ما وراء الكواليس.. كيف نظمت السعودية مغادرة حجاج إيران؟

في خطوة إنسانية وتنظيمية متقدمة، أنشأت المملكة العربية السعودية غرفة عمليات خاصة عبر وزارة الحج والعمرة لمتابعة أوضاع الحجاج الإيرانيين الذين يقدر عددهم بنحو 76 ألف حاج، في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، تهدف هذه الغرفة إلى ضمان تقديم الرعاية والخدمة لهم على مدار الساعة، مع الالتزام الكامل بأعلى معايير الجودة حتى موعد مغادرتهم، بما يعكس اهتمام المملكة بكل تفاصيل رحلة ضيوف الرحمن.
وجاء هذا القرار تنفيذاً مباشراً لتوجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بعد عرض قدمه ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، بشأن تسهيل كافة احتياجات الحجاج الإيرانيين، وضمان عودتهم إلى وطنهم بأمان، في ظل التصعيد الأمني الطارئ الذي تشهده إيران، والذي خلّف ضحايا واستهدف منشآت حيوية من بينها بنى تحتية نووية.
إقرأ ايضاً:صفقة تهز عالم الطيران! "طيران الرياض" تطلق "وحوش السماء" الجديدة وتصل بأسطولها إلى 182 طائرة!إصابة مفاجئة تربك الهلال قبل مواجهة ريال مدريد في مونديال الأندية
وقد شملت التحركات السعودية الفورية مراجعة شاملة ودقيقة لمستوى الخدمات المقدمة للحجاج الإيرانيين من قبل فرق وزارة الحج والعمرة، حيث تم التأكيد على استمرار العناية والرعاية طيلة فترة إقامتهم داخل المملكة، وذلك من خلال تقييم الخدمات الفندقية، والرعاية الصحية، والنقل، والدعم اللوجستي لضمان استقرار أوضاعهم في ظل هذه الظروف الاستثنائية.
وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الحج والعمرة أنها نسّقت مع الجهات ذات العلاقة لوضع خطة مغادرة متكاملة للحجاج الإيرانيين، تمت صياغتها بناء على طلب الجانب الإيراني المسؤول عن شؤون الحجاج، لضمان تنظيم مغادرتهم بشكل انسيابي ودون أي تعقيدات.
وتنص الخطة على أن يغادر الحجاج الإيرانيون في رحلات داخلية منتظمة من مطاري الملك عبدالعزيز في جدة ومطار الأمير محمد بن عبدالعزيز في المدينة المنورة إلى مطار عرعر، حيث يتم تجميعهم ومن ثم نقلهم براً عبر منفذ جديدة عرعر الحدودي، لاستكمال رحلتهم باتجاه إيران برا، في ظل توقف عدد من الرحلات الجوية بسبب التوترات القائمة.
وقد بدأت الجهات المختصة بالفعل في تنفيذ هذه الخطة اعتبارًا من يوم الجمعة، حيث تم نقل أولى الدفعات وفق الجدول الزمني المعد مسبقًا، مع الإبقاء على فرق الدعم التابعة لوزارة الحج والعمرة مرافقة ومتابعة لكافة تفاصيل المغادرة، وذلك في إطار النهج الشامل الذي تتبعه المملكة لضمان كرامة وسلامة كل حاج على أراضيها.
وأكدت السعودية، من خلال هذه الإجراءات، على ثبات مواقفها تجاه خدمة ضيوف الرحمن دون تمييز، واضعة في الاعتبار الأولوية القصوى لأمن الحجاج وسلامتهم، وملتزمة في الوقت ذاته بالجانب الإنساني، خاصة في ظل المستجدات الإقليمية التي قد تؤثر على قدرة بعض الحجاج على العودة في الظروف الاعتيادية.
وتأتي هذه التحركات السعودية في لحظة بالغة الحساسية، حيث يشهد الإقليم اضطرابات متسارعة، مما يجعل التنسيق الدولي والتعاون الإنساني ضرورة لا غنى عنها، وهو ما جسّدته المملكة في تعاملها مع الملف الإيراني من منظور يتجاوز السياسات، إلى روح الضيافة والواجب الديني والإنساني.