عبر الحافلات ورحلات قطار الحرمين: المدينة المنورة تستعد لاستقبال طلائع الحجاج

تستعد المدينة المنورة، ابتداءً من مساء يوم غدٍ (الثاني عشر من شهر ذي الحجة)، لاستقبال طلائع الحجاج المتعجلين، القادمين من مكة المكرمة بعد أدائهم مناسك الحج، وسط استعدادات مكثفة من مختلف الجهات الحكومية والأمنية والخدمية، بإشراف مباشر من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز، أمير منطقة المدينة المنورة ورئيس لجنة الحج والزيارة بالمنطقة.
وتُعد المدينة المنورة إحدى أبرز المحطات التي يتوجه إليها الحجاج عقب إتمام شعائرهم، حيث يتوافد إليها الآلاف من الحجاج لزيارة المسجد النبوي الشريف والصلاة في الروضة الشريفة، والسلام على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما، ما يجعل من مرحلة ما بعد الحج محطة مهمة ضمن منظومة الحج الشاملة.
إقرأ ايضاً:من الشاحنات إلى الأبواب...روبوتات أمازون تدخل الخدمة"بعد رفضه الأول" الهلال يُعاود التفاوض مع هيرنانديز لإقناعه بالصفقة
وفي هذا الإطار، أعلنت وكالة الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد النبوي عن جاهزيتها الكاملة لتنفيذ الخطة التشغيلية لموسم ما بعد الحج، والتي تستهدف توفير بيئة آمنة وصحية ونظيفة لضيوف الرحمن داخل المسجد النبوي ومرافقه كافة، وتشمل هذه الخطة تهيئة كافة المداخل والمخارج، وفتح 141 باباً في قسمي الرجال والنساء لاستقبال المصلين، إضافة إلى تنظيم عمليات الدخول والخروج عبر 100 ممر موزعة بعناية في مختلف أرجاء المسجد.
ومن أبرز ملامح الجاهزية، فرش أكثر من 25 ألف سجادة في المسجد النبوي وساحاته الخارجية، وتوزيع المصاحف وتفسير معانيها بعدة لغات، لتلبية احتياجات الحجاج من مختلف الجنسيات، كما تم تخصيص نقاط لتوزيع الكراسي المتحركة، وتفعيل خدمات النقل بواسطة العربات الكهربائية لتسهيل الحركة لكبار السن وذوي الإعاقة.
وفي إطار الجهود الخدمية، تم تشغيل 194 سلماً ومصعداً كهربائياً لخدمة المصلين، وتوفير أكثر من 133 ألف وحدة إنارة في كافة أرجاء المسجد النبوي، بما يعزز الراحة البصرية والسلامة أثناء التنقل، كذلك، تمت تهيئة أنظمة التكييف لضمان توفير أجواء مريحة في ظل ارتفاع درجات الحرارة خلال موسم الحج.
كما تولي الوكالة أهمية خاصة لخدمة سقيا زمزم، حيث تم توفير أكثر من 10 آلاف حافظة مياه زمزم موزعة في أرجاء المسجد، إلى جانب نقاط شرب مياه مبردة في الساحات، تعمل على مدار الساعة لتلبية الطلب المتزايد خلال فترات الذروة.
وتُعد المظلات الموزعة في الساحات الغربية والشمالية والجنوبية من المرافق الأساسية التي تسهم في حماية الزوار من حرارة الشمس، حيث يتم فتحها خلال ساعات النهار وتفرش الساحات المحيطة بالسجاد لاستيعاب أعداد إضافية من المصلين.
وتزامنًا مع تدفق الزوار، تم تفعيل أنظمة الحجز المسبق لزيارة الروضة الشريفة عبر التطبيقات المعتمدة، وذلك بهدف تنظيم الدخول بما يتناسب مع الطاقة الاستيعابية للمكان، كما يتم استخدام الشاشات التوعوية المنتشرة في الساحات لإرشاد الزائرين قبل دخول الروضة، وتوزيع عبوات زمزم عليهم، مع تنظيم المسارات الخاصة بالدخول والخروج، بما يضمن تجربة سلسة وآمنة.
وفي إطار الخدمات الدينية، تستمر وكالة رئاسة الشؤون الدينية في تنفيذ برامجها العلمية والتوعوية داخل المسجد النبوي، عبر الحلقات والخطب التي تُبث باستخدام أكثر من 6060 سماعة صوت تغطي كافة أرجاء المسجد.
وأكدت الجهات المعنية أن جميع هذه الجهود تأتي تنفيذاً لتوجيهات القيادة الرشيدة – أيدها الله – والتي تولي ضيوف الرحمن عناية فائقة، وحرصاً متواصلاً على تسخير كافة الإمكانات والتقنيات الحديثة لخدمتهم، بما يعكس الصورة المشرفة للمملكة في تنظيم مواسم الحج والزيارة.
ويُشرف سمو أمير منطقة المدينة المنورة بشكل مباشر على تنفيذ الخطط الميدانية، ومتابعة حركة الحجاج القادمين عبر الحافلات وقطار الحرمين السريع، وضمان انسيابية الحركة المرورية على طريق الهجرة السريع، واتخاذ الإجراءات الأمنية والوقائية على امتداد الطرق المحورية المؤدية إلى المدينة، خصوصًا طريقي القصيم وتبوك، مرورًا بالمدينة المنورة.
وتعمل الجهات الحكومية والخدمية في تناغم تام خلال هذه المرحلة المهمة، إذ تتكامل جهود الأمن العام، والدفاع المدني، والهلال الأحمر، والمرور، وأمانة المدينة، إضافة إلى القطاعات الصحية، لضمان جاهزية المنشآت، وتوفير الرعاية الصحية الفورية للحجاج، وتقديم الخدمات البلدية والمعيشية، بما في ذلك النظافة، والإعاشة، والتوجيه، والإرشاد.
كما تواصل مراكز التوجيه والإرشاد المكاني عملها في تنظيم حشود الزوار، وتقديم الدعم الميداني، والرد على الاستفسارات، وإرشاد التائهين، بما يحقق راحة الحجاج ويعزز تجربتهم الروحانية في المدينة المنورة.
وتُجسد هذه الاستعدادات روح العناية والرعاية التي توليها المملكة العربية السعودية لضيوف الرحمن، خاصة في المدينة المنورة التي تُعد ثاني أقدس بقاع المسلمين، ومع توافد الحجاج خلال الأيام المقبلة، تواصل المدينة أداء رسالتها الخالدة كمهوى أفئدة المسلمين، وموطن الروحانية والسكينة، عبر منظومة خدمية وتنظيمية شاملة تضمن أداء الزائرين عباداتهم ونسكهم بطمأنينة ويُسر.