من الشاحنات إلى الأبواب...روبوتات أمازون تدخل الخدمة
في تحرك جديد يعكس رؤيتها المستقبلية لعالم الخدمات اللوجستية، بدأت شركة أمازون خطواتها الأولى نحو اختبار روبوتات بشرية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتولي مهمة توصيل الطرود والطلبات إلى منازل العملاء، هذه الخطوة الطموحة تأتي ضمن خطة أوسع لإحداث نقلة نوعية في طريقة تعامل الشركة مع عمليات الشحن، لتصبح أكثر كفاءة وذكاءً، وفقًا لما أفاد به موقع "ذا إنفورميشن" المختص بالتقنية.
المشروع الجديد يعتمد على روبوتات ذات تصميم شبيه بالبشر، يتم نقلها إلى مناطق التسليم داخل شاحنات كهربائية من طراز "ريفيان" Rivian، وهي مركبات طورتها أمازون بالتعاون مع شركة Rivian المتخصصة في صناعة السيارات الكهربائية، وتقوم الروبوتات بالقفز من مؤخرة المركبات لتوصيل الطرود مباشرة إلى عتبات منازل العملاء، في تجربة تحاكي مهام موظفي التوصيل التقليديين، ولكن بوتيرة آلية بالكامل.
إقرأ ايضاً:من الحظر إلى الحماية: كيف تغيّر موقف ترمب من تيك توك؟مراوح وتكييف وأنفاق.. هكذا استعدت منشأة الجمرات لاستقبال الحجاج
داخل أحد مكاتب أمازون في مدينة سان فرانسيسكو، يجري حاليًا تجهيز منشأة تدريب داخلية مخصصة لهذه الروبوتات، وهي منشأة صغيرة بحجم مقهى تقريبًا، لكنها تضم مسارًا يحاكي تحديات التوصيل الواقعية، بما في ذلك شاحنة كهربائية حقيقية تُستخدم لأغراض التدريب العملي، تهدف هذه البيئة التجريبية إلى تهيئة الروبوتات على التعامل مع مختلف السيناريوهات الميدانية قبل الدفع بها إلى الواقع.
أمازون لا تكتفي بهذه الخطوة، بل أعلنت عن تشكيل فريق جديد داخل الشركة يركز على تطوير ما تصفه بتقنيات "الذكاء الاصطناعي العملي"، وهو توجه يسعى إلى تمكين الروبوتات من فهم الأوامر الصوتية الطبيعية والتفاعل معها، الشركة أكدت في بيانها أنها تتجاوز فكرة "الروبوتات الجامدة"، وتركز على بناء أنظمة ذكية قادرة على الاستجابة والتكيف مع التعليمات البشرية داخل مراكز التوزيع والمستودعات.
جدير بالذكر أن أمازون تستخدم بالفعل أنواعًا متعددة من الروبوتات داخل منشآتها، من بينها الروبوت الشهير “Digit” الذي صممته شركة Agility Robotics، وهو روبوت ثنائي الأرجل يشبه الإنسان، قادر على الجلوس داخل الشاحنات وتوصيل الطرود، فضلًا عن أداء مهام لوجستية أخرى، ويُعد "Digit" مثالًا حيًا على كيف يمكن للروبوتات البشرية أن تندمج في بيئة العمل وتؤدي أدوارًا كانت حكرًا على البشر.
التجارب المنتظرة ستشمل كذلك نماذج روبوتية من مصادر مختلفة، منها وحدة إنتاج صينية من تطوير شركة Unitree، يصل سعرها إلى نحو 16 ألف دولار، وتتميز بتصميمها القابل للتخصيص حسب طبيعة المهام، هذه الروبوتات ستخضع لاختبارات مكثفة ضمن منشأة التدريب لتقييم مدى كفاءتها في مهام التوصيل والتفاعل مع البيئات المختلفة.
رغم أن الروبوتات لا تزال في طور الاختبار، فإن تحرك أمازون يعكس رغبة واضحة في أتمتة عمليات التوصيل بالكامل، خاصة بعد استحواذها في عام 2020 على شركة Zoox المتخصصة في المركبات ذاتية القيادة، هذه الصفقة فتحت الباب أمام طموحات الشركة في بناء منظومة توصيل شاملة، تبدأ من مراكز التخزين وتنتهي عند باب العميل، دون الحاجة لتدخل بشري.
وفي ظل اعتماد أمازون اليوم على مئات الآلاف من موظفي التوصيل حول العالم، فإن إدخال الروبوتات البشرية إلى المعادلة قد يُحدث تحولًا كبيرًا في البنية التشغيلية للشركة، وبينما يثير المشروع أسئلة تتعلق بمستقبل الوظائف البشرية، فإنه يقدم في المقابل لمحة عن كيف يمكن أن يبدو عالم التوصيل في المستقبل القريب، حيث تتولى الآلات الذكية المهام اليومية بكفاءة متزايدة.