"بصير": العين التي لا تنام لحماية الحجاج وتنظيم الحشود في قلب الحرمين

كتب بواسطة: محمد حازم | نشر في  twitter

في موسم الحج، حين تتجه أنظار العالم الإسلامي إلى الحرمين الشريفين، وتتوحد القلوب والألسن في مشهد إيماني مهيب، تقف التكنولوجيا الحديثة على خط المواجهة لتكون حاضرة بخدماتها الذكية، و"بصير" نموذجٌ حي لذلك، فمنصة "بصير"، التي أطلقتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) بالتعاون مع وزارة الداخلية، لم تعد مجرد نظام رقمي، بل باتت "عينًا لا تنام"، تسهر على سلامة وأمن ضيوف الرحمن، وتعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والتقنية في أقدس بقاع الأرض.

وأُنشئت "بصير" لتكون أكثر من مجرد أداة تقنية، فهي تمثل مزيجًا متقنًا من الذكاء الاصطناعي والرؤية الحاسوبية المتقدمة، تسندها قاعدة بيانات ضخمة، وتعمل في الزمن الحقيقي لرصد وتحليل تحركات الحشود داخل الحرمين الشريفين، لتوفر معلومات دقيقة تساعد الجهات المختصة على اتخاذ قرارات سريعة وفعالة.


إقرأ ايضاً:جريمة مروعة تهز الظهران: تفاصيل جديدة في جريمة قتل الأستاذ الجامعي في الظهرانبوما تُكشف عن قميص الهلال الرسمي لكأس العالم للأندية 2025

وبحسب ما أُعلن مؤخرًا، نجحت المنصة في الحد من حالات الفقد والتوهان، إذ مكّنت الفرق الميدانية من رصد أماكن المفقودين، كبارًا وصغارًا، وإبلاغ ذويهم خلال وقت وجيز، وهو ما ساعد في استعادة الطمأنينة لقلوب الحجاج، وعزّز من جودة تجربة الزائرين في موسم الحج.

وتمتاز منصة "بصير" بخوارزميات ذكية قادرة على تحليل الصور والفيديوهات المباشرة، وتتبع حركة الأفراد داخل الحرم والمشاعر المقدسة، هذه القدرة التقنية أتاحت للمنصة القيام بدور محوري في تنظيم حركة الحشود، خصوصًا خلال أوقات الذروة، وتخفيف حدة الازدحام في الممرات والساحات.

وقد أسهمت "بصير" بشكل كبير في تحسين انسيابية الحركة، ما وفّر أجواءً روحانية أكثر هدوءًا وخشوعًا للمصلين والحجاج، وأبعد عنهم شبح التزاحم والتدافع، ورفع من كفاءة الإجراءات الأمنية والوقائية.

وتعتمد المنصة على تقنيات الرؤية الحاسوبية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور، والكشف التلقائي عن التجمعات، وتحديد مناطق الكثافة المرتفعة داخل الحرمين، وبناءً على تلك البيانات، يمكن للجهات الأمنية والإدارية التدخل الفوري لتوجيه الحشود، أو تخصيص موارد إضافية في نقاط محددة.

كما تتيح المنصة مراقبة الحالة العامة للحشود لحظة بلحظة، واستباق وقوع المشكلات أو الحوادث، عبر إنذارات ذكية تُفعّل فورًا عند ملاحظة أي خلل في حركة السير أو مؤشرات ازدحام غير طبيعية.

ولا تقتصر وظيفة "بصير" على الرصد فقط، بل تشمل تمكين متخذي القرار من الوصول إلى معلومات فورية دقيقة، مدعومة بالخرائط الحرارية والتقارير اللحظية، وقد انعكس ذلك على تحسين القدرة التشغيلية للأجهزة المعنية بالحج، ورفع كفاءتها في الاستجابة للحالات الطارئة.

وتمكنت فرق إدارة الحشود بفضل هذه المعلومات من توزيع الجهود بشكل أكثر فاعلية، وتوجيه الخدمات بشكل مباشر إلى النقاط الحساسة، ما انعكس إيجابًا على سلامة ضيوف الرحمن وسهولة تحركهم داخل الحرمين.

منصة "بصير" لا تمثل نجاحًا تقنيًا فقط، بل تؤكد على توجه المملكة نحو تسخير التقنية في خدمة الإنسان، انطلاقًا من رؤية 2030 التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة، وتعزيز دور الذكاء الاصطناعي في مختلف قطاعات الخدمات، فالتقنية هنا ليست مجرد أدوات صامتة، بل شريك فاعل في إدارة المشهد الإيماني الذي يتكرر سنويًا بمشاركة ملايين المسلمين من أنحاء العالم.

ويجسد هذا المشروع نقلة نوعية في إدارة مواسم الحج، حيث أصبح بالإمكان رصد وتوجيه الحشود بطرق ذكية، تراعي الاعتبارات الإنسانية والدينية، وتحترم خصوصية المكان، وتنسجم مع قدسيته.

وتأتي هذه الخطوة امتدادًا لجهود المملكة العربية السعودية في تحسين منظومة الحج والعمرة، وجعلها أكثر أمنًا وتنظيمًا، وتؤكد الجهات الرسمية أن ما تم تحقيقه من خلال "بصير" يعكس التزام القيادة الرشيدة – حفظها الله – بتسخير كافة الإمكانات والخبرات في سبيل توفير رحلة حج آمنة وميسّرة لجميع الزائرين، معتمدين في ذلك على أحدث ما توصلت إليه التقنية الحديثة.

ويُتوقع أن تتوسع تطبيقات منصة "بصير" خلال الأعوام القادمة، لتشمل مزيدًا من المواقع والمواسم، سواء داخل الحرمين أو في المشاعر المقدسة، وذلك ضمن خطط المملكة الاستباقية لمواجهة التحديات المحتملة التي قد تفرضها الزيادة المستمرة في أعداد الحجاج والمعتمرين.

كما يُنتظر أن تصبح المنصة نموذجًا يحتذى به عالميًا في إدارة الحشود الكبرى باستخدام الذكاء الاصطناعي، خاصة في التجمعات الدينية والرياضية والثقافية التي تشهد كثافة بشرية عالية.

وتجسد منصة "بصير" فصلًا جديدًا من فصول التكامل بين الروح والتقنية، حيث يلتقي الذكاء الاصطناعي بالخدمة الإنسانية في مشهد قلّ نظيره، وفي وقت تتزايد فيه التحديات المرتبطة بإدارة الحشود، تقدم المملكة نموذجًا يُحتذى به في تسخير التقنية لضمان أمن وسلامة الإنسان، وخاصة في أطهر بقاع الأرض.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook