هل تتأثر رواتب الموظفين بنظام التأمينات الجديد؟ .. الشمري يكشف التفاصيل

في خطوة تستهدف تحصين مستقبل منظومة التقاعد وضمان ديمومتها المالية، أكد مستشار الموارد البشرية، أسامة الشمري، أن نظام التأمينات الاجتماعية الجديد يشكل تطورًا نوعيًا في أدوات الحماية التأمينية بالمملكة، مشددًا على أنه يشكل صمام أمان حيويًا لحفظ حقوق الموظفين في مختلف الحالات، سواء عند التقاعد أو العجز أو الوفاة أثناء فترة العمل.
وأوضح الشمري، خلال حديثه في أحد البرامج على قناة "روتانا خليجية"، أن التعديلات الأخيرة التي تم اعتمادها ضمن النظام الجديد للتأمينات، والتي دخلت حيّز التنفيذ العام الماضي، تأتي في إطار السعي لتحقيق الاستدامة المالية للصناديق التقاعدية وضمان قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المستقبلية تجاه المستفيدين.
إقرأ ايضاً:الأهلي السعودي يعلن برنامجه الإعدادي للموسم الجديد 2025-2026 بثلاث مراحل "الدفاع المدني" يُسيطر على حريق واسع في الدمام يُثير القلق
ويُعد النظام الجديد تتويجًا لجهود تطوير شاملة للقطاع التأميني في المملكة، حيث تم تصميمه بما يتوافق مع المعايير العالمية، مع مراعاة خصوصية سوق العمل السعودي، ومتطلبات المرحلة القادمة ضمن رؤية المملكة 2030 التي تركز على استقرار القطاعين العام والخاص.
وتضم التعديلات أبرز البنود التي تشمل رفع نسبة الاشتراك التأميني بشكل تدريجي على الموظف وصاحب العمل على حد سواء، وهو ما يمثل توجهًا استراتيجيًا لتعزيز ملاءة صناديق التقاعد وضمان استدامتها دون تحميل الموظف أو صاحب العمل أعباء مفاجئة.
وأشار الشمري إلى أن النظام يُطبَّق على مراحل مدروسة، إذ تُستثنى السنة الأولى من التطبيق من أي تعديلات على نسب الاستقطاع، بينما يبدأ رفع النسبة تدريجيًا ابتداءً من السنة الثانية، بمعدل 0.5% لكل طرف، تضاف إلى النسبة الأساسية البالغة 9%، مما يعني أن إجمالي الاستقطاع سيرتفع إلى 9.5% لكل من الموظف وصاحب العمل.
ولا يقتصر الأمر على نسب الاشتراك الأساسية، بل يتضمن كذلك استقطاعًا إضافيًا قدره 2% يتحمله صاحب العمل لتغطية مخاطر المهنة، وهو ما يعكس التزام النظام بحماية الموظفين العاملين في بيئات تتسم بطبيعة مهنية خطرة أو ذات احتمالات إصابة أعلى.
وبالإضافة إلى ذلك، يستمر تطبيق نظام "ساند" الذي يقتطع 0.75% من دخل الموظف شهريًا، ليغطي حالات التعطل المؤقت عن العمل، مما يُعزز من شمولية منظومة الحماية الاجتماعية للعاملين في المملكة، ويمنحهم مستوى من الأمان الاقتصادي في ظروف فقدان الوظيفة أو الانتقال المهني.
ولفت الشمري إلى أن هذه التعديلات جاءت بعد دراسات اكتوارية معمّقة أخذت في الاعتبار التغيرات الديموغرافية والاقتصادية، وتهدف إلى خلق توازن بين الموارد والالتزامات، دون أن تُحدث أثرًا ماليًا مباشرًا على الموظف أو صاحب العمل في المدى القريب.
وأشار إلى أن الاستقطاعات الحالية والمقترحة تأخذ بعين الاعتبار القدرة الشرائية للمواطن، وتوازن بين حاجة الصناديق لمصادر تمويل إضافية، والحرص على ألا تتحول هذه الزيادات إلى عبء على المستفيدين أو أرباب العمل.
ويعتبر كثير من المختصين أن النظام الجديد يُمثل نقلة نوعية في إدارة المخاطر الاجتماعية المرتبطة بالعمل، كونه يوسع قاعدة المشاركين، ويعزز من مرونة النظام لمواكبة التحولات في سوق العمل السعودي الذي يشهد حراكًا متسارعًا نحو التوطين والتنوع الوظيفي.
ولا يغفل النظام الجديد الجانب التوعوي، إذ بدأت الجهات المختصة بتنفيذ حملات إعلامية لتعريف الموظفين وأصحاب الأعمال بالتعديلات وآليات التطبيق، بما يضمن فهمًا واضحًا للمستجدات ويُقلل من حالات اللبس أو القلق لدى المشتركين.
ويأتي هذا التحديث كجزء من سلسلة إصلاحات تستهدف تطوير بيئة العمل، ودعم جودة الحياة، واستقرار الموظف، الأمر الذي ينعكس بدوره على أداء المؤسسات واستدامة النمو الاقتصادي.
وتُعَدّ الاستدامة المالية لصناديق التقاعد هدفًا استراتيجيًا للدولة، في ظل تزايد الأعمار، وتحولات سوق العمل، وارتفاع كلفة الالتزامات التقاعدية، وهو ما تطلب تعديلًا في النموذج المالي التقليدي المعتمد على مساهمات ثابتة دون مرونة أو مراجعة دورية.
ويرى مراقبون أن نجاح النظام الجديد في تحقيق أهدافه يعتمد على تعاون جميع الأطراف المعنية، من جهات تنظيمية، ومؤسسات عمل، وموظفين، من خلال الالتزام بالتطبيق، والمشاركة الفاعلة في منظومة الحماية الاجتماعية.
ويحمل النظام في طيّاته إشارة واضحة إلى أهمية التحول من نمط الاعتماد على الدعم الحكومي إلى نموذج يقوم على التشاركية والتمويل الذاتي، بما يعكس نضج النظام المالي والاجتماعي في المملكة.
كما يعزز هذا النظام مكانة المملكة في مؤشرات الحماية الاجتماعية إقليميًا ودوليًا، ويُسهم في تحسين تصنيفاتها في تقارير الاستدامة والتنافسية العالمية، كونه يقدم نموذجًا إصلاحيًا رصينًا يمكن الاحتذاء به.
وفي ختام حديثه، شدد الشمري على أن النظام لا يزال في مراحله الأولى، وأن التجربة ستخضع للتقييم والمراجعة بشكل مستمر، لضمان أن تحقق التعديلات أهدافها دون الإخلال بمصالح المستفيدين أو أصحاب الأعمال.