كيف يقع مستخدمو آيفون في فخ روابط وهمية تشبه المواقع الحكومية؟

في تصعيد مقلق لأساليب الاحتيال الرقمي، تشهد الولايات المتحدة موجة جديدة من الرسائل النصية الخبيثة التي تستهدف مستخدمي هواتف آيفون، متخفية خلف ستار الجهات الرسمية مثل "إدارة المركبات"، هذه الرسائل، التي تبدو للوهلة الأولى ذات طابع رسمي، تحذر المستخدمين من مخالفات مرورية مزعومة وتدعوهم إلى تسوية الغرامات فورًا، مهددة بتعليق رخص القيادة إذا لم يتم الدفع، إلا أن الواقع يحمل فخًا محكمًا صُمم بعناية لاستدراج الضحايا إلى مصيدة احتيال رقمية متقنة.
الرسائل المذكورة تأتي مصحوبة برابط مزيف صيغ بطريقة تحاكي المواقع الحكومية الرسمية بدقة كبيرة، ما يجعل من السهل أن يقع المستخدم في فخها، ويُطلب من المتلقي الرد على الرسالة بحرف "Y"، في خطوة تبدو بريئة، لكنها تحمل خلفها نية خبيثة؛ إذ إن هذا الرد يُعطي المرسل صفة "المصدر الموثوق" على الجهاز، ما يسمح بتفعيل الرابط والنفاذ إلى مزيد من المعلومات الشخصية والحساسة، تقرير لموقع "PhoneArena" أشار إلى أن هذا النوع من التفاعل يُفعّل تلقائيًا مصيدة الاحتيال التي كانت في انتظار الضحية.
إقرأ ايضاً:الأرصاد: طقس شديد الحرارة ورياح مثيرة للغبار تضرب عدة مناطقرينارد يُعلن قائمة المنتخب السعودي المشاركة في الكأس الذهبية 2025 وسط غياب نجوم الهلال
ما يزيد من خطورة هذا المخطط هو انتشاره في ولايات متعددة مثل تينيسي وتكساس وفيرجينيا وبنسلفانيا، مع تعديلات طفيفة في نص الرسالة أو الجهة المزعومة، مما يعكس تطور هذه العصابات في التكيف مع بيئات مختلفة وكسب ثقة المستخدمين، ولعل أبرز الأمثلة على الروابط الوهمية المستخدمة هو الرابط "tn،gov-hjpp،life/pay"، الذي قد يخدع الكثيرين بتركيبته المشابهة لمواقع حكومية رسمية، بينما هو في الحقيقة مجرد واجهة زائفة مصممة لسرقة بيانات الدفع.
اللافت أن هذه الرسائل تصدر غالبًا من أرقام أجنبية، خاصة تلك التي تبدأ بالمفتاح الدولي +63، وهو رمز دولة الفلبين، وهذا ما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (FBI) إلى التحرك، بعد تلقيه أكثر من ألفي شكوى خلال شهر واحد فقط بشأن رسائل احتيالية متعلقة برسوم مرور غير مدفوعة، هذا العدد الكبير من البلاغات يعكس مدى انتشار وتوسّع هذه الحيلة الخبيثة، والتي باتت تهدد شريحة واسعة من المستخدمين في أنحاء مختلفة من البلاد.
الأسلوب الذي تتبعه هذه الرسائل يعتمد على "القلق المفاجئ"، حيث يُشعِر المستخدم بأنه على وشك مواجهة عواقب قانونية خطيرة، فيُدفَع بشكل غريزي للتفاعل والضغط على الرابط المرفق، خاصة عندما تكون الغرامة المطلوبة بسيطة نسبيًا، ما يوحي بأنها مسألة روتينية يمكن حلها بسرعة دون تفكير، إلا أن هذا "الدفع البسيط" ما هو إلا بوابة تُمكّن المحتالين من سرقة معلومات البطاقة الائتمانية وربما اختراق الحسابات البنكية.
وقد طورت العصابات المسؤولة عن هذا النوع من الاحتيال أدواتها بما يسمح لها بتجاوز أنظمة الحماية الصارمة التي تشتهر بها أجهزة أبل، فعوضًا عن إرسال رابط نشط يمكن لجهاز آيفون حظره أو تحذير المستخدم بشأنه، تعتمد الحيلة على إجبار المستخدم نفسه على تفعيل الرابط عن طريق الرد على الرسالة، وبهذا، يتم تجاوز ميزة "الحماية التلقائية" التي تمنع الروابط المشبوهة من العمل، مما يجعل الهاتف عرضة للهجوم من الداخل.
هذه الظاهرة تؤكد أن مجرمي الإنترنت باتوا أكثر ذكاءً من أي وقت مضى، معتمدين على أساليب نفسية واجتماعية قبل أن تكون تقنية، الرسائل لا تخترق الجهاز، بل تخترق تفكير المستخدم، مستغلة لحظة ارتباك أو خوف، لذلك، فإن الحماية لا تكمن فقط في الأدوات الأمنية والتطبيقات، بل في وعي المستخدم نفسه وقدرته على التمييز بين الحقيقي والمزيف.
في خضم هذا المشهد الرقمي المتقلب، تبقى أفضل وسيلة دفاع هي الحذر واليقظة، لا يجب فتح أي رابط وارد في رسالة غير متوقعة، ولا الرد حتى بحرف واحد على محتوى يبدو مريبًا، على العكس، ينبغي حذف الرسالة فورًا، والإبلاغ عنها من خلال خاصية "الإبلاغ عن الرسائل غير المرغوب فيها" المتوفرة في تطبيقات الرسائل الحديثة، فالهيئات الحكومية الحقيقية لا تطلب تسويات مالية عبر الرسائل النصية، ولا تُهدد بإجراءات قانونية بهذه الطريقة الفجّة، قليل من التأني والتفكير قد يحول دون خسائر جسيمة، مادية ومعنوية.