتب بواسطة: محمد حازم | نشر في  twitter

في خطوة تعكس إبداع العقول السعودية الشابة، نجح طالبان من جامعة الملك عبدالعزيز في تطوير نظام ذكي لرصد مخالفات "المسار الطارئ" على الطرق السريعة، وهو الابتكار الذي قد يمثل نقلة نوعية في جهود السلامة المرورية وتحسين سرعة الاستجابة للحالات الطارئة.

وأوضح الطالب أنس الحربي أن فكرة المشروع لم تكن وليدة المصادفة أو جزءًا من واجب أكاديمي تقليدي، بل جاءت استجابة واقعية لمشكلة متكررة لطالما لاحظها خلال تنقلاته، وهي استغلال بعض السائقين للمسارات المخصصة للطوارئ، مما يعيق وصول مركبات الإسعاف والدفاع المدني في الوقت المناسب.


إقرأ ايضاً:احمِ نفسك وعائلتك من الإشعاع النووي.. خطوات بسيطة تنقذ حياتك3 عوامل رئيسية تتحكم في تكلفة بناء المنازل بحسب خبير تمويل عقاري

وبحسب الحربي، فقد اعتمد النظام المطوّر على تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة، مثل YOLO وOpenCV، وهي تقنيات تُستخدم عادة في الرؤية الحاسوبية ورصد الأجسام المتحركة، وتم تطبيقها هنا عبر جهاز Raspberry Pi، لتوفير حل منخفض التكلفة وسهل التطبيق في الطرق السريعة.

وقد استغرق تنفيذ المشروع نحو ثلاثة أشهر من العمل المتواصل، حيث تم تدريب النموذج على صور متنوعة تراعي اختلاف الإضاءة، وأحجام المركبات، وطبيعة المشهد في أوقات مختلفة من اليوم، بهدف تحقيق أعلى مستوى من الدقة في الرصد الفوري للمخالفات داخل الفيديو.

وشارك في الإشراف على المشروع نخبة من الأكاديميين المتخصصين في قسم الجيوماتكس بكلية العمارة والتخطيط، وهم الدكتور كامل فيصل، والدكتور عبدالله العطاس، والدكتور مهند أبو هاشم، والدكتور محمود الخفش، حيث قدّموا الدعم الفني والتقني اللازم، وأسهموا في توجيه الفريق نحو حلول عملية وقابلة للتنفيذ.

وأشار الطالب محمد المروعي، أحد مطوري المشروع، إلى أن التحديات التي واجهتهم لم تكن سهلة، خاصة فيما يتعلق باختلاف ظروف الإضاءة بين الليل والنهار، وسرعة مرور المركبات، ما تطلب تعديلات دقيقة على النموذج لضمان دقة الكشف في جميع الحالات.

واختبر الفريق النموذج على مقطع فيديو مصور من طريق سريع فعلي، وبلغت نسبة دقة الكشف عن المركبات المخالفة للمسار الطارئ نحو 90%، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بإمكانات المشروع، مع تأكيدهم على إمكانية تطوير النظام أكثر عند استخدامه على أرض الواقع.

وأكد الطالبان أن من الضروري دعم المشروع على المستويين الفني والمؤسساتي، عبر الاستعانة بكاميرات ذكية توضع في مواقع استراتيجية، إلى جانب بناء بيئة سحابية لمعالجة البيانات بسرعة وكفاءة، ما يتيح استخدام النظام في نطاق أوسع وبفعالية أعلى.

كما شددا على أهمية التعاون مع الجهات المعنية، مثل الإدارة العامة للمرور والدفاع المدني، وذلك لضمان التطبيق العملي للنظام، وتكامل البيانات الميدانية مع العمليات التقنية التي يوفرها النظام، بما يعزز فرص نجاح المشروع على المدى البعيد.

ويرى المراقبون أن هذا الابتكار يأتي في توقيت مهم، حيث تشهد المملكة خطوات متسارعة في مسارات التحول الرقمي، ويصب المشروع بشكل مباشر في مستهدفات رؤية السعودية 2030، لاسيما فيما يتعلق بتطوير المدن الذكية، وتحسين جودة الحياة، وخفض نسب الحوادث المرورية.

ويحظى موضوع السلامة المرورية باهتمام كبير في السياسات الحكومية السعودية، حيث تسعى الجهات المعنية إلى تقليص نسبة الوفيات والإصابات الناتجة عن الحوادث، من خلال تحديث أنظمة المراقبة، وتطبيق العقوبات، ورفع وعي السائقين بأهمية احترام المسارات المخصصة للطوارئ.

ويمثل النظام الجديد نموذجًا حقيقيًا لما يمكن أن تحققه الكفاءات الوطنية من إنجازات في مجالات التقنية والذكاء الاصطناعي، ويبرهن على قدرة الشباب السعودي على ابتكار حلول تقنية قابلة للتطبيق، بعيدًا عن النظريات والتجارب المحدودة.

ومن الملاحظ أن المشروع يحمل أبعادًا تعليمية وتطبيقية معًا، إذ لا يقتصر على الجانب الأكاديمي، بل يقدم حلًا عمليًا لمشكلة تمس حياة الناس اليومية، ما يعكس نجاح برامج التعليم الجامعي في توجيه الطلاب نحو مشاريع ذات قيمة مجتمعية مباشرة.

وفي ظل ازدياد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تنظيم المدن ومراقبة حركة المرور، فإن هذا المشروع يعزز من فرص اعتماد أنظمة محلية الصنع في عمليات الضبط الإلكتروني، دون الحاجة إلى استيراد أنظمة مكلفة أو غير مناسبة لطبيعة الطرق في المملكة.

ويرى المتخصصون أن دمج مثل هذه الحلول الذكية في البنية التحتية للطرق السعودية، يمكن أن يحدّ من المخالفات، ويسهم في تسريع وصول فرق الطوارئ، ما قد ينعكس بشكل مباشر على تقليص زمن الاستجابة وإنقاذ الأرواح.

ويأمل مطورو المشروع أن يجد النظام دعمًا من الهيئات الحكومية، وأن يتم اختباره في مواقع حقيقية، تمهيدًا لاعتماده ضمن الأنظمة الرسمية، خاصة في المدن الكبرى حيث تتكرر مثل هذه المخالفات بشكل يومي.

ويؤكد الطالبان أن هدفهما لا يقتصر على نيل درجات التخرج أو التميز الأكاديمي، بل يسعيان لرؤية مشروعهما حيّز التنفيذ، وأن يسهم ابتكارهما في حماية الأرواح، وتحقيق بيئة مرورية أكثر انضباطًا وسلامة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook