إنجاز طبي هندسي جديد في منى..مستشفى بقدرة عالمية

الخدمات الطبية
كتب بواسطة: سعيد مبارك | نشر في  twitter

في عمق المشاعر المقدسة وبين ضجيج أفواج الحجاج، يبرز مستشفى "منى الطوارئ 2" كأحد المنجزات الاستثنائية التي تروي قصة تكامل بين الرؤية والطموح والسرعة في الإنجاز ليكون نموذجًا حيًا لقدرة المملكة على تحويل التحديات إلى فرص، حيث تم الانتهاء من بنائه وتجهيزه وتشغيله في مدة قياسية لم تتجاوز ثلاثين يومًا فقط، لتقديم خدمات طبية ميدانية متقدمة لضيوف الرحمن في حج عام 1446هـ، الإنجاز، الذي نفذته وزارة الصحة بالشراكة مع شركة كِدانة للتنمية والتطوير، يعكس نهجًا سعوديًا جديدًا في إدارة البنية الصحية للمشاعر قائمًا على الحلول السريعة، الفعالة، والمستدامة.

المستشفى، الذي أُنشئ على مساحة تتجاوز 5,300 متر مربع في قلب مشعر منى، ليس مجرد مبنى طبي مؤقت، بل منشأة متكاملة صُممت وفق أعلى المعايير الطبية والهندسية ليؤدي دورًا محوريًا في شبكة الرعاية الصحية المخصصة لحجّاج بيت الله الحرام يضم المستشفى 200 سرير موزعة على أقسام متنوعة تشمل الطوارئ، التنويم، وحدات معالجة ضربات الشمس والإجهاد الحراري، إضافة إلى أقسام أشعة متقدمة، مختبرات حديثة، عيادات تخصصية، غرف عمليات صغرى، ومرافق عزل وإنعاش وهو ما يجعله مركزًا طبيًا متكاملًا قادرًا على التعامل مع جميع أنواع الحالات الحرجة خلال موسم الحج.


إقرأ ايضاً:أكثر من 107 آلاف طائف في الساعة: الحرم يسجل رقمًا قياسيًا في طواف الوداع  في زمن قياسي 6 دقائق فقط لعبور الجمرات في ذروة الحشود!

يأتي اختيار موقع المستشفى في مهبط الطوارئ بمشعر منى كقرار استراتيجي يعزز من سرعة الوصول إليه في حالات الطوارئ القصوى، حيث يرتبط المستشفى بمدخلين رئيسيين: الأول عبر طريق الملك عبدالعزيز ويتضمن جسرًا ومصاعد حديثة، والثاني من خلال نفق الملك خالد، مما يسهل عمليات النقل الطبي دون تأخير، ويُظهر مستوى الدقة والحرص على تفاصيل التنفيذ لضمان استجابة طبية فورية للحالات العاجلة.

التحديات التي واجهت المشروع لم تكن بسيطة، إذ جاء تنفيذه في توقيت بالغ الحساسية من حيث الجداول الزمنية، وضغوط التشغيل، وطبيعة البيئة الجغرافية في منى، إلا أن الروح التكاملية بين الجهات المنفذة لعبت دورًا حاسمًا في تجاوزها، التعاون مع شركتي المياه الوطنية والكهرباء السعودية، على سبيل المثال، كان حاسمًا في تسريع جاهزية البنية التحتية، من توفير مصادر الطاقة، وتدفق المياه، والربط التقني، إلى تقديم خدمات مستدامة طوال فترة التشغيل.

ومن الناحية الهندسية، اعتمد التصميم على مراعاة بيئة مشعر منى بما تتطلبه من قدرة على استيعاب الأعداد الهائلة للحجاج، خاصة في أوقات الذروة، إلى جانب استشراف حالات الطوارئ المحتملة، وقد وُضع في الحسبان عنصر التنقل داخل المنشأة وحولها، وتوزيع الخدمات الطبية بطريقة تضمن عدم حدوث اختناقات، مما يجعل "منى الطوارئ 2" ليس فقط مستشفى طارئًا بل نموذجًا للجاهزية الذكية المرنة.

ويتكامل تشغيل المستشفى مع جهود أوسع تبذلها وزارة الصحة لتوسيع نطاق التغطية الطبية ضمن المشاعر، حيث يُعد "منى الطوارئ 2" جزءًا من خطة استراتيجية تستهدف تعزيز قدرة الاستجابة العاجلة، وتوفير بيئة علاجية آمنة داخل المشاعر نفسها بدلًا من الاكتفاء بنقل الحالات إلى المستشفيات خارج النطاق الجغرافي للحج، هذه الرؤية تسهم في تقليل زمن الاستجابة، وتحقيق نتائج طبية أفضل، خاصة في الحالات الحرجة المرتبطة بضربات الشمس والإجهاد الحراري.

ويضم المستشفى أكثر من 550 ممارسًا صحيًا من أطباء وفنيين وممرضين وإداريين، يعملون ضمن منظومة طبية متناغمة على مدار الساعة، حيث تم استقبال ومعالجة عدد كبير من الحالات خلال أيام الحج ضمن أوقات قياسية، هذه الكفاءة التشغيلية لم تكن لتتحقق لولا التخطيط المسبق، وتدريب الكوادر، وتوظيف أحدث التقنيات الطبية والتشغيلية، بما في ذلك أنظمة إدارة الحالات، ومراقبة الأداء، وتحليل البيانات الصحية لحظة بلحظة.

إن "منى الطوارئ 2" لا يُمثّل مجرد منشأة صحية موسمية، بل هو تعبير ملموس عن توجه وطني استراتيجي يُجسّد رؤية المملكة 2030 في تقديم خدمات صحية نوعية، ذكية، وسريعة لضيوف الرحمن، ويعكس هذا المشروع التزام الدولة بتوفير أقصى درجات السلامة والرعاية في أكثر المواسم تعقيدًا من حيث الخدمات اللوجستية والطبية، إنه شاهد على أن المملكة لا تكتفي بإدارة الحشود بل ترتقي بمستوى الرعاية المقدمة لتصبح نموذجًا يُحتذى به عالميًا في استضافة ورعاية الزوار في مواسم كبرى.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook